هدّد مسلح إسرائيلي، أمس الثلاثاء، مجموعة مدرّسين وتلاميذ صفّ سادس ابتدائي من مدرسة في الداخل الفلسطيني المحتل في عام 1948، تحديداً في قرية دبورية القريبة من مدينة الناصرة، بإطلاق النار عليهم.
ويأتي ذلك في إطار الاعتداءات العنصرية والتهديدات الصادرة عن مجموعات إسرائيلية متطرّفة وأفراد متطرّفين ضدّ فلسطينيي الداخل.
واعترض المسلّح طريق هؤلاء، محاولاً طردهم من المكان الذي كانوا يجرون فيه جولة ويتعرفون فيه على معالم طبيعته، زاعماً أنّهم يعتدون على ملكيّته، فيما ردّد عبارات عنصرية ضدّ العرب.
وأوضح مرشد الرحلات إبراهيم مريح، الذي رافق المجموعة، لـ"العربي الجديد" أنّهم كانوا يجولون في الطبيعة في منطقة مرج ابن عامر، عندما فاجأهم المسلّح العنصري بالصراخ.
وبعدما دخل أفراد المجموعة في سجال مع ذلك الرجل، هدّدهم بإحضار سلاحه وإطلاق النار على مريح الذي اعتاد إرشاد رحلات مماثلة في الداخل الفلسطيني من دون أيّ معوّقات.
وقال مريح: "في العادة ننظّم جولات للتلاميذ في تلك المنطقة لتعريفهم إلى الطبيعة والوديان التي تزخر فيها، ولتعزيز انتمائهم إلى البلاد والأرض". وأضاف: "أنا مرشد في سلطة رسمية ومؤهّل للقيام بعملي. وفي خلال الجولة، صعدنا الى منطقة في مرج ابن عامر، والشخص الذي تهجم علينا هو صاحب فندق في المنطقة ادّعى أنّنا دخلنا إلى ملكية خاصة لكنّ كلامه غير صحيح". وأكد مريح: "نحن كنّا في مكان عام في الطبيعة، وفي خارج المنطقة المسيّجة التي يدّعي أنّها له".
وتابع مرشد الرحلات: "وعند استراحة التلاميذ في المنطقة، فوجئنا بذلك الرجل الذي راح يردّد عبارات من بينها: هذه ليست فلسطين. ثمّ أضاف: أنتم عرب غادروا المكان، وما إلى ذلك. هو حاول فرض جبروته، فيما كنت أحاول أن أفهم منه ما الذي يريده. لكنّ غضبه تصاعد ووصل إلى حدّ تهديدي بإطلاق النار صوبي".
وذكر مريح أنّ "الرجل الإسرائيلي المذكور لم يراعِ وجود تلاميذ صغار في المجموعة"، مشدّداً على أنّه "لا يمكن إلا لحيوان بشري ألا يكترث لوجود أطفال".
بالنسبة إلى مريح "نحن نعيش أوضاعاً ليست سهلة في البلاد، ومن الممكن حدوث أيّ شيء. ولا يمكنني أن أتخيّل إمكانية أنّ يعتدي شخص على أطفال، سواء أكانوا عرباً أم يهوداً".
وفي سياق سرده ما حدث، أضاف مريح "حتى عندما حاولنا الخروج من المكان، حاول منعنا. وقد ساورنا قلق كبير، خصوصاً بوجود تلاميذ بيننا. ومن جهتي خشيت أن يخرج سلاحه ويطلق النار عليّ، وقد راودتني أفكار بأنّه قد ينفعل أكثر ويطلق النار على التلاميذ كذلك".
وقد انتظرت المجموعة وصول الشرطة، لتتمكّن من مغادرة المكان. وبحسب مريح "فقد عمدت الشرطة حين وصلت إلى تهدئة الأمور، لكنّ وصولها كان متأخراً نسبياً، على الرغم من أنّنا طلبنا رداً فورياً نظراً إلى وجود نحو 50 تلميذاً في المجموعة وإلى شعورنا بالخطر".
وأكمل مرشد الرحلات أنّ "ألشرطة أخذت إفادة ذلك الرجل، لكنّ إجراءاتها كانت مخيّبةً للآمال، إذ لم تتعامل مع الموضوع بالجدّية اللازمة والسرعة اللازمة، بحسب رأيي".
من جهته، قال رئيس لجنة أولياء أمور التلاميذ المحلية في قرية دبورية نسيم مصالحة لـ"العربي الجديد" إنّ "وقع ما حدث كان صعباً على التلاميذ".
وقال مصالحة: "لقد ناقشنا الموضوع اليوم (الأربعاء) مع إدارة المدرسة ومسؤولين من المجلس المحلي ومن سلطة الأودية، وشرحنا خطورة ما حدث"، مشيراً إلى أنّ "ثمّة تلاميذ أُصيبوا بصدمة نفسية وهلع، وبعضهم راح يبكي".
وشدّد مصالحة: "لن نسكت عمّا حدث". وأوضح: "استدعينا الشرطة إلى المدرسة وقدّمنا شكوى ضدّ ذلك الرجل. بحسب انفعاله الذي لحظناه، كان من الممكن أن يرتكب مجزرة لو أمسك السلاح بيده". وإذ أشار مصالحة إلى أنّ ذلك الرجل "نعت المجموعة بالعرب القذرين"، أضاف أنّ "دوافعه عنصرية وسوف نتابع الموضوع".
تجدر الإشارة إلى أنّ حوادث تُدرج في سياقات متصلة تُسجَّل في الداخل الفلسطيني أخيراً، وسط الحرب المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أي منذ 138 يوماً.