انشغل الرأي العام الروسي أخيراً بحادث سير تورطت فيه الإعلامية الذائعة الصيت كسينيا سوبتشاك (39 عاماً) التي ترشحت لانتخابات الرئاسة عام 2018، وأسفر عن مقتل امرأة في الـ35 من العمر على الطريق المؤدي إلى مطار منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود (جنوب).
لم تقد سوبتشاك السيارة بنفسها، لكن مغادرتها موقع الحادث سريعاً على متن سيارة أخرى نحو المطار، وهو ما رصدته كاميرات مراقبة تراقب طرقات الدخول إلى قاعة كبار المسافرين، زاد الانتقادات الموجهة إليها والتي طالبت بإخضاعها لمساءلة في حيثيات الحادث الذي جدد، مثل كل الحوادث التي تحصل بوجود مشاهير، النقاشات حول ضرورة تحسين أمان السير، في وقت تظهر إحصاءات أن أكثر من 200 ألف شخص قضوا على الطرقات خلال السنوات العشر الماضية.
وفيما ترافق الحادث الخاص بالسيارة التي أقلت سوبتشاك مع مخالفة سائقها وهي من طراز "مرسيدس مايباخ" تابعة لخدمة سيارات الأجرة الفاخرة قواعد المرور في الاتجاه المعاكس بمنطقة جبلية، زاد ذلك التساؤلات حول الضغوط التي يتعرض إليها سائقو هذه السيارات لمخالفة القواعد من أجل إرضاء طلبات الزبائن من الشخصيات الكبيرة.
ويشدد رئيس تحرير مجلة "دفيجوك" المتخصصة في شؤون السيارات، رومان زوبكو، على ضرورة إجراء تحقيق في حادث السيارة التي أقلت سوبتشاك، وأهمية حل مشاكل حوادث السير في شكل منهجي للحدّ من عدد الوفيات الناجمة عنها. ويقول لـ"العربي الجديد": "تواجه خدمات السيارات الفاخرة مشكلة مطالبة الركاب، في حال كانوا مستعجلين، السائقين بتخطي باقي السيارات. ورغم أن سوبتشاك تزعم أنها لم تمارس أي ضغط، يتحمل السائق مسؤولية الحادث، علماً أن شائعات تسري عن أن رفض السائق الامتثال للزبون يجعله مهدداً بالفصل، وحتى بمنعه من العمل في شركة أخرى توفر الخدمة ذاتها".
ويعلق زوبكو على تردي أوضاع الأمان في السير بروسيا بأن "الإحصاءات تكشف تراجع عدد الحوادث سنوياً، لكن ليس بالوتيرة المنشودة". يضيف: "لا شك في أن الجهود الكبيرة التي بذلت في مجال تشييد الطرقات السريعة ساهمت في تراجع عدد الحوادث والوفيات، باعتبار أنها لحظت تحولاً نحو الطرقات المدفوعة الأكثر أماناً من تلك العادية. وقد وضعت وزارة الداخلية هدفاً طموحاً من أجل خفض معدل وفيات حوادث السير إلى أربع حالات لكل 100 ألف شخص بحلول عام 2030. لكن هذا الرقم أقل طموحاً على سبيل المثال من السويد التي تستهدف خفض عدد وفيات الحوادث إلى صفر عبر تحديث أسطول السيارات في أراضيها".
عموماً، ليس حادث السيارة التي أقلت سوبتشاك الأول الذي يشمل مشاهير ويشغل الرأي العام الروسي في السنوات الأخيرة، إذ أصدر القضاء حكماً بسجن الممثل ميخائيل يفريموف ثماني سنوات عام 2020، بعد إدانته بالتسبب في حادث سير مروع خلال قيادته سيارة وسط العاصمة موسكو في حال سكر شديد أفقده السيطرة عليها، وجعلها تنحرف إلى الاتجاه المعاكس، وتتسبب في مقتل شخص.
وخلال التحقيقات، أدلى يفريموف بشهادات متناقضة بدأت باعترافه بالمسؤولية عن الحادث ثم إنكاره الجلوس في مقعد السائق أثناء الاصطدام، وصولاً إلى اعترافه في كلمته أمام المحكمة، مفسراً بأنه لا يتذكر ما حصل، ومقراً بشربه الكحول. أما التحاليل فأظهرت أن دمه احتوى على نسبة كحول تعادل تناول زجاجة كاملة تقريباً من مشروب الفودكا، إضافة إلى آثار للقنب والكوكايين.
وللحدّ من الحوادث من هذا النوع، يقترح زوبكو الفصل بين الاتجاهين المعاكسين بأسوار في عدد أكبر من الطرقات، وعدم الاكتفاء بالخطوط البيض الفاصلة على الإسفلت، "إذ سيساعد ذلك في بقاء السيارة الخارجة عن سيطرة السائق ضمن اتجاه سيرها، ويمنع انحرافها إلى الاتجاه المعاكس"، وهو ما حصل لسيارة جيب "غراند شيروكي" الخاصة بليفريموف حين انحرفت عن المسار، واصطدت بسرعة عالية بسيارة من طراز "لادا غرانتا" كانت تسير في الاتجاه المعاكس، ما أسفر عن مقتل سائق توصيل الطلبات سيرغي زاخاروف الذي كان في الـ 57 من العمر.
ويلفت زوبكو إلى مشكلة انتشار الفساد في منظومة شرطة المرور من جهة، وإمكان الحصول على رخصة قيادة عبر دفع رشوة من دون الحاجة إلى ضمان النجاح في امتحان القيادة.
وكان وزير الداخلية فلاديمير كولوكولتسيف قد كشف مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري أن أكثر من 200 ألف شخص قضوا وجرح أكثر من مليونين آخرين جراء حوادث السير في روسيا خلال السنوات العشر الماضية، مؤكداً أن الحدّ من الوفيات على الطرقات هو هدف رئيسي في سياسات الدولة.
وتشير أرقام أصدرتها منظمة الصحة العالمية عام 2019 إلى أن معدل الوفيات بحوادث السير في روسيا بلغ 12 لكل 100 ألف شخص. وعادل هذا الرقم ذلك المسجل في الفيليبين، وتقدم قليلاً على الولايات المتحدة (12.7 حالة)، لكنه عدّ أسوأ كثيراً من دول أوروبية عدة.