شدد وزير الداخلية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي على "أننا لن نسمح بوجودٍ سوريٍّ عشوائيٍّ على الأراضي اللبنانية"، وعلى "أننا نرفض أي مساعدات دولية أو مبالغ مالية لقاء التغاضي عنه، فلبنان ليس للبيع".
يأتي كلام مولوي بعد اجتماع عقده اليوم الأربعاء، مع محافظين بحضور عددٍ من رؤساء البلديات لـ"عرض وتقييم الخطوات المتعلقة بأزمة النزوح السوري في ضوء التعاميم الصادرة عن وزارة الداخلية".
وأكد مولوي أنه "لا يمكن البقاء بحالة التراخي أو التطنيش (التجاهل) للوجود السوري غير القانوني، وسنحاسب البلديات المقصِّرة في أداء دورها وغير الملتزمة تعاميم وزارة الداخلية، والإجراءات الواجب اتخاذها".
ومن أبرز التدابير عدّد وزير الداخلية، عدم تنظيم عقودٍ لسوريين غير شرعيين، لا يملكون أوراقاً قانونية وغير حائزين على إقامة، تحديد أعداد السوريين في الوحدات السكنية، وعدم السماح بأن يكون المبنى السكني مقطوناً بكامله من سوريين، عدم السماح بإقامة أكثر من عائلة واحدة سورية في كل شقة، عدم السماح بإقامة السوريين في ورش البناء قيد الإنجاز وبأعدادٍ كبيرة، وأيضاً عدم السماح بتغيير وجهة استعمال المحال، ولا سيما لغاية سكن السوريين وبأعداد كبيرة.
وشدد الوزير اللبناني على "أننا لن نسمح بالانفلات، ونريد أن نحافظ على هوية لبنان وديمغرافيته، ومستقبله"، مشيراً إلى أنه "على البلديات أن ترفع تقريراً دورياً كل 15 يوماً بالإجراءات التي قامت بها على صعيد قمع المخالفات وإزالة التعديات".
كذلك، توقف مولوي عند تداعيات الوجود السوري "الكثيف والعشوائي، سواء أمنياً أو بيئياً أو اقتصادياً واجتماعياً وديمغرافياً، وعلى البنى التحتية"، مشيراً إلى "أننا لن نقبل بالعمل غير الشرعي، ولن نقبل أن يبقى عمل السوريين متفلتاً، هناك قطاعات تحتاج إلى يد عاملة سورية، مثل البناء والزراعة وجمع النفايات وغيرها، لكن لن نقبل بالتفلت على مستوى جميع القطاعات".
وألمح مولوي إلى خطورة أن يكون أكثرية "الديليفري" من سائقي الدراجات النارية سوريين، وأن يجوبوا الأراضي اللبنانية كلها، والمنازل اللبنانية ويطلعوا على تفاصيل حياة اللبنانيين، وكل بيت من يوجد فيه، مشدداً على أننا "نريد أن نحافظ على بيئتنا وخصوصيتنا وأسرار بيوتنا وعائلاتنا". علماً أن مولوي لم يذكر أي اعتداء قام به سوريون "ديليفري" وعندما حاول ذكر اعتداء حصل، عمد إلى تغيير سياق الجملة، باعتبار أن آخر اعتداء سجل من ديليفري كان على السفارة الأميركية في بيروت ونفذه لبناني.
وأشار مولوي إلى أن "هناك فريقاً في وزارة الداخلية يعمل كخلية نحل بهذا الملف، وهناك تكليفٌ بمسح شامل للوجود السوري، كما بُلِّغ الكتاب العدل بعدم تنظيم أي معاملات لسوريين غير مسجلين وغير حائزين على إقامة".
كذلك أكد "أننا لن نتهاون في المحاسبة، ولن نسكت على أي محاولة لاستباحة لبنان ووجوده وتغيير ديمغرافيته وهويته لقاء أي مبلغ مالي"، غامزاً بشكل أساسي من قناة المخاتير الذين يعطون السوريين إفادات مزورة أو كاذبة، والبلديات التي لم تتخذ إجراءات بعد بحق السوريين غير القانونيين، ولا سيما تلك الحدودية، وكل من يخالف التدابير، كذلك كل من يوظف أو يُسكِن سوريين ليس لهم أوراق قانونية.
ولفت مولوي إلى أن مطلب لبنان "ليس تنظيم الوجود السوري، بل الحدّ منه، وتطبيق خطة العودة ضمن إطار زمني واضح"، مشيراً في معرض ردّه على سؤال حول فتح الحدود البحرية أمام اللاجئين السوريين بأن الموضوع "ليس عندي، والقرار بشأنه ليس من صلاحياتي".
ويشكل ملف اللجوء السوري في لبنان مادة سجال سياسي، وسط خلاف حاد في طريقة مقاربته، وصراع بين الوزراء على الصلاحيات وكيفية إدارته، في حين يحاول المسؤولون اللبنانيون استغلال هذه القضية للنأي بنفسهم عن الأزمة الاقتصادية وتحميلها للاجئين السوريين، علماً أن السلطات اللبنانية تلقت الكثير من المساعدات المالية لقاء استضافتهم.
وتكثف الأجهزة الأمنية اللبنانية من حملات توقيف وترحيل اللاجئين والمتسلّلين بطرق غير شرعية إلى الأراضي اللبنانية، والتي حذّرت منظمات لبنانية ودولية من انتهاكها من مبدأ عدم الإعادة القسرية، وتعريض مئات السوريين لخطر الاضطهاد أو التعذيب.
وطغت بعض العنصرية على قرارات اتخذتها بلديات بحق السوريين منها منع تجوالهم ليلاً، وذلك يترافق أيضاً مع خطاب سياسي تحريضي ضد السوريين، ينعكس في الشارع اللبناني الذي تخرج منه دعوات لطرد اللاجئين بعدما بات عددهم يتجاوز المليونين.
طغت بعض العنصرية على قرارات اتخذتها بلديات بحق السوريين منها منع تجوالهم ليلاً
وحاول رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي خلال لقاءاته ضمن اجتماعات الدورة السنوية الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حصد دعم المجتمع الدولي لمساعدة بلاده على معالجة أزمة اللجوء، ولا سيما "المستجدّ غير الشرعي" الذي برز في الفترة الأخيرة، من بوابة الحدود المتفلّتة، وذلك على وقع توسّع رقعة الاحتجاجات في سورية المناهضة للنظام، واستغلال المهرّبين لأوضاع اللاجئين الذين تتقطّع بهم السبل ويتعرّضون للابتزاز.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، أصدرت الحكومة اللبنانية، قرارات في ملف اللجوء السوري المستجدّ عبر نقاط عبور غير شرعية، ووزعت من خلالها الأدوار على الوزارات المعنيّة، وُصِف بعضها بغير القانوني والتحريضي، ولا سيما أن ضمنها تكليف لوزارة الإعلام، إطلاق حملات توعية من مخاطر اللجوء على المجتمعين اللبناني والسوري.
وتقرّر وقتها تشكيل وفد وزاري لبناني إلى سورية برئاسة وزير الخارجية والمغتربين، عبد الله بو حبيب، بيد أن هناك خلافات لا تزال عالقة بهذا السياق، في ظل سوء تنسيق لبناني حياله، في حين تحدثت معلومات عن أن المدير العام للأمن العام بالإنابة الياس البيسري زار سورية وبحث مع مسؤولين في النظام السوري ملف اللجوء وخصوصاً المستجدّ، بيد أن زيارة بو حبيب لم تتحدّد بعد.