وسيرأس الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الهيئة التركية في المحادثات، بحضور كل من وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، ووزير شؤون الاتحاد الأوروبي في الحكومة التركية، عمر جيلك، بينما سيحضر عن الجانب الأوروبي رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ورئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، وكذلك رئيس الوزراء البلغاري، بويكو بوريسوف، كون بلاده تترأس الاتحاد الأوروبي في الفترة الحالية وأيضا كونها البلد المضيف للقمة.
وخلال مؤتمر صحافي عقده في مطار أتاتورك في مدينة إسطنبول قبيل التوجه إلى فارنا، قال الرئيس التركي: "العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي هدف استراتيجي بالنسبة إلينا. لن نسمح لبعض الأوساط والتي نعرف نواياها بشكل جيد بأن تكون مانعا في وجه أن تأخذ تركيا المكانة التي تستحقها كعضو كامل ومساو ومحترم في الاتحاد الأوروبي، وستستمر محادثاتنا مع الاتحاد الأوروبي بما يتناسب مع حجم الدور الفعال الذي تلعبه بلادنا في العالم والمنطقة وكذلك مع قوتها الدفاعية، وأتمنى أن تكون لقمة فارنا إضافة إيجابية لحل مشاكل المنطقة".
وعبر أردوغان عن أمله بأن تكون القمة فرصة لإعادة إحياء عملية انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي ولإزالة العوائق في وجه انضمام تركيا للاتحاد، مشيرا إلى تأخر الاتحاد الأوروبي في تقديم المعونات المالية للاجئين السوريين على الأراضي التركية، وكذا عدم اتخاذ دول الاتحاد الخطوات اللازمة ضد الإرهاب، في إشارة إلى حزب "العمال الكردستاني".
وتأتي القمة بعد عشرة أشهر من اللقاء الذي عقده الرئيس التركي في العاصمة البلجيكية، بروكسل، بكل من رئيس المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي، والذي تم اعتباره بداية صفحة جديدة في الحوار بين الجانبين، بعد التوتر الشديد في العلاقات إثر الانتخابات التي شهدتها كل من هولندا وألمانيا، وكذلك بعد معارضة الاتحاد الأوروبي للتعديلات الدستورية التي شهدتها تركيا في إبريل/ نيسان الماضي وأفضت إلى التحول للنظام الرئاسي.
ومن المنتظر أن تكون الاجتماعات صعبة للغاية، الأمر الذي أكده رئيس الوزراء البلغاري بوريسوف بالقول إنه يتوقع اجتماعا "صعبا جدا"، إلا أن أيا من المشاركين لا يريد إفشال المحادثات: فالاتحاد الأوروبي يظل بالنسبة إلى تركيا شريكا تجاريا مهما، وأنقرة لا تزال بالنسبة إلى بروكسل حليفا لا يمكن تجاهله في التصدي لموجة الهجرة والإرهاب.
وستناقش القمة ثلاثة مواضيع رئيسية، وتشمل مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد، وتحديث الاتحاد الجمركي الأوروبي التركي، وتنفيذ كامل بنود الاتفاق التركي الأوروبي حول إعادة ترحيل اللاجئين والمهاجرين الموقع في مارس/ آذار من عام 2016، بما يشمل إلغاء تأشيرة الدخول على المواطنين الأتراك الراغبين في دخول فضاء "شينغن"، والذي حال دون تطبيقه رفض تركيا تعديل قوانين مكافحة الإرهاب في البلاد.
وكانت الحكومة التركية قد تقدمت بمقترحات للاتحاد الأوروبي لتجاوز الخلافات في ما يخص رفع تأشيرة الدخول، تتضمن حزمة من التعديلات المتعلقة بقوانين مكافحة الإرهاب، الأمر الذي سيكون على رأس الأجندة التي ستتم مناقشتها بين الجانبين، وسط تفاؤل تركي برد إيجابي من قبل الاتحاد بعد القمة، بينما لا يوجد على الأجندة أي تغيير في وضع مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، بما في ذلك فتح فصول جديدة في المفاوضات.
وبينما من المتوقع أن تؤكد أنقرة انزعاجها من التأخر في صرف المعونات المالية للاجئين السوريين الموجودين في تركيا، ينتظر من المسؤولين الأوروبيين أن يناقشوا حالة الطوارئ في تركيا المستمرة منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة في منتصف يوليو/ تموز 2016، وتأثيراتها على حرية التعبير والحريات الأساسية في البلاد.
وتأتي هذه القمة أيضا، قبل حوالي أسبوعين من التقرير الأوروبي عن الأوضاع في تركيا، حيث من المنتظر أن يتضمن انتقادات شديدة لأوضاع الحقوق والحريات في تركيا، وكذلك لاستمرار الحكومة التركية باحتجاز عدد من الصحافيين على ذمة قضايا تتعلق بحرية العمل الصحافي.
إضافة إلى الملفات الأساسية، يتوقع أن تتطرق القمة أيضاً إلى التوتر الأخير في شرق المتوسط بين كل من تركيا وقبرص التركية من جهة واليونان وقبرص اليونانية من جهة أخرى، إثر إصرار الأخيرة على البدء في استخراج الغاز من الحقول الموجودة في المجال البحري للجزيرة دون التنسيق أو التفاهم مع الجانب التركي، ما دفع أنقرة إلى منع إحدى سفن التنقيب من العمل عبر إرسال عدد من البارجات البحرية إلى المنطقة.
وكان المجلس الأوروبي، قبل أيام، قد اتخذ موقفا مؤيدا وبشدة لكل من اليونان وقبرص ضد تركيا، الأمر الذي دانته وزارة الخارجية التركية بشدة.
وكذلك من المتوقع أن يناقش المسؤولون الأوروبيون مع نظرائهم الأتراك العمليات التركية ضد حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني) في شمال سورية، وخاصة أن عددا من المسؤولين الأوروبيين عبروا في مناسبات عدة عن رفضهم لهذه العمليات، رغم تأكيدهم على تفهم المخاوف التركية الأمنية.
ومن المتوقع أيضا أن يضغط الرئيس التركي بشكل أكبر على الاتحاد الأوروبي لاتخاذ المزيد من الإجراءات للتضييق على حركة "العمال الكردستاني" في دول الاتحاد الأوروبي، التي تعتبر واحدة من أهم مصادر تمويله المالي.
وفيما بدا تعكيرا لأجواء القمة، دعا رئيس الوزراء النمساوي، سيباستيان كورتز، المتحالف مع اليمين المتطرف، اليوم، وخلال لقاء أجراه مع صحيفة "دي فيلت" الألمانية اليمينية، إلى إنهاء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، بحجة أن أنقرة لا تطبق معايير كوبنهاغن الضرورية للانضمام للاتحاد.