بعد إعلان الحكومة التونسية عن موعد الحوار الوطني حول التشغيل يومي 9 و10 مارس/ آذار المقبل، عبرت العديد من الأطراف السياسية لـ"العربي الجديد" عن تصوراتها لهذا الحوار، الذي طرح بعد موجة من الاحتجاجات الاجتماعية اكتسحت غالبية المحافظات التونسية.
اقرأ أيضاً: تونس: إقبال آلاف العاطلين على حملة للتجنيد
وأعلنت رئاسة الحكومة في وقت سابق عن انطلاق الإعداد للحوار الوطني حول التشغيل الذي ينعقد تحت إشراف رئاسة الحكومة، وبمشاركة مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية، إضافة إلى مجموعة من أهل الخبرة والاختصاص، بحثاً عن حلول جذرية يمكن أن تحقق أهم استحقاقات الثورة التونسية، وهو التشغيل.
وقال المستشار لدى رئيس الحكومة ورئيس مجلس التحاليل الاقتصادية توفيق الراجحي، في تصريح صحافي إنّ "رئاسة الحكومة مصرّة على تنظيم الحوار الوطني للتشغيل يومي 9 و10 مارس/ آذار المقبل"، مؤكّداً أنّ "الإعداد لهذا الحوار انطلق منذ فترة".
وأكّد الراجحي أنّ 8 محاور كبرى سيتم مناقشتها خلال هذا الحوار الذي يتطرّق أساساً إلى مسائل التشغيل بالوظيفة العمومية، والتشغيل في القطاع الخاص، والتشغيل بالخارج، والدفع نحو المبادرات الخاصة والتشغيل الهش.
وأوضح الراجحي أنّه سينبثق عن الحوار "ميثاق وطني للتشغيل"، يتم بمقتضاه تفعيل حزمة من الإجراءات العاجلة، بعضها جرى بالفعل البدء في تفعيله، إضافة إلى الانطلاق في الإعداد لاستراتيجية تشغيل.
وقال نائب رئيس حراك "تونس الإرادة"، عضو مجلس نواب الشعب، عماد الدايمي، لـ"العربي الجديد" إنهم "تلقوا بارتياح كبير خبر تنظيم الحوار الوطني للتشغيل في الفترة القريبة المقبلة، وهو مطلب ملح، سبق أن دعونا الحكومة والرباعي الراعي للحوار في جلسة التكريم بمجلس النواب إلى إطلاقه، ليتناول قضايا اقتصادية واجتماعية هامة".
وأضاف الدايمي أن "هذه الدعوة تصب في الاتجاه الصحيح بوضع ملف التشغيل كأولوية"، مؤكداً أن حزبه "يشارك في هذا الحوار عبر اقتراحات وتصورات". كما أعرب عن أمله في أن "يكون هذا الحوار نقطة انطلاق من أجل إنقاذ البلاد من الأزمات التي تعصف بها". ودعا الحكومة إلى "الإسراع في تحديد موعد لحوار وطني حول وضع استراتيجيا وطنية لمكافحة الإرهاب، وآخر لمكافحة الفساد، الذي سيكون مدخلاً لفتح آفاق التشغيل".
من جهته، أكد الأمين العام لحزب التحالف الديمقراطي محمد الحامدي حرصهم على "مساندة الحكومة في إجراء حوار وطني للتشغيل باعتباره مطلباً شعبياً". لكنه أعرب عن اعتقاده بأن "الحوار يجب أن يرتكز على محاور مرتبطة بالتشغيل كالتنمية والوضع الاجتماعي والاقتصادي والإصلاح الجبائي، اذ لا يمكن إجراء حوار حول التشغيل دون التطرق إلى هذه المواضيع وإيجاد حلول لها".
ورأى أنه "بالنسبة لنا، ليس المهم إجراء الحوار، بل الأهم هو الالتزام بالتوصيات والاقتراحات التي تنبثق عنه، حتى لا يكون هذا الحوار مهرجاناً خطابياً للسياسيين والأطراف المشاركة، وبالتالي يكون شكلياً دون جدوى".
وخلص الحامدي إلى القول إن "المشكلة الحقيقية في تفاقم ظاهرة البطالة في تونس أننا نعيد نفس منهج التنمية الذي وضعه الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وأول خطوة لإنجاح هذا الحوار هو التحدث عن تغيير هذا المنهج بآخر يتماشى مع تحديات المرحلة".
بدوره، رأى النائب في مجلس نواب الشعب أحمد السعيدي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه "لإنجاح الحوار، يجب مصارحة الشعب والشباب خصوصاً، بالحقائق الاقتصادية، وهي أن الدولة حالياً لا يمكنها توفير مواطن شغل في الوظيفة العمومية، التي تشكو بدورها من كثرة عدد الموظفين، مقارنة بعدد السكان في تونس". وأضاف أن "المطلوب حالياً هو تعويل الشباب على أنفسهم في إنشاء مشاريع خاصة بهم وبتسهيلات من الدولة".
كما أكّد النائب حسونة الناصفي، في حديث لـ"العربي الجديد"، مساندته للحكومة في إجراء هذا الحوار حول التشغيل في أقرب فرصة، لكنه أضاف أن "آليات التشغيل الموجودة حالياً لم تعد صالحة، ومن هنا يجب الانطلاق في الحوار". وأوضح أن "الحل يكمن في تشجيع القطاع الخاص وإنشاء مشاريع خاصة، لكن يجب على الدولة تسهيل الإجراءات والتخلي عن عقلية البيروقراطية التي تساهم في تعطيل مثل هذه المشاريع".
من جهة ثانية، دعا الناصفي إلى "إشراك وزارة التربية في هذا الحوار، لأنه من الضروري إعادة النظر في منظومة التكوين المهني التي بإمكانها استيعاب العديد من مواطن الشغل، لأن تونس تشكو نقصاً في الكفاءات المتخصصة في التكوين المهني".
وشدّد حزب "تونس الإرادة" في آخر بيان له على إعادة الاعتبار لمطلب التشغيل كأولوية وطنية قصوى، وللشفافية في الانتدابات والقضاء على المحسوبية والممارسات الفاسدة التي تضاعف من إحباط الشباب وتوجهه نحو الحلول اليائسة.
ودعا الحزب إلى الاتفاق على خطة وطنية للتشغيل تسخر لها مختلف إمكانات الدولة، بما في ذلك الأملاك المصادرة.
كما طالب بضرورة عقد مؤتمر وطني للإنقاذ تشارك فيه جميع القوى الوطنية، يعيد الأولوية للموضوع الاجتماعي، في ظل عجز الائتلاف البرلماني وحكومته عن التقدّم بالبلاد نحو أفق يحلّ مشاكلها الأكثر استعجالاً وحيوياً، بحسب ما جاء في البيان.
في المقابل، رأى رئيس الاتحاد الوطني الحر (ائتلاف حاكم) سليم الرياحي، أن مبادرة تنظيم حوار وطني ليست حلاً عملياً لوقف الاحتجاجات.
وقال خلال لقائه مع رئيس الحكومة الحبيب الصيد إنه من الأفضل حل الإشكالية العقارية والمالية التي تعرقل بعض المشاريع لتوفير مواطن الشغل.
وتشهد تونس منذ شهر يناير/كانون الثاني الماضي سلسلة من الاحتجاجات الاجتماعية في عدة مناطق من البلاد للمطالبة بالتشغيل والتنمية. وارتفع معدل البطالة في تونس إلى 15.3 في المئة عام 2015، مقارنة مع 12 في المئة عام 2010، بسبب ضعف النمو وتراجع الاستثمارات، إضافة إلى ارتفاع أعداد خريجي الجامعات الذين يشكلون ثلث العاطلين في تونس.