يجول مراسل "العربي الجديد" بين مناطق بغداد، محاولاً رصد المناطق منزوعة السلاح من غيرها، فيقرأ اللافتات في الأعظمية والعامرية والغزالية والسيدية وحي الخضراء والفضل والدورة، ويدخل أخرى فلا يجد سلطة لقرار نزع السلاح فيها، فعلى ما يبدو فإنّ الكاظمية والشعلة والشعب والكرادة وبغداد الجديدة وغيرها من المناطق غير منزوعة السلاح، ما يعني أنّها مسلحة بأمر من الدولة.
حاول مراسل "العربي الجديد" أنّ يستفهم من الجهات المسؤولة، عن ذلك، وما سبب الاختلاف في التعاطي مع مناطق بغداد، خصوصاً أنّ المناطق منزوعة السلاح هي ذات تركيبة سكانية معينة، وغير المنزوعة لمكون آخر، ليتضح أنّ التعامل مع المناطق تم وفقاً لأسس طائفية، هذا ما أكده ضابط بقيادة عمليات بغداد، قائلاً، إنّ "قرار نزع سلاح بعض مناطق بغداد ليس جديداً، بل طبق منذ فترة ليست بالقصيرة، وقد صدر من قبل قيادة العمليات المشتركة ووجهت بتنفيذه".
وبيّن الضابط، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "قائمة صدرت مع التوجيه بأسماء المناطق منزوعة السلاح، ومنها المناطق المذكورة سلفاً، على أمل أن تصدر قوائم أخرى لاحقة بمناطق أخرى، لكن تأخر إصدار القوائم وترك الموضوع".
وأضاف أنّ "الموضوع توقف عند هذه المناطق، وتم تطبيق القرار عليها، حيث نفذنا عمليات تفتيش فيها ونزعنا أسلحتها بشكل كامل، كما عاودنا الكرة مرات عدة في المناطق ذاتها ولم نبق بها أي سلاح"، مشيراً إلى أنّ "المناطق الأخرى لم يتم فيها أي عمليات تفتيش وبحث عن السلاح".
وفي هذا الصدّد، قال الضابط: "نحن لم نعرف سبب انتقائية بعض المناطق ونزع سلاحها دون غيرها، رغم أنّ تلك المناطق لم تكن تختلف عن غيرها من ناحية الأمن، لكن على ما يبدو فإنّ أبعاداً طائفية تقف وراء القرار".
وينتقد مواطنون من أهالي المناطق منزوعة السلاح، تعامل الحكومة معهم وفقاً لأساليب غير مهنية، وتجريدها حتى من السلاح الذي يحتاجه أي بيت يعيش في ظروف أمنية غير مناسبة كما في العراق.
وقال الحاج، أبو مجيد، وهو من أهالي منطقة الأعظمية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القوات الأمنية لم تبق لنا حتى المسدس الشخصي في منازلنا، إذ إنّها جردتنا من السلاح بشكل كامل"، مؤكداً "لسنا مع عسكرة المجتمع، لكن هكذا قرار يجب أن يطبق على الجميع لا أن يطبق بمناطق وتعفى مناطق أخرى منه".
ودعا الحكومة إلى أنّ "تتعامل بحيادية في الملف الأمني، وأن لا تجامل أحداً على حساب الأمن".
بينما أكّد مسؤولون أمنيون، أنّ القرارات الحكومية في التعامل مع الملف الأمني، لا تبشر بخير، فهي قرارات غير مهنية، وغير مدروسة، ولا تعرف أسبابها، ولم تحقق أي نتائج إيجابية.
وقال عضو في لجنة الأمن، بمجلس محافظة بغداد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه القرارات غير المهنية هي السبب وراء تردي الملف الأمني الداخلي"، مؤكداً أنّ "حصر السلاح بيد الدولة هو قرار هام، لكن يجب أن يشمل جميع المناطق وأن لا تكون هناك استثناءات لأي منطقة منه".
ودعا إلى "إعادة النظر بهذا القرار وتطبيقه بشكل مهني بعيد عن الدوافع الأخرى".