أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، اليوم الاثنين، كلّ المناطق التي تعرضت للفيضانات والسيول في شرق ليبيا جراء العاصفة المتوسطية "مناطق منكوبة"، فيما لا يزال حجم الأضرار البشرية غير محدّد حتى الآن، وسط أعداد من المفقودين.
ووجه الدبيبة، وفقاً لقرار أصدره في الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين، "كلّ الجهات العامة والمختصة باتخاذ التدابير العاجلة والاستثنائية لمواجهة أضرار الفيضانات والسيول"، معلناً حالة الطوارئ في كلّ الأجهزة التابعة لحكومته.
ومنذ الساعات الأولى لليل أمس الأحد، شهدت مدن بنغازي، والمرج، والبيضاء، وشحات، وسوسة، ودرنة، وعدد من المناطق المحيطة بها، في شرق البلاد، هطول أمطار غزيرة، وارتفاعاً في سرعة الرياح جراء مرور العاصفة المتوسطية "دانيال" بالمنطقة، ما تسبب في فيضان العديد من الأودية واجتياح السيول لهذه المدن والمناطق المحيطة بها وإغراقها بالمياه.
ووفقاً لشهادات متطابقة أدلى بها عدد من سكان مدن بنغازي، والمرج، والبيضاء، ودرنة، لـ"العربي الجديد"، فإن حدة هطول الأمطار تراجعت بشكل كبير صباح اليوم، إلا أن تدفق السيول لا يزال مستمراً داخل الأحياء السكنية.
ولم تعلن وزارة الصحة وأجهزة الإسعاف التابعة لها عن أي إحصاء رسمي حتى الآن لضحايا ومصابي الفيضانات، إلا أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية أفاد، في لقاء تلفزيوني ليل أمس، أثناء متابعته للأوضاع في شرق البلاد، بوفاة شخص وفقدان اثنين آخرين.
وأكد رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان (أهلية) أحمد عبد الحكيم حمزة أن "العدد ارتفع إلى ثماني ضحايا مع قابليته للزيادة، مع وجود عشرات المفقودين بسبب استمرار الأمطار وحركة الفيضانات"، مشيراً في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن "فرق الإنقاذ لم تتمكن من الدخول إلى كل المناطق والأحياء المنكوبة".
ومن جانبه، أكد مدير مكتب الإعلام بمديرية أمن مدينة البيضاء أحميد العوامي أن الأوضاع بالبيضاء والمناطق المجاورة لها خرجت عن السيطرة خلال الساعات الماضية بشكل كامل، مشيراً إلى أن الدعم القادم من المناطق المجاورة قد يتيح عملية استعادة السيطرة والبحث عن المفقودين خلال اليوم.
وفيما أشار العوامي في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن مستشفى المدينة لا يزال المرفق الصحي الوحيد الذي يستقبل المصابين والناجين من الغرق، قال "كان لدينا أيضاً المركز الطبي وعدد من العيادات، لكنها غرقت بالكامل في المياه، وقد عجزت فرق الإنقاذ عن الدخول إلى الأحياء السكنية الغارقة، والمعلومات تؤكد أن العشرات من الأسر غادرت مساكنها وسط السيول الجارفة بعد تدفق المياه إلى منازلها"، مضيفاً: "حتى الآن، لا نعلم حجم الخسائر البشرية لكننا نتوقع أنها كبيرة".
مواطن تجرفه السيول في مدينة #البيضاء
— محمد بوشقمة (@boshgma) September 10, 2023
اكثروا من الدعاء لاخوانكم و الله وضع صعب#ليبيا pic.twitter.com/MXPPBAWwbR
وفي وقت أكد فيه العوامي عدم توفر الإمكانيات اللازمة لدى فرق الإنقاذ لمواجهة العاصفة، أعلن جهاز الهلال الأحمر وفاة أحد عناصره في مدينة البيضاء "بعد انجرافه في الفيضانات خلال عمليات إنقاذ العائلات"، وفقدان اثنين آخرين من عناصره خلال عمليات إنقاذ أخرى في مدينة المرج.
ومن جانبها، أعلنت قيادة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر فقدان الاتصال بـ5 أفراد من قواتها برفقة آلياتهم أثناء مشاركتهم في عملية إنقاذ للعائلات العالقة داخل مدينة البيضاء.
وفيما أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ الحكومي عن فقدان سيارتي إسعاف جراء جرفهما وسط السيول، أكد نجاحه في إجلاء العشرات من العائلات من منازلها، بالتنسيق مع فرق الهلال الأحمر وعدد من الفرق العسكرية.
ومن جانبها، وصفت عضو مجلس بلدية الساحل تهاني بونقاب الوضع في المناطق المجاورة لمدينتي البيضاء والمرج بـ"الكارثي"، مؤكدة، في تصريح لتلفزيون محلي، أن البلدية لا تملك أي إحصائيات عن المفقودين.
وأكدت بونقاب أن مناطق البيضاء، وتاكنس، والبياضة، هي أكثر المناطق تضرراً، موضحة أن "البياضة غرقت بالكامل، والسكان يقيمون على أسطح البيوت"، مشيرة إلى أن عمليات الإنقاذ بدأت مع انخفاض حدة السيول لإجلاء سكان المنطقة، بعدما تمكنت فرق الإنقاذ من إخلاء قرية بطة المحاذية للبياضة من سكانها بشكل كامل.
وفي مدينة سوسة، أكد عميدها وائل بوشغلية فقدان الاتصال بخمسين أسرة بالمدينة، وقال، في تصريحات تلفزيونية: "لم نتمكن من الوصول لهم لإنقاذهم نتيجة انقطاع الطرق بسيول مياه الأمطار الغزيرة".
وتابعت منصات التواصل الاجتماعي بدء موجة العاصفة على بنغازي، قبل أن تمر إلى مدينتي المرج والبيضاء وعدد من القرى الواقعة بينهما، لا سيما البيضاء وتاكنس، وصولاً إلى مدينتي درنة وسوسة والقرى المحيطة بهما.
وخلال الساعات الأولى من بدء تدفق الفيضانات، نشطت منصات التواصل الاجتماعي في متابعة الحدث بنشر فيديوهات أظهرت ارتفاعاً كبيراً في منسوب المياه، وجرف السيول للعشرات من السيارات وتدفقها داخل منازل السكان في العديد من المناطق.
واستخدم سكان مدينة البيضاء ومنطقة البياضة شبكات التواصل الاجتماعي لإرسال نداءات استغاثة للسلطات وهم على أسطح منازلهم، لإنقاذهم من الغرق.
وأظهرت فيديوهات متداولة مقاطع مرئية لإجلاء الأسر العالقة وسط مياه السيول، وأخرى لمحاولة إنقاذ مواطنين عالقين داخل سياراتهم بسبب عدم قدرتهم على مغادرتها جراء تدفق المياه بسرعة عالية.
🛑 Disturbing footage from East #Libya: Women and children trapped in cars due to flooding, desperately calling for assistance. Urgent international intervention needed. #انقذوا_ليبيا
— Ahmed Abdulgalil (@Ahmed_alabidi) September 10, 2023
#انقذوا_الشرق_الليبي#Help_Libya https://t.co/tEwU4aaG2v pic.twitter.com/RrfPM66bdx
ووفقاً لنشرة المركز الوطني للأرصاد، فإنه من المتوقع أن تنخفض موجة الأمطار ظهر اليوم الاثنين، فيما تنجلي العاصفة بشكل كلي مع الساعات الأولى ليوم غد الثلاثاء. لكن الناشط المدني عقيلة الأطرش أكد أن توقف الأمطار لا يعني انجلاء الكارثة، "بل ستبدأ عمليات الإنقاذ بكثافة، خصوصاً البحث عن المفقودين، مع استمرار تدفق السيول".
ووفقاً لمعلومات الأطرش، فإن القوافل التي سيّرتها الحكومة بطرابلس لدعم فرق الإنقاذ والطوارئ والاسعاف "قد تبدأ بالوصول مع ساعات صباح اليوم"، وفقاً لحديثه لـ"العربي الجديد".
وأطلق عدد من النشطاء وقادة منظمات المجتمع المدني نداء لتشكيل حملة "لمة خوت" لتسيير قوافل إغاثية إلى مناطق شرق البلاد، فيما أظهرت فيديوهات وصور متداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي انطلاق أولى قوافل الحملة من مدن طرابلس، وزليتن، والخمس، ومصراته، ومناطق أخرى.