استمع إلى الملخص
- وائل الحسين يشير إلى أن العديد من البيوت مدمّرة، مما يدفع العائلات ذات الإمكانات لتأهيل منازلها، بينما يضطر آخرون للسكن في بيوت غير صالحة بسبب ارتفاع الإيجارات.
- الفتى كنان المحمد يعبر عن حنينه لذكريات الطفولة، بينما تشير بيانات "فريق منسقو استجابة سورية" إلى وجود نحو مليونَي نازح غير قادرين على العودة.
بعد سنوات من الحرب التي طاولت مدينة سراقب في ريف إدلب شمال غربي سورية، بدأ عدد من أهلها بالعودة إلى مدينتهم التي شهدت مواجهات عنيفة بين جيش النظام السوري السابق ومقاتلي المعارضة السورية، علماً أنّ منازل كثيرة لم تعد صالحة للسكن وأخرى تحوّلت إلى ركام بالإضافة إلى أنّ بنية المدينة التحتية مدمّرة.
وعلى الرغم من التحديات التي تواجه أهالي مدينة سراقب التي طاول الخراب كلّ زواياها، فإنّ ثمّة سوريين يبدون راغبين في استعادة حياتهم، متحدّين الواقع المرير في المناطق المتضرّرة من النزاع في سورية. وهو يشير إلى بيته المتضرّر، يقول إياد خليل، من أهل سراقب ويقيم في مدينة مارع بريف حلب الشمالي، لـ"العربي الجديد": "هذا هو بيتي. البيت الذي تربّيت فيه وعشت فيه تحوّل الآن إلى خراب". يضيف أنّ "الدمار هائل جداً، ليس فقط في بيتي، إنّما في معظم بيوت سراقب"، موضحاً: "نحن تهجّرنا في بداية عام 2020، وقد انقضت خمس سنوات منذ ذلك الحين. كانت سراقب منطقة عسكرية مغلقة ولا سكان فيها، فالنظام استخدمها درعاً له، الأمر الذي أدّى إلى دمار كبير جداً". ويتابع خليل: "عدنا إلى مدينتنا، لكنّ الخراب مسيطر. ربّما نتمكّن من إعادة إعمار البيوت، لكنّ البنية التحتية مثل شبكات الصرف الصحي والمرافق العامة يستحيل إصلاحها من دون دعم دولي كبير". ويعبّر عن "أمل" بذلك، بعد "إلقاء الدول الداعمة نظرة على الأرض التي تعكس معاناة سكان المنطقة".
من جهته، يقول وائل الحسين لـ"العربي الجديد": "عدنا لتفقّد بلدتنا سراقب. وفي أثناء جولتنا فيها، فوجئنا بأنّ ما بين 60% و70% من البيوت مدمّرة، فيما النسبة المتبقية غير صالحة للسكن". ويشير إلى أنّ "العائلات التي تملك إمكانات مالية بدأت تؤهّل بيوتها لتسكنها من جديد، وثمّة من يعيد تأهيل المحال التجارية. على سبيل المثال، أعاد أصحاب محلّ البوظة (المثلّجات) ترميمه وتشغيله". يضيف الحسين: "من جهتي، أعمل في تركيب بلاط السيراميك، وأحاول ترميم بيتي قدر الإمكان. لكنّ ثمّة أناساً لا يملكون إمكانيات كافية، لذا اضطرّوا إلى السكن في بيوت غير صالحة للسكن، بدلاً من دفع بدلات إيجارات مرتفعة في إدلب أو سرمدا أو بنش. هؤلاء وضعوا أغطية على النوافذ والأبواب المحطّمة، وتكيّفوا مع ظروف البرد القاسية".
ويشدّد الحسين على أنّ "الوضع المعيشي صعب جداً، فالدخل معدوم والموارد غير متوفّرة والناس مجبرون على التحمّل لأنّ الخيارات الأخرى أكثر قسوة". ويلفت إلى أنّ "سكان المدينة كانوا بمعظمهم، قبل سقوط النظام، موزّعين بين مناطق مثل بنش وإدلب والباب وأعزاز ومخيمات النزوح. واليوم، يرغب كثيرون في العودة، لكنّ بيوتهم المهدّمة واقعٌ يجعل عودتهم شبه مستحيلة".
في سياق متصل، عاد الفتى كنان المحمد إلى سراقب برفقة والده أخيراً. وهو يقف بالقرب من موقع بيتهو يقول لـ"العربي الجديد": "أتذكّر أنّنا كنّا نجلس هنا، وكانت الخلفية مليئة بالشبابيك والأشجار. كان ثمّة شباك من الزجاج.. أين كانت غرفتي؟ هنا، داخل هذا البيت". يضيف: "أتذكّر كيف كنّا نلعب في الحديقة. كانت لدينا ورود وأشجار جميلة. أين كانت الشاشة؟ لا أذكر جيداً، ربّما هنا أو ربّما هناك"، لافتاً "وقد كسرتها مرّة". ويتابع الفتى: "كنّا نسير يومياً في هذا الشارع، وكان كلّ شيء مختلفاً وقتها".
تجدر الإشارة إلى أنّ بيانات "فريق منسقو استجابة سورية" الأخيرة تشير إلى وجود نحو مليونَي نازح في مخيمات شمال غرب سورية، يتوزّعون في أكثر من 1,900 خيمة، وهم من ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي ومناطق في محافظات ريف دمشق وحمص وحلب. ووفقاً للبيانات نفسها، فإنّ كثيرين من هؤلاء النازحين غير قادرين على العودة إلى منازلهم كونها مدمّرة إمّا كلياً وإمّا جزئياً.