رفض رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، مدعوماً بأعضاء ائتلاف "دعم مصر" (ممثل الغالبية)، مطالب بعض النواب باستدعاء وزير الداخلية، مجدي عبد الغفار، لمساءلته عن حادث الواحات، والذي راح ضحيته أكثر من 50 قتيلاً بين صفوف الشرطة، داعياً لجان المجلس إلى الإسراع في إنجاز التشريعات الداعمة لوزارة الداخلية وضباطها.
واحتدّ أعضاء ائتلاف الغالبية على حديث عضو تكتل (25 - 30)، جمال الشريف، في جلسة البرلمان، اليوم الأحد، بشأن ضرورة استدعاء وزير الداخلية إلى البرلمان على وجه السرعة في جلسة الغد الإثنين، كونه اختصاصاً أصيلاً لأعضاء البرلمان، لسؤاله عن حقيقة ما حدث في واقعة الواحات، والأسباب التي أدت إلى مقتل العشرات من الضباط والمجندين.
واعترض عبد العال على حديث الشريف، قائلاً إنه يجب تقديم كل الدعم لوزارة الداخلية، وهو ما تحفظ عليه النائب خالد عبد العزيز، متمسكاً بضرورة استدعاء وزير الداخلية، والذي يتجاهل الحضور إلى البرلمان منذ توليه منصبه، على الرغم من تكرار حوادث الاعتداء على الجنود والمنشآت، وهو ما رد عليه الأول، بقوله: "أرجو أن تلتزم بنظام الجلسة يا خالد.. مش وقت الكلام ده!".
تأييد الطوارئ
وجدد عبد العال تأييد مجلسه لاستمرار حالة الطوارئ، قائلاً: "لا غنى عن العمل بقانون الطوارئ في هذا التوقيت، فالحرب التي تخوضها مصر ضد الإرهاب تتطلب ذلك"، زاعماً أن كل ما تناقلته وكالات الأنباء العالمية، ومواقع التواصل الاجتماعي، من أخبار عن عدد القتلى في جانب الشرطة، "لا أساس لها من الصحة تماماً".
وأضاف عبد العال أن "هذا الوطن للأبناء، ومن لا يريد هذا الوطن، فليذهب مع السلامة، فالجماعات الإرهابية تسعى دائماً لزرع روح الهزيمة بين المصريين، وهو ما لن يقبله جميع المصريين"، متابعاً "البرلمان يقف، أغلبية وأقلية، خلف القيادة السياسية لدعم كافة الجهود المبذولة لمواجهة الحرب ضد الإرهاب، والذي لن يقتل في المصريين الأمل، أو يهدم الثقة بوطنهم".
تعويض الضحايا
ودعا عبد العال اللجنة التشريعية في البرلمان إلى سرعة إعداد مشروع قانون لتعويض ضحايا الحوادث الإرهابية من جنود وضباط الأمن، وإنشاء صندوق لإعانة أسرهم، ومشروع ثانٍ مقدم من لواء الشرطة السابق، جمال عبد العال، بشأن زيادة معاشات الشرطة، وأي مشروع آخر مقدم من النواب بشأن زيادة رواتب الضباط في وزارة الداخلية، وتحسين أوضاعهم.
بدوره، طالب وكيل البرلمان، السيد الشريف، بضرورة الإسراع في إقرار قانون رعاية أسر الشهداء، وصرف التعويضات المناسبة لهم، حتى "يكون مجلس النواب هو المثل والقدوة في الحفاظ على حقوق الشهداء"، وفق قوله، مضيفاً أن "الإرهابيين لن ينالوا مطلقاً من عزيمة المصريين، والمضي قدماً نحو بنائها واستقرارها".
الجيل الرابع
واتفق مع ذلك الوكيل الآخر، سليمان وهدان، بقوله إنه يجب تسخير كل إمكانات الدولة في مواجهة الإرهاب، وإعادة تسليح القوات المسلحة والشرطة، مع إحداث حالة من التنسيق الجوي خلال الحملات الأمنية، لدحر قوى الإرهاب، والانتصار عليه، في إشارة إلى تأخر إرسال الجيش لطائرة إنقاذ لجنود الشرطة المحاصرين في حادث الواحات.
من جهته، طالب رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان، لواء الاستخبارات السابق، كمال عامر، بضرورة العمل على مواجهة الشائعات التي تستغل كل حادث إرهابي في إشعال حروب "الجيل الرابع"، للنيل من الثقة القائمة بين الشعب المصري وقوات الأمن، بحد زعمه، مشيراً إلى أن مصر تتعرض لتحديات جسام على مدار تاريخها.
ليس الأخير
فيما قال المتحدث باسم ائتلاف الغالبية، صلاح حسب الله، إن حادث الواحات "لن يكون الأخير"، مطالباً أبناء الشرطة بـ"استعادة شجاعتهم"، مجدداً تأييد البرلمان لـ"استمرار حالة الطوارئ بجميع أنحاء البلاد، ودعمه كافة مؤسسات الدولة، والوقوف خلف قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في سبيل القضاء على الإرهاب".
وقال النائب مصطفى بكري، والذي كشف في تدوينات له أمس عن اختطاف بعض جنود وضباط الشرطة من قبل المسلحين، إن "مصر ستظل مستهدفة طالما تسعى لامتلاك إرادتها المستقلة"، رابطاً بين الهجمة الإرهابية وعودة دور بلاده المحوري أخيراً في ما يخص القضية الفلسطينية، والوضع في سورية وليبيا.
ضريبة 30 يونيو
وأضاف بكري أن "مصر هي مفتاح السقوط والنهوض في المنطقة العربية، لذا يستوجب تضافر الجهود لدحر محاولات ضرب الدولة الوطنية بها، ممن يسمون أنفسهم بالإسلاميين، الذين هم صنيعة أميركية في الأصل"، حسب تعبيره.
وتابع: "الشرطة تدفع ضريبة خروجها في أحداث 30 يونيو/ حزيران 2013 للدفاع عن الدولة المصرية، والوقوف مع الشعب في وجه جماعة الإخوان"، مواصلاً حديثه: "هذه لحظة الاصطفاف الوطني خلف القيادة السياسية، والمؤسسات الشرطية، فالحملة الإرهابية ستزداد شراسة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية".
إلى ذلك، تقدم النائب طارق الخولي ببيان عاجل موجّه إلى رئيس الحكومة، شريف إسماعيل، بشأن عدم إعلان الحداد الرسمي على أرواح ضحايا حادث الواحات، مبدياً تعجبه من مضي كل هذا الوقت من نشوب الاشتباكات، من دون أن تعلن الدولة الحداد رسمياً على أرواحهم، على الرغم من حالة الحزن التي ضربت ربوع البلاد.
الطوارئ "في أضيق الحدود"
من جانبه، تعهد رئيس الوزراء المصري بألا تستخدم حكومته التدابير الاستثنائية المصاحبة لإعلان حالة الطوارئ "إلا في أضيق الحدود"، مع العمل على حماية الحريات العامة للمواطنين، عازياً موافقة مجلس الوزراء على قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، لثلاثة أشهر جديدة، إلى "الظروف الأمنية الصعبة التي تواجهها البلاد خلال المرحلة الراهنة".
ونصت المادة (154) من الدستور على أن "يعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأي مجلس الوزراء، حالة الطوارئ، مع ضرورة عرض الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية، ليقرر ما يراه بشأنه"، وهي المدة التي تجاوزها الأخير، بالمخالفة للدستور، إذ مدد السيسي حالة الطوارئ اعتباراً من 13 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وطالب إسماعيل مجلس النواب، اليوم، بالموافقة على تمديد حالة الطوارئ، وفقاً لما تقتضيه ظروف البلاد، قائلاً: "ذلك القرار إجراء ضروري، شأننا في ذلك شأن ديمقراطيات راسخة ارتأت ضرورة إعلان حالة الطوارئ، لحفظ أمنها، ومواجهة الإرهاب الذي يواجهها.. فمصر كانت وما زالت تحارب الإرهاب، وتدفع ثمناً باهظاً في مواجهته".
وأضاف أن "ما تعرضت له بلاده في الأيام الماضية أمر مؤسف، فالإرهاب يطل بوجهه القبيح كلما تحقق أي إنجاز، لأن أعداء الإنسانية يستهدفون إجهاض عمليات التنمية الشاملة التي تضعها القيادة السياسية على عاتقها"، بحد زعمه، معتبراً أنه "كلما ازدادت العمليات الإرهابية.. تأكد أن مصر ماضية على الطريق الصحيح".
وتابع أن "تضحيات أفراد القوات المسلحة والشرطة تعد نبراساً يضيء البلاد نحو مستقبل يليق بشعبها"، وأن "مصر لا تنسى أبطالها، وستروي أعمالهم بكل فخر لأبنائها، جيلاً بعد جيل"، مشيراً إلى أن ضحايا حادث الواحات من ضباط وأفراد الشرطة سيظلون في ذاكرتها الوطنية، والذين واجهوا بأرواحهم الغالية عناصر مسلحة لا هدف لها سوى إراقة الدماء.
من جهته، أحال رئيس البرلمان، علي عبد العال، كلمة (بيان) رئيس الوزراء حول تمديد الطوارئ، إلى اللجنة العامة (تضم رؤساء اللجان النوعية، وممثلي الهيئات البرلمانية)، لإعداد تقرير عاجل بشأن قرارها، بهدف العرض على البرلمان خلال جلسته المسائية، اليوم، للتصويت نهائياً على استمرار فرض الطوارئ حتى 13 يناير/ كانون الثاني المقبل.
وتحايل السيسي على الدستور بإعلان حالة الطوارئ من جديد، بعد فرضها منذ العاشر من إبريل/ نيسان الماضي، إثر سقوط 46 قتيلاً، من جراء تفجير كنيستين بمحافظتي الغربية والإسكندرية، على الرغم من تقييد المادة الدستورية فرض الطوارئ بمدة ستة أشهر، على مرتين، بموافقة أغلبية البرلمان في الإعلان الأول، وثلثي أعضائه عند التمديد.
وتفرض مصر حالة الطوارئ على بعض مناطق شمال سيناء منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2014، عقب مقتل 30 جندياً، في هجوم إرهابي مزودج، إذ يعمد السيسي، منذ ذلك الحين، إلى إعلان فرضها، ومدها لستة أشهر، ثم تفويت يوم واحد، أو يومين على الأكثر، ليفرضها في إعلان جديد لستة أشهر أخرى، ما يُنذر باستمرار حالة الطوارئ في جميع أرجاء البلاد بعهد الرئيس الحالي إلى أجل غير مسمّى.