لسنوات طويلة استخدم الإعلام الإسرائيلي الرسمي، وصحف القطاع الخاص، تعبير "المحليين" في الإشارة إلى فلسطينيي الداخل، خلال سنوات الحكم العسكري، الذي فرض عليهم منذ النكبة وحتى العام 1966، ثم على بقية الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، بما يشمل طبعاً الشطر الشرقي من القدس.
وتعزز وساد استخدام هذا التعبير كلما قتل جنود الاحتلال وعناصر شرطته (حرس الحدود) أو أوقعوا إصابات في صفوف الفلسطينيين. فكانت نشرات الأخبار الإسرائيلية تتحدث عن إصابة أو مقتل "محليين"، إلى أن انتبه الاحتلال ومؤسساته المختلفة إلى أن التعبير، يقر عملياً بأن المحليين هم أصحاب الأرض، وأبناء المكان، فامتنع عن هذا التعبير وصار يستبدله بمقتل عرب أو فلسطينيين أو إرهابيين.
بموازاة ذلك لم ينقطع التفكير والإشارة للعرب في فلسطين التاريخية والتعامل معهم وكأنهم هنود حمر، في محميات طبيعية، خصوصاً في السنوات الأولى من تأسيس دولة الاحتلال على خرائب الشعب الفلسطيني، بعد حشر الفلسطينيين في قراهم وبلداتهم، ومنهم من حجزوا وراء سياج حدد المناطق التي يمكنهم أن يكونوا خلفها، كما كان الحال في النقب حيث رُحّل أهالي النقب وطُردوا من كل النقب الغربي إلى ما وراء منطقة السياج التاريخية التي تبقي العرب البدو في النصف الشرقي من النقب، ووراء سياج الغيتو في المدن الفلسطينية الساحلية: اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا، التي فشل الاحتلال في تطهيرها كلياً من سكانها الأصليين.
مناسبة الحديث عن المحليين والهنود الحمر، هذا الأسبوع، حدثان وقعا في اليوم نفسه، عكسا النظرة الإسرائيلية الاستراتيجية لفلسطينيي الداخل: الأول على لسان ناشط في تنظيم سري يهودي خارج صفوف الحكومة، والثاني، حديث صريح لرئيس الحكومة اليميني المتدين، ولكن بينما وقف إلى جواره وزير "عمالي" يساري.
في الحدث الأول، كشفت القناة 13 عن تنظيم إرهابي يهودي سري خطط لشن عمليات إرهابية وقتل ضد العرب، وأبرز التقرير أحد أعضاء التنظيم وهو يقول: سنصطاد الهنود الحمر. وفي يوم بث التقرير (الاثنين) أطلق رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت تهديده للوجود العربي في النقب بقوله أمام الكاميرات إن حكومته، ستنتقل من الدفاع إلى الهجوم لتثبيت السيادة والحكم في النقب، تحت ستار محاربة عناصر الجريمة. هي نفس النظرة الاستعمارية للفلسطينيين في الداخل، من فشلت في تحويلهم إلى هنود إسرائيل الحمر، فظلوا سكاناً أصليين لا مجرد محليين.