قبيل ساعات قليلة من انعقاد اجتماع بين مسؤولين أتراك وآخرين من الاتحاد الأوروبي، اليوم الخميس، لمناقشة أزمة الهجرة واللجوء، وجه سياسيون غربيون انتقادات للقمة الأوروبية التركية حول المهاجرين واللاجئين، معتبرين أنها قمة المُتاجَرات والصفقات، ولعل أكثرَهُم انتقاداً هو الفرنسي الألماني كوهن بنديت، الذي عاب على فرنسا تشدُّدَها رغم أنها لم تَقُم بواجبها كما يجب، في استقبال اللاجئين.
كما أن كثيراً من الصحف لم تغب عليها حقيقةُ الأمور رغم الادعاء بأن القمة تخص المهاجرين. وهذا ما جعل موقع ميديا بارت يتحدث عن رغبة دول الاتحاد "في تمتين هذا الاتفاق" لحماية حدود دولها، في حين أن ليبراسيون رأت في الأمر: "مأساة بشرية أصبحت موضوعا للمساومات"، بعد أن تم الاتفاق على "لاجئ مقابل مهاجر"، من أجل وقف تدفق المهاجرين.
هذا الموقف الأوربي المتشدد دفع الكاتب الفرنسي كاميل دي توليدو لوصف القارة العجوز بأنها "تغرق في الظلام"، في حين أن الكاتب الفرنسي أوليفيي غويز يلخص الأمر بأنه يشبه حالة "عُجول وتائهون ينظرون إلى قطار الزمن".
ولكن ألمانيا استطاعت إقناع دول الاتحاد بالاستجابة للطلب التركي، وبالتالي سينتهي العمل بنظام التأشيرة في نهاية شهر حزيران/يونيو 2016، مع شرط تحقق بروكسل من احترام الأتراك لكل المعايير الضرورية، وسيخضع القرار الأوروبي الجديد لموافقة مجموع دول الاتحاد إضافة إلى تصويت البرلمان الأوروبي.
تركيا: لا يمكن السماح لقبرص بمنع الاتفاق الأوروبي التركي
ولكن تركيا تريد ما هو أهم، وهو فتح المفاوضات من أجل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وهي في هذا الصدد لم تحصل سوى على وُعود بقرب فتح ملف الانضمام، من دون تحديد أي ملف وفي أي زمن.
وإضافة إلى هذا النجاح التركي "النسبي" في فرض شروطها، إذ ستحصل، أيضا، على دعم مالي في حدود 3 مليارات يورو، فإنها مُطالَبةٌ بتنفيذ الطلبات الأوروبية وتبديد مخاوف الكثير من الدول التي لا تزال تستقبل أعدادا كبيرة من المهاجرين، إذ ليست اليونان البلد الوحيد.
ووفقا لهذا الاتفاق، فإن تركيا تتعهد باستقبال أي مهاجر يدخل دول الاتحاد الأوروبي، بصفة غير قانونية، حتى ولو تعلق الأمر بسوريين. وهذا ما يعنيه الاتفاق بضرورة "وضع حدّ للهجرة غير القانونية"، بين تركيا والجزر اليونانية. والجديد في الأمر أن السوريين، ضحايا الحرب المستعرة في بلادهم، والذين كان لا يزال بمقدورهم، لحد الساعة، طلب حماية دولية، ما أن يطأوا أرض دول الاتحاد، يشملهم، أيضا، الاتفاق التركي الأوروبي الجديد. وسيكون من حق الدول الأوروبية استبعاد كل من رُفِضَ منحه اللجوء على أراضيها.
ويبرر الأوروبيون هذا التشدد برغبتهم في منح الأولوية للمهاجرين الذين يصلون إليها بصفة قانونية (والذين لم يسبق لهم أن حاولوا الوصول إليها بصفة غير قانونية)، وهو ما يعني أن الاتحاد الأوروبي يتعهد، في مقابل كل مهاجر سوري تتم إعادته من اليونان إلى تركيا، باستقبال مهاجر سوري مقيم في معسكر اللاجئين في تركيا، تاركاً الأمرَ لرغبة كل دولة أوروبية على حدة.
ويحدد الاتفاق عدد من سيشملهم قرار الاستقبال في دول الاتحاد بـ 72 ألف سوري، على مرحلتين اثنتين. والهدف الرئيسُ من هذا القرار، الذي سيعاقب سوريين كثيرين استطاعوا الوصول إلى الجزر اليونانية، هو التنفيس عن اليونان وإحباط عمليات المرور عبر بحر إيجه، وأيضا حرمان مافيات التهريب من مُرشَّحي الهجرة، الراغبين في الإبحار.
وكحلّ نهائي، في حالة نجاح الاتفاق، الذي يتوقف في قسم كبير فيه على صدقية النوايا والإرادات السياسية في تركيا واليونان، سيوضع نظام متين للهجرة (القانونية) تتضافَرُ فيه جهودُ تركيا والدول الأوروبية المستعدة لاستقبال المهاجرين، إضافة إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
يشار إلى أن اجتماعاً يضم 28 دولة أوروبية، يعقد اليوم الخميس في بروكسل، في محاولة لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق مع تركيا.
ميركل تضع شروطا لأي اتفاق مع تركيا حول اللاجئين