وجاء حزب "العدالة والتنمية" في المرتبة الثالثة، بحصوله على 5021 مقعداً من بين أكثر من 31 ألف مقعد، بعد حزب "الأصالة والمعاصرة" الذي احتلّ المرتبة الأولى بحصوله على 6655 مقعداً، وحزب "الاستقلال" الذي جاء في المرتبة الثانية، بحصوله على 5106 مقاعد. بينما جاء حزب "التجمع الوطني للأحرار"، في المرتبة الرابعة بحصوله على 4408 مقاعد.
وبمقارنة هذه النتائج التي حقّقتها الأحزاب الرئيسية في الانتخابات المحلية التي جرت يوم الجمعة في 4 سبتمبر/أيلول الحالي، يبدو جلياً أن حزب "العدالة والتنمية" هو الفائز الرئيسي في هذا الاقتراع، باعتبار أنّه حقق في الانتخابات المحلية في عام 2009 المرتبة السادسة بنسبة لم تتجاوز حينها 4 في المائة من مجموع المقاعد، مقابل 18 في المائة في هذه الانتخابات.
وبلغّة المقاعد، فإنه تبعاً لنتائج الانتخابات المحلية والمناطقية في المغرب، فإن حزب "العدالة والتنمية" ضاعف عدد مقاعده أربع مرات بحصوله على 5021 مقعداً، مقابل 1200 مقعد في عام 2009.
ويكمن فوز "العدالة والتنمية" في الانتخابات المحلية لهذا العام، على الرغم من تبوّئه المرتبة الثالثة، في كونه اكتسح العديد من المدن الكبرى بأغلبية مريحة، حتى إنّه يمكنه أن لا يلجأ إلى أية تحالفات مع أحزاب أخرى، وباستطاعته أن يُسيّر مجالس هذه المدن، ويحصل على عمادتها أيضاً. وهيْمَن "العدالة والتنمية"، ذو المرجعية الإسلامية، على مقاعد الجماعات والمقاطعات المحلية في مدن كبرى، كالرباط العاصمة، والدار البيضاء، وطنجة، وفاس، ومراكش، والقنيطرة، وأغادير، فيما فاز "الأصالة والمعاصرة" في مدن أخرى، مثل وجدة والحسيمة.
وكان لافتاً، إزاحة مرشحي حزب "العدالة والتنمية" شخصيات وازنة من أحزاب منافسة في معاقلها التاريخية. فقد تلقّى حزب "الاستقلال" هزيمة في عقر داره، في مدينة فاس، والتي كانت على مدار العقود الماضية، معقلاً لهذا الحزب التاريخي والعريق. وتمكّن "العدالة والتنمية" من هزيمة خصمه، الأمين العام لحزب "الاستقلال"، حميد شباط، داخل مدينة فاس، إذ اكتسح أغلب مقاعد مقاطعات مدينة فاس. كذلك هزم الأمين العام لحزب "الاتحاد الدستوري"، محمد ساجد، وعمدة مدينة الدار البيضاء، والأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة"، مصطفى باكوري، والذي ترشح في مدينة المحمدية.
اقرأ أيضاً "الأصالة" أول و"الاستقلال" ثانٍ في انتخابات المغرب
وتحت وطأة الصدمة التي تعرّضت لها بعض أحزاب المعارضة، خرج قياديون من حزب "الاتحاد الاشتراكي"، والذي كان أحد أكبر الخاسرين في الانتخابات المحلية التي جرت في المملكة، للحديث عن إمكانية الطعن القانوني في نزاهة وشفافية هذه الانتخابات، نظراً إلى ما اعتبروه، "الحياد السلبي" للسلطات، والخروقات التي شابت عملية الاقتراع. وفاقت نسبة المشاركة في انتخابات يوم الجمعة الماضي، بنسبة قليلة، عمّا سجلته انتخابات 2009، إذ بلغت نسبة المقترعين 53.67 في المائة، مقابل 52.4 في المائة قبل ست سنوات، فيما تم تسجيل إقبال كبير على التصويت في مناطق الصحراء والأرياف، خلافاً للمدن والمراكز الأخرى.
وتظهر نتائج المشاركة في الانتخابات في بعض مناطق الصحراء والجنوب، إقبال الناخبين الكثيف، وهي عادة تميّزت بها مدن الصحراء في محطات انتخابية سابقة. فقد حققت منطقة آسا الزاك، نسبة 79 في المائة، وأوسرد نسبة 79 في المائة، ووادي الذهب نسبة 52 في المائة. أمّا في المدن الكبرى، فلم تتجاوز نسبة المشاركة، في أحسن الأحوال، نسبة 50 في المائة. فقد بلغت نسبة المقترعين في مدينة الدار البيضاء، أكبر المراكز الحضرية في المملكة 41 في المائة، ومراكش، 47.6 في المائة، ومنطقة الشرق، 48.16 في المائة، وطنجة 40 في المائة.
والملاحظ في قراءة النتائج شبه النهائية للانتخابات المحلية والمناطقية في البلاد، أنّ أحزاب "الاستقلال" و"الحركة الشعبية" خصوصاً، استطاعت الحفاظ على معاقلها في مدن ومناطق الصحراء. في موازاة ذلك استطاع "العدالة والتنمية" التمدّد حتى في عدد من المناطق القروية النائية، والتي كانت إلى وقت قريب من معاقل أحزاب سياسية أخرى. ومن مؤشرات تمدّد "العدالة والتنمية" داخل البوادي والأرياف، والتي كانت أحزاب "الاستقلال" و"الحركة الشعبية" تعتبرها معاقلها الرئيسية، أنّ حزب "المصباح" حصل على سبيل المثال، على أغلبية مريحة داخل جماعة "تنانت" في إقليم أزيلال، وهي منطقة قروية ومهمشة. كذلك فاز بأغلبية المقاعد في عدد من القرى والأرياف في ضواحي مدينة القنيطرة.
وتخلص الانتخابات المحلية والمناطقية في المغرب، إلى نقاط عدّة لصالح "العدالة والتنمية". فقد أسفرت هذه الانتخابات عن تقاطب سياسي في البلاد، خصوصاً بين حزبي "العدالة والتنمية" و"الأصالة والمعاصرة"، وثانياً، تراجع مدوٍ طاول أحزاب اليسار التقليدي، وهزيمة كبيرة لحزب "الاستقلال" العريق داخل معاقله، ثم اكتساح "العدالة والتنمية" لأكبر المدن في البلاد، وتمدّده داخل المناطق النائية وحتى الطبقات البورجوازية، كبعض المقاطعات الثريّة في مراكش.
اقرأ أيضاً رهانات الانتخابات المغربية: وجوه شبابية تنهي عهد النُخب المحلية