تعمل قوات الجيش المصري على زيادة ارتفاع الجدران الإسمنتية الجديدة التي وضعتها مع بداية الحرب على قطاع غزة، في محاولة منها لمنع أي محاولات للفلسطينيين للنزوح في اتجاه محافظة شمال سيناء، شرقي مصر، في ظل الحديث الإسرائيلي المتزايد عن عملية عسكرية برية في مدينة رفح، تشمل محور فيلادلفيا الفاصل بين غزة وسيناء.
ووفقاً لما جرى رصده خلال الأيام القليلة الماضية، فإن فرقاً هندسية تابعة للقوات المسلحة المصرية، بدأت في وضع أسلاك شائكة أعلى الجدران الإسمنتية التي شيدتها مع بداية الحرب على غزة، وذلك بهدف منع إمكانية نزوح أي فلسطيني باتجاه مصر، من خلال صعود الجدران الإسمنتية، في حال توغل الاحتلال الإسرائيلي باتجاه مدينة رفح الفلسطينية، التي يوجد فيها أكثر من مليون نازح بخلاف سكان المدينة الأصليين.
وقالت مصادر قبلية وشهود عيان لـ"العربي الجديد"، إن قوات الجيش بدأت في وضع الأسلاك الشائكة فوق الجدران الجديدة، لتزيد من العوائق التي تقف في وجه الفلسطينيين في حال فكّر أحدهم بالنزوح إلى مدينة رفح المصرية، في ظل وجود جدار من الأسلاك الشائكة الحديثة المرتبطة بأجهزة مراقبة إلكترونية، تعطي إشارات في حال وجود حالات تسلّل، بالإضافة إلى جدار صخري خلف جدار الأسلاك، فيما أقام الجيش جداراً إسمنتياً مرتفعاً خلف هذه الجدران، ويضع عليها اليوم أسلاكاً شائكة تحول دون صعود أي شخص إليها، والقفز إلى الناحية الأخرى.
وأشارت المصادر إلى أن خلف هذه الجدران، هناك سواتر رملية مرتفعة، جرى العمل على إنشائها مع بداية الحرب أيضاً، وخلف هذه السواتر، تتمركز قوات عسكرية تابعة للجيش المصري، تمنع أي شخص من التحرك إلى عمق الأراضي المصرية، في حال تمكن من تجاوز هذه الجدران الجديدة، فضلاً عن الأبراج العسكرية المنتشرة على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر، والتي تمثل أضعاف الأبراج العسكرية الموجودة بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي يتمركز عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت مصادر مصرية قد رجحت، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "تفرض إسرائيل الأمر الواقع (العملياتي العسكري) في محور فيلادلفيا الذي يمتدّ من أقصى الطرف الجنوبي لقطاع غزة إلى البحر المتوسط على الحدود مع سيناء المصرية، من دون التنسيق مع مصر".
وقالت إن "المسؤولين المصريين يضعون في اعتبارهم هذا السيناريو، ولكن هناك التزاماً بعدم التصعيد في مواجهته، لأن التقديرات الرسمية تؤكد أن التصعيد ليس في صالح مصر وعلاقاتها بإسرائيل، والتي تشمل أكثر من جانب، منها ما هو اقتصادي، ومنها ما هو سياسي، وعسكري، وأمني، و"أميركي"، ولذا فلن تغامر مصر بهذه العلاقة، لا سيما في ظل تصاعد التوتر في المنطقة، وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد".
وبينما نفت مواقع رسمية مصرية، نقلاً عمّا وصفته بمصدر مصري رفيع المستوى "مناقشة مصر أي ترتيبات مع الجانب الإسرائيلي بشأن محور صلاح الدين (فيلادلفيا) الحدودي بين قطاع غزة ومصر"، أفادت إذاعة جيش الاحتلال، نقلاً عن مصادر مطّلعة، بأن "مصر وإسرائيل تقتربان من التوصل إلى تفاهمات بشأن عمل القوات الإسرائيلية عسكرياً في رفح ومحور فيلادلفيا، ووجودها هناك"، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن "هذه التفاهمات ستؤدي إلى نقل جزء من سكّان قطاع غزة إلى مناطق أخرى".
ويشار إلى أن أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني موجودون في مدينة رفح التي يتحدث الاحتلال عن نيته الدخول إليها عسكرياً خلال الفترة المقبلة، ما يشير إلى كارثة إنسانية وصحية ستحلّ بالمنطقة في حال دخلها الاحتلال، وسط تحذيرات من دفع السكان إلى التهجير القسري نحو مصر، من خلال تجاوز الحدود، في ظل نصب النازحين خياماً على بعد أمتار من الجدار الحدودي بين مصر وقطاع غزة.
ويبلغ طول الحدود بين قطاع غزة ومصر 14 كيلومتراً تمتد من شاطئ البحر الأبيض المتوسط، وحتى مثلث كرم أبو سالم جنوباً، ويضم بوابة صلاح الدين التاريخية، وكذلك معبر رفح البري الذي يعمل حالياً على سفر الجرحى والمرضى وأصحاب الجوازات الأجنبية، والتنسيقات المصرية المدفوعة، بالإضافة لإدخال المساعدات الإنسانية، بما يعني أن المعبر يمثل شريان الحياة الوحيد لغزة، وفي حال جرى الدخول لرفح ومحور فيلادلفيا فهذا يعني وقفاً لهذا الشريان.