- البروفيسورة ميلاني ماكاليستر تقارن بين التظاهرات الحالية وتلك ضد حرب فيتنام والفصل العنصري، مؤكدة على القمع الذي يواجهه من يتحدثون عن فلسطين، مما يؤدي إلى فصلهم وفقدان وظائفهم.
- سمر سعيد تنتقد كيف يحاول الإعلام الغربي تشويه صورة التظاهرات، مؤكدة على دور الإرادة القوية في تحقيق مطالب الطلاب ودعم حقوق الإنسان، وتعارض الدعم الأميركي لانتهاكات حقوق الإنسان.
أعرب أعضاء هيئات تدريسية في جامعات أميركية في العاصمة واشنطن عن مخاوفهم من تراجع حرية التعبير والرأي في الجامعات الأميركية، وأكدوا أنهم لم يروا أبداً مثل هذا التراجع في الحريات الأكاديمية، كما تحدثوا عن مدى اتساع دعم الأميركيين لحقوق الفلسطينيين بصورة ليس لها مثيل في الولايات المتحدة، كما أن فض التظاهرات بالقوة سواء عن طريق الشرطة أم الحرس الوطني غير قادرة على وقف الحراك هذه المرة.
وتقول أستاذة الأنثروبولوجيا في جامعة جورج تاون البروفيسورة لوري كينغ، إنها مع عدد من زملائها من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات يشعرون بالقلق الشديد، ليس بسبب الإبادة الجماعية في قطاع غزة وتدمير البنية التحتية فقط، بل بسبب القيود والتهديدات المفروضة على حرية التعبير والحرية الأكاديمية في الولايات المتحدة منذ بدء التظاهرات. وتوضح في حديثها لـ "العربي الجديد" أن اعتقال الطلاب ليس أمراً جديداً، وفي الوقت ذاته لن يحل المشكلة. وضربت مثالاً عن حادثة مقتل أربعة طلاب بالرصاص من بين الطلاب الذين تظاهروا في جامعة كينت في أوهايو، وقد استدعي الحرس الوطني للقبض عليهم واعتقالهم.
وتنتقد حملة تصوير الطلاب المتظاهرين على أنهم معادون للسامية وعنيفون، ساخرة ممن يقولون إن كلمات مثل انتفاضة تعد معاداة للسامية. تضيف: "عليهم أن يقرؤوا. لقد سئم الناس وشعروا بالاشمئزاز من الدعم الأميركي للقمع الوحشي والإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، ونحن نرى ذلك الآن أكثر في غزة، كما رأينا ذلك في أماكن أخرى من قبل. لذلك، فإن تجربة المخيمات في الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة تدعم حقوق الإنسان، وتتعارض مع الدعم العسكري والدبلوماسي الأميركي لانتهاكات حقوق الإنسان".
ورداً على سؤال حول الفرق بين التظاهرات الحالية والتظاهرات ضد حرب فيتنام، تقول: "كان يتم تجنيد الشباب إجبارياً، وكانوا يذهبون للسجن لعدم دخول الجيش، وكانوا يفكرون في كيفية تورطهم شخصياً في الحرب وتعريضهم للخطر بسببها. كانت حرباً غبية وغير عادلة تماماً. أما الوضع الآن فهو شعور بالتعاطف مع الذين ذبحوا في غزة، وهناك أيضاً شعور بالغضب لأننا لا نريد أن يحدث هذا بأسمائنا بوصفنا أميركيين. فالولايات المتحدة تدعم الحكومة الإسرائيلية دعماً كاملاً، ولدينا الحق في التحدث علناً ضد ذلك".
تضيف أنها تُتابع الأخبار وتشارك في بعض التظاهرات، وهي على اتصال مع أعضاء تدريس وزملاء بجامعات أخرى، ولم تر أي دليل على وقوع أعمال عنف من الطلاب أو الأساتذة المتظاهرين من أجل فلسطين، "لكننا نعيش في عالم يتم فيه استخدام الدعاية الإعلامية سياسياً لإقناع الجمهور بأن هؤلاء الطلاب في الحرم الجامعي يدعون إلى الإبادة الجماعية للشعب اليهودي، وهو أمر جنوني. إذا كان التحدث علناً يعادل العنف، فلدينا مشكلة لأن التحدث علناً والغضب هو ما صنع الولايات المتحدة. الغضب ليس عنفاً، لكن ما تفعله بغضبك مهم".
من جهتها، تقول أستاذة الدراسات الأميركية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن ميلاني ماكاليستر، والتي شاركت في التظاهرات، إن الطلاب يشعرون أنهم مضطرون أخلاقياً إلى التحدث عما يرونه في غزة. ورداً على سؤال حول الفرق بين التظاهرات الحالية والتظاهرات ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، توضح في حديثها لـ "العربي الجديد" أن الجامعات شهدت هذا النوع من الاحتجاجات الطلابية خلال حقبة الفصل العنصري، لكنهم استولوا على المباني ومكاتب الإداريين وخاطروا بالقبض عليهم. وكانت القضية عندهم تستحق العناء.
وعن التراجع في حرية التعبير والحريات الأكاديمية في الجامعات، تؤكد أنه خلال عملها على مدى 26 عاماً في الجامعات، لم تر هذا التراجع، إذ يتم فصل طلاب ويفقد أعضاء تدريس وظائفهم لأنهم يتحدثون عن فلسطين، كما يواجه أعضاء التدريس مستويات من القمع ومحاولات الإسكات، ويتم التغاضي عن حقهم في التعبير عن آرائهم وإدارات الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة تحاول إسكاتهم وقمعهم.
وفي ما يتعلق بالقبض على طلاب ومدرسين في الجامعات، تقول إنهم يعرفون أنه سيتم القبض عليهم، لكن رسالتهم هي أنهم يهتمون كثيراً بالقتل والدمار اللذين يحدثان في فلسطين، وهم يخاطرون بأنفسهم من أجل أن تصل رسالتهم، وقد سئموا ما تفعله الولايات المتحدة من دعم ما تقوم به إسرائيل في فلسطين.
ورداً على سؤال حول مدى اتساع دعم الأميركيين لحقوق الفلسطينيين، تقول: "أعمل في ملف حقوق الفلسطينيين منذ ثمانينيات القرن الماضي. ولم أر مثل هذا الحراك والدعم للفلسطينيين، ولم أعتقد من قبل أنني سأرى ما يحدث حالياً. إنه مذهل".
وتُرجع التغير في وجهة نظر المواطنين الأميركيين إلى قتل آلاف المدنيين في غزة بصورة لم تحدث في أي مجتمع آخر في القرن العشرين، خصوصاً أن الجميع يرى ما يحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ورداً على سؤال حول إذا كان الحرس الوطني وقمع الحراك الطلابي سيقضي على هذا الحراك، تقول: "لا أعتقد أن الحرس الوطني قادر على إنهاء هذا الحراك، فهذه حركة من أجل العدالة والحقوق الأساسية في عدم قصف المنازل، وحق الفلسطينيين في تقرير المصير. هذا الحراك لا يبدو لي أنه سيتراجع هذه المرة".
بدورها، تقول باحثة الدكتوراة في جامعة جورج تاون سمر سعيد، لـ "العربي الجديد"، إن الإعلام الغربي يحاول أن يرسم صورة مشوهة وخاطئة عن التظاهرات والاعتصامات، وإن من يشارك فيها طلاب فقط، كما أن تصوير المشاركين على أنهم مخربون هي محاولة لتبييض صورة إسرائيل. وتؤكد أن "هناك مشاركة كبيرة من أعضاء تدريس بالجامعات وباحثين وعاملين في هذه الاعتصامات، ليس منذ بدء المخيمات في الجامعات فقط، وإنما منذ بدء الإبادة الجماعية في غزة، وحال وجود إرادة فإنه يمكن تحقيق مطالب الطلاب".