مع ساعات الصباح الباكر، تبدأ العشرينية استبرق محمد عملها في مشروع فرز النفايات الصلبة بمنطقة الأغوار الشمالية في الأردن، فيما تزوّد بمستلزمات السلامة العامة مخافة التقاط عدوى ما.
وتباشر استبرق محمد بوضع بقايا بلاستيكية في آلة لـ"فرمها" إلى قطع صغيرة، تمهيداً لتحويلها إلى منتجات بلاستيكية جديدة، قبل أن تنتقل لوضع بقايا كرتون في مكبس لثنيها وتوضيبها تمهيداً لبيعها لمصانع الكرتون.
والشابة الحاصلة على شهادة جامعية في تربية الأطفال، تركت عملها في إحدى المدارس الخاصة وفضّلت العمل في محطة فرز النفايات، مبرّرة ذلك بأنّ "المردود المالي أفضل من العمل في المدارس".
واستبرق محمد تعمل مع رفيقاتها في مبادرة فريدة من نوعها في الأردن، أطلقتها مجموعة من نساء منطقة الأغوار الشمالية كمشروع لتحسين إدارة النفايات الصلبة في المنطقة.
ويهدف المشروع إلى حماية البيئة في تلك المناطق الزراعية، وتمكين العاملات اقتصادياً، وتوفير مصدر دخل لهنّ.
وتدير جمعية رواد الأغوار الشمالية التعاونية المشروع الذي تعمل فيه 46 امرأة، وتقوم فكرته على جمع وفرز النفايات الصلبة بأنواعها، البلاستيك والمعادن والكرتون والورق، وتجهيزها وبيعها للمصانع لإعادة تدويرها.
ويموّل المشروع من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والسفارة الكندية لدى الأردن.
وقد بدأ العمل بالمشروع في صيف عام 2019 بمشاركة 60 امرأة، إلى أن استقرّ العمل حالياً مع 46، بحسب ما تخبر مديرة المشروع إسراء الشملوني "العربي الجديد"، خلال جولة في المحطة.
وتضيف الشملوني: "نجمع ونشتري كميات من النفايات الصلبة من أبناء المجتمع المحلي ونعيد تدويرها ونبيعها للمصانع، علماً أنّ ذلك يمثّل لهم مصدر دخل يساهم في تمكين عائلات المجتمع المحلي من تدبّر أمورها المعيشية".
وبخصوص العاملات في المحطة، فهنّ يحصلنَ على أجر لقاء ساعات العمل التي يقضينها في المحطة، الأمر الذي ينعكس على عائلاتهنّ ككلّ إيجابياً. وكلّما زاد العمل في المحطة، ارتفاع دخل العاملات.
من جهتها، تعمل الثلاثينية عبير أبو عبطة في المحطة منذ إنشائها، وهي تعيل أسرة مكوّنة من ستة أفراد.
وتسعى أبو عبطة من خلال عملها إلى تأمين متطلبات عائلتها اليومية، وتحسين مستواها المعيشي.
في سياق متصل، يقول رئيس مجلس الخدمات المشتركة لمحافظة إربد المهندس محمد الشمالي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المشروع أثّر إيجابياً على بيئة المنطقة، وعُدّ منقذاً للمنطقة التي كانت مخصّصة لطمر النفايات. هي كانت تُعَدّ من البؤر البيئية الساخنة في المحافظة، وتؤثّر بشكل سلبي على القطاع الزراعي والمياه الجوفية".
ويضيف الشمالي أنّ "المحطة مكّنت العاملات اقتصادياً، الأمر الذي من شأنه أن يساعدهنّ في تدبّر شؤونهنّ الحياتية في منطقة من أكثر المناطق فقراً في البلاد".