ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، الأربعاء، نقلاً عمن قالت إنهم "مسؤولون عرب"، أن "خمسة أعضاء على الأقل في جامعة الدول العربية، منهم المغرب والكويت وقطر واليمن، رفضوا عودة سورية إلى المنظمة".
وقالت الصحيفة الأميركية إن المملكة العربية السعودية "تواجه معارضة من بعض الدول العربية، بما في ذلك الحلفاء الرئيسيين، بشأن خطط إخراج رئيس النظام السوري بشار الأسد من عزلته قبل قمة جامعة الدول العربية التي تستضيفها المملكة في مايو/أيار المقبل".
وقال التقرير إنه "حتى مصر، وهي تقليدياً أحد أقرب شركاء المملكة العربية السعودية، أعربت عن تحفظات، على الرغم من اجتماع كبار الدبلوماسيين السوريين والمصريين مؤخراً في القاهرة".
وجاء تقرير "وول ستريت جورنال" عقب تقرير لـ"العربي الجديد"، نشر الثلاثاء، حول وجود معوقات في طريق تطبيع علاقات مصر مع النظام السوري.
وكان المساعد السابق لوزير الخارجية المصري رخا أحمد حسن قال لـ"العربي الجديد" إن "هناك بعض المعوقات في طريق تطبيع العلاقات مع سورية، بسبب معارضة الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية لهذا التطبيع، إلى جانب أن ثلاث دول عربية تتخذ موقفاً حاداً ضد النظام السوري. وهذا الموقف يعوق خطوة عودة سورية إلى جامعة الدول العربية، على الرغم من أن عضوية سورية لم يتم إيقافها بالإجماع في الجامعة العربية، ولكن عند عودتها هناك رغبة في وجود إجماع من الدول الأعضاء".
عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أيمن سلامة يقول إن التقارير الصحافية حول معارضة خمس دول عربية لعودة سورية إلى منظمة جامعة الدول العربية "لا تعدو كونها أنباء صحافية، مثل (تسريبات واشنطن) حول تصدير مصر صواريخ وذخيرة إلى روسيا، التي تم دحضها ثلاثياً من مصر وأميركا وروسيا".
ويضيف سلامة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "أوجه الخلاف والتقاطع المصري مع دول الخليج في الملف السوري موجودة منذ 2013، فمصر كانت لها وجهة نظر مختلفة تماماً".
وردًا على سؤال "لماذا حلحلة العلاقات السعودية السورية الآن؟"، قال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية إنه "على الرغم من عودة العلاقات القنصلية والاتفاق على عودة العلاقات الدبلوماسية مع إيران، إلا أن ما يدعم الزخم في العلاقات السعودية السورية في اللحظة الراهنة حقيقة أن السعودية ترفض وتخشى التدخلات العسكرية الأجنبية من دول التماس الإقليمي في سورية"، وأنه من المؤكد أن المملكة "لا ترحب بموضع الأقدام العسكرية والسياسية، سواء الإيرانية أو التركية... بل وتعارضه دوماً".
وأضاف سلامة أن التقارب مع دمشق "لن يأتي على حساب خشية المملكة، أحد الدول القائدة في المنطقة العربية، من النفوذ العسكري والسياسي لدولتي التماس الإقليمي في سورية وهما إيران وتركيا".
ورجح سلامة أن "يكون الملف السوري قد جاء في أجندة زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا الخميس"، مؤكدًا أن مصر "تدعم الجهود الروسية المتعلقة في الملف السوري".
ويؤكد عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أن "يوم الجمعة سيشهد أهم اجتماع في هذا الملف لمجلس دول التعاون الخليجي من أجل سورية، وسيتفق المؤتمرون على ذات البيان الثنائي المشترك الذي صدر، الأربعاء، في السعودية بشأن زيارة المقداد إلى المملكة".
وبحسب سلامة، فإن "موقف الدول الخليجية سيؤكد على ضرورة الحفاظ على السيادة ودعم الحكومة السورية في مجابهة المليشيات المسلحة والتدخلات العسكرية الأجنبية، في مقابل أن تتعهد الحكومة السورية بتهيئة أنسب الظروف لسياق سياسي مغاير عن السياق الحاصل الآن ومنذ 2011 في سورية"، مشيرًا إلى أن "هذا المطلب ما برحت دول مجلس التعاون الخليجي تطالب به".
وحول تقرير "وول ستريت جورنال" بأن مصر تشكل حجر عثرة تحول دون عودة سورية لعضويتها في جامعة الدول العربية، وربط الموقف المصري بالموقف الخليجي "تمامًا"، يرى سلامة أن "سورية أحد نقاط الخلاف بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي منذ عام 2013، وبعد إقصاء نظام الإخوان المسلمين".
ويقول سلامة إن "الموقف من عودة سورية مختلف بشكل كبير عن مواقف دول الخليج، والدليل أن الرئيس المصري دومًا يشدد على ضرورة الحفاظ على وحدة واستقلال وسيادة الدولة السورية، ودعم جهودها في مكافحة الإرهاب، والتشديد أيضاً على أهمية سورية كدولة في نظام الأمن القومي العربي".
ويشارك وزير الخارجية المصري سامح شكري في الاجتماع التشاوري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق، والمقرر عقده في مدينة جدة السعودية الجمعة، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية المصرية الخميس.
وذكر تقرير "وول ستريت جورنال" أن "الرافضين لعودة دمشق إلى الجامعة العربية يشعرون بالإحباط لأن الأسد لم يتحرك في موقفه، وأنهم يريدون رؤيته يتعامل بشكل هادف مع المعارضة السياسية السورية قبل إعادة قبول دمشق".
وذكرت الصحيفة الأميركية أن "بعض الدول كررت مطالبتها بأن تقبل سورية القوات العربية لحماية اللاجئين العائدين، وقمع تجارة المخدرات المزدهرة، وبذل المزيد لمنع إيران من تعميق وجودها في البلاد"، "لكن المحللين والمسؤولين أثاروا تخوفات حول ما إذا كان بإمكان الأسد تفعيل هذه السياسات، حتى لو أراد ذلك".
ولفت التقرير إلى "العقبات المحتملة التي يواجهها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بينما يتطلع إلى تعديل الخريطة الجيوسياسية للمنطقة، مع ظهور سورية كأحدث قطعة شطرنج في مناورة السياسة الخارجية المستقلة للرياض".
وفي مارس/آذار، وافقت السعودية على إعادة العلاقات مع إيران (أحد الداعمين الرئيسيين للأسد) في صفقة توسطت فيها الصين. وبعد أسابيع قليلة، حثت المملكة الدول الزميلة في "أوبك" على إجراء تخفيضات "طوعية" في إنتاجها النفطي يمكن أن تزيل مليون برميل من النفط الخام يومياً من السوق العالمية.
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن المغرب "يريد أن يرى الأسد ينهي دعمه لجبهة البوليساريو، وهي حركة متمردة تقاتل الرباط من أجل استقلال الصحراء الغربية".
وقالت الصحيفة الأميركية إنه "حتى الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ومقرها الرياض، تراجعت عن حلفائها السعوديين"، مشيرة إلى "دعم سورية للمتمردين الحوثيين".
وأشارت الصحيفة إلى أنه "على الرغم من أن المملكة العربية السعودية وقطر أحرزتا تقدماً في إصلاح العلاقات منذ الخلاف بينهما، إلا أن الدوحة استبعدت علناً التطبيع".
وضمن آخر المواقف، اعتبر رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مقابلة تلفزيونية، بثّت مساء الخميس، أنّ الحديث عن عودة سورية إلى جامعة الدول العربية "تكهّنات"، مشدّداً على أنّ أسباب تعليق عضوية دمشق لا تزال قائمة بالنسبة للدوحة.
وقال المسؤول القطري لـ"تلفزيون قطر" الحكومي: "قرار دولة قطر ألا تتّخذ أي خطوة إذا لم يكن هناك حلّ سياسي للأزمة السورية". وأضاف أنه بالنسبة للدول الأخرى "كلّ دولة لها تقييمها، وهذا قرار سيادي يخصّهم، ولكن دولة قطر هذا موقفها المتمسكة به حتى اليوم، وإلى الآن لا يوجد شيء إلا تكهّنات، ولا شيء واضحاً مطروح على الطاولة".
وجاء تقرير "وول ستريت جورنال" خلال زيارة وزير الخارجية السوري لمدينة جدة السعودية للقاء نظيره السعودي.
وقالت وزارة الخارجية السعودية إن الجانبين ناقشا "الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يحفظ وحدة سورية وأمنها واستقرارها".
ومن المقرر أن تستضيف المملكة، الجمعة، اجتماعا لوزراء خارجية المنطقة لبحث عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية. ويمكن لسورية أن تعود إلى الجامعة، بدعم من أغلبية بسيطة، ولكنها تحتاج إلى إجماع لكي تكون ملزمة لجميع الأعضاء.