عبّر محامون تونسيون، اليوم الخميس، في يوم غضب عن استنكارهم لما آلت اليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة المحاكمات المتواترة لعديد المحامين والإعلاميين والشخصيات، والتضييق الممنهج على الحريات.
جاء ذلك في وقفة احتجاجية انتظمت بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، حضرها المحامون وعمداء سابقون، وشخصيات وطنية.
وأكد عميد المحامين، حاتم المزيو، في كلمة له أن "المحاماة التونسية ستواصل النضال في ظل انتهاك الحقوق والحريات"، مبينا أن "رسالتهم إلى السلطة هي الاستماع إليهم والإنصات إلى كافة المنظمات، وتحسين الأوضاع، فلا يمكن الصمت على دستور لا يضمن الحريات ولا على قانون انتخابي تسبب في عزوف التونسيين".
وبيّن المزيو أنه "لا حياة سياسية دون أحزاب، ولكن على الأحزاب أيضا أن تقوم بمراجعات وإصلاحات لأن المواطن فقد الثقة في الجميع"، مؤكدا أن "هناك استهدافا ممنهجا لعدد من المحامين والإعلاميين ولعديد الأشخاص من خلال المرسوم 54 الذي يضرب الحريات".
وأضاف عميد المحامين أن "تونس تتسع للجميع، ولا بد من أن يستمع رئيس الجمهورية للشعب ولكافة المنظمات"، مشيراً إلى أن "تونس في أزمة خانقة، وأن التضخم المرتفع سيكون على حساب المواطنين وعلى حساب العدالة التي تعاني منذ فترة الاستقلال، ومازالت تعاني إلى اليوم".
ولفت إلى أن "قانون المالية لهذه السنة جله إجراءات جبائية تعسفية وسيتسبب في تفقير الفئات الشعبية"، مبينا أن "النفاذ إلى المحاكم والعدالة سيكون صعبا وسيكون حكرا على الأثرياء، لأن الطبقات الشعبية ستهتم بالقوت، ما يعني التسليم في الحقوق".
إلى ذلك، قال مزيو في تصريح لـ"العربي الجديد " إن الشعب التونسي كان يأمل خلال 25 يوليو تغيير واقعه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ولكن حصل بطء كبير في الإصلاح والتغيير، وفي مقاومة الفساد، بل حصلت ارتدادات في الحقوق والحريات"، مضيفا أن "هذا المسار لا يمكن أن يتواصل في ضرب الحريات".
وأضاف أن هناك "عدة تشريعات وقوانين قادرة على مواجهة التجاوزات، ولا يوجد أي داع لمراسيم جديدة"، مؤكدا أن الإحالات في الفترة الأخيرة تتم بالجملة لمحامين وإعلاميين، ولا بد للقضاء أن يلعب دوره وكذلك المحاماة، في حماية الحقوق والحريات".
ولفت عميد المحامين إلى أن "الهيئة الوطنية للمحامين ستتقدم بمبادرة للحوار الوطني، وهذه المبادرة لا تزال في المشاورات مع اتحاد الشغل ورابطة حقوق الإنسان وغيرها، وستكون فيها العديد من الحلول وهي مبادرة إصلاح شاملة للوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي".
وأضاف أنه سيتم تقديم المبادرة إلى رئيس الجمهورية كمؤسسة دستورية، وهي مبادرة ليست ضد النظام بل من أجل الإصلاح"، مؤكدا أنها "لن تشمل الأحزاب في هذه المرحلة، نظرا لصعوبة تجميعها ولخلافاتها ولأنه ينبغي عليها أيضا القيام بعدة إصلاحات"، مبينا أن "هذا لا يعني أنهم ضد الأحزاب، ولكن عليها أن ترتقي بأدائها".
من جانبه، أكد عضو مجلس الهيئة الوطنية للمحامين، حبيب بن صميدة، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه "أمام المرسوم 54 الضارب للحريات، ونتائج الانتخابات التشريعية الهزيلة وعزوف المواطنين وفقدان الثقة، كان لا بد للمحاماة من وقفة تأمل، والإعلان عن مبادرة تضم جملة من الإصلاحات لتحسين الوضع".
وعبّر بن صميدة عن "أمله في أن تستجيب رئاسة الجمهورية لهذه المبادرة وتتفاعل معها إيجابيا"، مشيرا إلى أن "الوضع يتطلب منهم تحمل المسؤولية والوقوف وقفة حازمة للخروج من الأزمة".
وتابع أن "قانون المالية كان النقطة التي أفاضت الكأس"، مؤكدا أنه "لا مجال لحكم الفرد بل دولة تشاركية وديمقراطية".
لحوار شامل يضم الأحزاب السياسية
وفي المقابل، يرى السياسي والمحامي غازي الشواشي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن" المبادرة إن استثنت الأحزاب لا يمكنها الذهاب بعيدا، فالاقتصار على المنظمات الوطنية غير مجد، برغم أن هذه المنظمات كانت راعية للحوار الوطني في السابق، ولعبت دورا مهما، ولكن كانت راعية لحوار بين الأحزاب السياسية".
وأضاف الشواشي: "وبالتالي إن أرادت لعب دورها التاريخي وإعادة الكرة فلا بد من حوار وطني شامل ويضم الأحزاب السياسية، لأنه لا يمكن تهميش الأحزاب والفاعلين وإلا ستفشل المبادرة".