تهجير ما تبقى من حلب بإشراف مجلس الأمن الدولي

أحمد حمزة

avata
أحمد حمزة
20 ديسمبر 2016
C0FE7AE8-F461-43DB-8EFD-A25AA0895721
+ الخط -


انتظر المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن الدولي انتهاء مجزرة حلب، ووصول تهجيرها إلى مستويات متقدّمة، ليقرر إرسال مراقبين يُرجح أن يتأخر وصولهم أسابيع بعد إتمام الإجراءات الإدارية التنظيمية، وهو ما يعني أن عملية تهجير حلب ستكون قد انتهت، وذلك بعدما كانت روسيا عرقلت إصدار قرار لإرسال مراقبين عدة مرات، مهددة باستخدام الفيتو ضده. بناءً عليه، أمكن اعتبار أن التهجير المتواصل، والذي شمل 20 ألف سوري، حتى مساء أمس، في الشهباء، سيصبح برعاية مجلس الأمن الدولي في ظل وجود مراقبين من قبله، وهو ما يمكن أن يعطي شرعية للجريمة. لكن لا يزال بعضهم يأمل أن يمنح القرار، في حال تطبيقه، أملاً ولو ضئيلاً، بإمكان تفادي حصول عمليات تهجير ومجازر جديدة قد يسعى لها النظام السوري وحلفاؤه في مدن جديدة.

ولم تتأخر موسكو لمحاولة استغلال الأوضاع المستجدة مع تهجير حلب لصالحها، إذ دعا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في اتصال بنظيره الإيراني، حسن روحاني أمس، "لإطلاق عملية سياسية حقيقية لسورية بأسرع ما يمكن". يأتي ذلك قبل اجتماع ثلاثي روسي إيراني تركي يُعقد في موسكو، اليوم الثلاثاء، لبحث تسوية للصراع السوري، وسط تحذير المعارضة من تغييبها عن أي مفاوضات للتوصل إلى حل. بينما تسارعت وتيرة تنفيذ "اتفاق التهجير" لآخر أربعين ألف مدني من حلب أمس الإثنين.

وتبنّى مجلس الأمن الدولي بالإجماع أمس القرار رقم 2328 حول نشر مراقبين دوليين في حلب. ويطلب القرار من الأمم المتحدة أن تضطلع بالمراقبة المباشرة لعمليات الإجلاء من الأحياء الشرقية في حلب والأحياء الأخرى من المدينة، كما يطلب منها أن تكفل زيادة نشر الموظفين لهذه الأغراض بحسب الحاجة، ويطالب جميع الأطراف بأن تتيح لهؤلاء المراقبين الوصول الآمن والفوري ودون عائق. كما يطالب القرار الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بالعودة إلى المجلس خلال 5 أيام لتقديم تقريره حول تعاون الأطراف المعنية على الأرض حول القرار. ويشمل إعادة توزيع الموظفين الدوليين للإشراف والمراقبة ويعطي الأمم المتحدة إمكانية العمل بشكل مباشر، بالتنسيق وموافقة الأطراف المعنية على الأرض، على عمليات إخلاء المناطق المحاصرة كما مراقبة وضع المدنيين. ويؤكد القرار أن "عمليات الإجلاء يجب أن تجري وفقاً للقانون الدولي والإنساني ومبادئه وأن تكون طوعية وإلى وجهات نهائية يختارونها، وأنه يجب توفير الحماية لجميع المدنيين الذين يختارون الإجلاء أو الذين اضطروا إليه ولأولئك الذين يختارون البقاء في منازلهم".

وبدا واضحاً أن هذا القرار جاء متأخراً، إذ اعتبر سفير النظام السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري تعليقاً على القرار أمس، أن "آخر الإرهابيين" في بعض الأحياء في شرق حلب يخلون معاقلهم وأن "حلب ستصبح نظيفة هذا المساء". ورأى أن القرار "جزء آخر من الدعاية المتواصلة ضد سورية وحربها على الإرهابيين". في المقابل، رحب الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بتبنّي القرار، معتبراً أنه "يجب أن يتيح الاحترام الكامل للقانون الدولي الإنساني في سورية بعد كثير من مناورات المماطلة والعرقلة". وقال في بيان، إن هذا القرار "يجب أن يفتح الطريق أيضاً أمام وقف لإطلاق النار وإجراء مفاوضات حول حل سياسي، وهما أمران ينتظرهما الشعب السوري بفارغ الصبر مع كامل المجموعة الدولية". من جهته، طالب وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إيرولت، "جميع الأطراف، خصوصاً النظام وأنصاره إلى التحلي بالمسؤولية كي يتسنى تنفيذ هذا القرار من دون إبطاء وتطبيق وقف دائم لإطلاق النار في أنحاء البلاد".

تبنّي القرار الأممي جاء قبل يوم من اجتماع ثلاثي يُعقد اليوم في موسكو حول سورية، بمشاركة وزراء خارجية روسيا، سيرغي لافروف، وإيران، محمد جواد ظريف، وتركيا مولود جاويش أوغلو، إضافة إلى وزراء دفاع البلدان الثلاثة. وقال لافروف، حول الاجتماع الثلاثي أمس: "سننخرط في مفاوضات مفصلة ومحددة مع القادرين على تحسين الوضع في سورية"، معتبراً في تصريح صحافي، أن "الدول الغربية غالباً ما تمارس الخطابة والدعاية في ما يتعلق بسورية، لذا لا فائدة في التعاون معهم". وكان جاويش أوغلو، أكد خلال تصريحات صحافية، مشاركة بلاده في المحادثات الثلاثية لبحث الوضع السوري، مشيراً إلى أنه من الضروري حضور المعارضة السورية الحقيقية والمؤثرة في أي مفاوضات مقبلة.


ويقول عضو الأمانة المركزية في المجلس الوطني السوري عبدالرحمن الحاج، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المعارضة السورية تعرضت دون شك لدرس قاسٍ في حلب"، مبدياً تخوفه من "فكرة تجميع الفصائل العسكرية في إدلب، التي ربما تكون المسرح المقبل لأشرس عمليات القصف الجوي، بحجة وجود جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) التي تعتبر إدلب منطقة نفوذها الأوسع في سورية". ويضيف المعارض السوري الذي يتحدر من مدينة حلب، أن "هناك خيبة أمل بشكل عام عند المعارضة السورية من المجتمع الدولي الذي عجز عن ردع روسيا وإيران والنظام، ولم يقدّم أي موقف صارم لمساندة الشعب السوري في اللحظات الحرجة".

وحول أفق الحل السياسي في سورية، يشير الحاج إلى وجود "انسداد في أفق محادثات جنيف كما نعلم، ولا شك أن تركيا قلقة من استمرار الحرب على هذا النحو، خصوصاً أنها تخشى من توسيع إيران لنفوذها في سورية فضلاً عن تخوفاتها في ما يتعلق بالقوى الكردية شمال سورية، وهي لا تريد أن تكون خارج أي تفاهمات سياسية حول سورية، ولذا فإن مقتضيات أمنها القومي حضور اجتماعات موسكو، كما أن الحضور التركي مهم بالنسبة للمعارضة السورية".
ويختم المعارض السوري حديثه بالقول، إنه "على الرغم من صعوبة التكهن بنتائج ما سيتمخض عنه الاجتماع الثلاثي نظراً للوضع المعقد حالياً، ولكن في حال توصل الإيرانيون والروس والأتراك لتفاهمات أولية حول المفاوضات التي قال الروس، إنها ستجري في كازاخستان، فإن فرصة هذه المفاوضات بالنجاح لن تُنضج أي حل إذا غابت المعارضة الرئيسية المتمثلة في الهيئة العليا للمفاوضات والفصائل العسكرية الرئيسية الفاعلة على الأرض".

تزامن ذلك مع مواصلة تطبيق اتفاق التهجير أمس بعد عراقيل مليشيوية سورية وإيرانية ولبنانية علقت العمل به مراراً. ومنذ صباح أمس حتى ساعات المساء، تقاطرت عشرات الحافلات التي حملت آلاف المدنيين المهجرين من سكان أحياء مدينة حلب الشرقية، إلى بداية مناطق سيطرة المعارضة في نقطة الراشدين في ريف حلب الغربي (المتصل بمحافظة إدلب)، فيما كانت حافلاتٍ أخرى قد بدأت صباحاً بنقل عشرات الأشخاص من بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب، إلى مناطق سيطرة النظام في حلب، وهو ما يؤشر إلى قرب إتمام أولى المراحل الثلاث، التي نص عليها "اتفاق تهجير" كامل المدنيين ومقاتلي المعارضة من مناطق سكنهم ضمن مدينة حلب.

ومن المفترض أن ينتهي إتمام المرحلة الأولى قبل صباح اليوم الثلاثاء، والتي يغادر فيها نصف السكان المحاصرين (عددهم الكلي يقارب الأربعين ألفاً) إلى ريف المحافظة الغربي وإدلب، مقابل سماح فصائل المعارضة بخروج 1250 شخصاً من كفريا والفوعة، فإن إتمام المرحلتين المتبقيتين من الاتفاق، والتي من المتوقع أن تستمر لأيام، يتوقف على سلاسة سير عمليات الإجلاء. وفي حال سارت مراحل تنفيذ الاتفاق، خلال اليوم الثلاثاء، من دون تعرضها لانتكاسات إضافية، فسيتم إخلاء 1250 شخصاً من كفريا والفوعة في المرحلة الثانية، التي ستُخلى فيها آخر أحياء سيطرة المعارضة في مدينة حلب من آخر المدنيين والمقاتلين، على أن يخرج في المرحلة الثالثة والأخيرة 1500 شخص من البلدتين المواليتين للنظام في ريف إدلب نحو مناطق سيطرته في حلب، ومثلهم من مضايا والزبداني التي تسيطر عليها المعارضة السورية في ريف دمشق نحو محافظة إدلب.

واستمرت عمليات الإجلاء، يوم أمس، بوتيرة متسارعة، إذ خرجت عشر حافلات تُقل نحو 500 شخص من بلدتي كفريا والفوعة، نحو مناطق سيطرة النظام في حلب. بينما أكد مدير "مركز حلب الإعلامي" يوسف صديق لـ"العربي الجديد"، أن العدد الذي وصل إلى ريف حلب الغربي، خلال ساعات الليل وقبل ظهر الإثنين، هو 51 حافلة في أربع قوافل، تضم مئات المدنيين بينهم عدد من الجرحى. فيما تواصلت العمليات التي يحضر لتنفيذها الهلال الأحمر السوري ومنظمة الصليب الأحمر لاحقاً، مع وصول حافلات جديدة من حي السكري نحو منطقة الراشدين غربي حلب. ووصفت كايزي هاريتي، من منظمة "ميرسي كور" غير الحكومية التي تستقبل مدنيين يتم إجلاؤهم من حلب، وضع "الأشخاص الذين نستقبلهم عاشوا جحيماً"، كما نقلت عنها وكالة "فرانس برس". وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قد كتب، في تغريدة له في حسابه على "تويتر"، بأنه قد "تم إجلاء 20 ألف مدني في المجمل من شرقي حلب" باتجاه إدلب وريف حلب الغربي.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة