كشفت أرقام أصدرتها مؤسسة "سيغما كونساي" للإحصاء في تونس عن تراجع بنسبة 36 بالمائة في عقود الزواج المحررة في الفترة المتراوحة ما بين 2013 و2021، وتراجع عدد المواليد بنسبة 28 بالمائة على امتداد ذات الفترة، وسط تحذيرات من تداعيات ذلك على تركيبة السكان في البلاد.
وسجّل معدل عقود الزواج ما بين عامي 2013 و2021 تراجعاً من 110119 عقداً إلى 71572 عقداً نتج عنها نقص في الولادات من 222962 إلى 160368 ولادة.
رجحت إحدى الدراسات أن يشهد المجتمع التونسي بين عامي 2035 و2040 ما يطلق عليه "تهرماً سكانياً"
وفسّر مدير "سيغما كونساي" حسن الزرقوني تراجع إقبال الشبان التونسيين على الزواج بتأثير موجات الهجرة التي شهدتها البلاد خلال السنوات العشر الماضية لشباب تتراوح أعمارهم ما بين 25 و45 عاماً، مضيفاً في تعليق على صفحته الرسمية بفيسبوك إن "عدداً كبيراً من الشبان الذين هاجروا خلال العقد الأخير تزوجوا من أجانب أو أنجبوا أبناء في دول المهجر".
وفسّر حسن الزرقوني تراجع رغبة التونسيين في الزواج بتأثير الأزمة الاقتصادية على الأسر وارتفاع كلفة الزواج إلى أكثر من 30 ألف دينار لتجهيز محل الزوجية وتأجير المساكن، معتبرا أن "سن الزواج آخذ في التدهور لكل من النساء والرجال، لا سيما في المناطق الحضرية، وخاصة في محافظات العاصمة الكبرى"، حيث يبلغ متوسط سن المتزوجين في تونس حالياً 33 عاماً مقابل 19 عاماً سنة 1970.
ولاحظ الزرقوني زيادة في صعوبات الإنجاب لدى العديد من الأزواج لأسباب تتعلق بالصحة والتغذية ونمط الحياة والمشاكل الخلقية.
ارتفاع حالات الطلاق
في المقابل بينت الأرقام الصادرة عن مؤسسة الإحصاء عن تطور في المعدلات السنوية لحالات الطلاق خلال السنوات العشرة الماضية من 13 ألفاً إلى 17 ألف حالة.
وتقول الباحثة في علم الاجتماع صابرين الجلاصي إن "المجتمع التونسي يعيش تغيرات متسارعة برزت أغلبها خلال السنوات التي تلت الثورة، حيث اجتمعت العديد من الأسباب المنفرة من المؤسسة الزوجية وهو ما يفسر الوصول إلى النتائج المفصح عنها مؤخراً" .
وتؤكد الجلاصي لـ"العربي الجديد" أن "الضغوط المعيشية المتزايدة ومتطلبات المجتمع الجديدة غيّرت ترتيب الأولويات لدى التونسيين، وهو ما يوثر مباشرة في سني الزواج والإنجاب"، مشيرة إلى "تواصل تأثير الوضع الاقتصادي والاجتماعي على السياسة السكانية، وعلى الرغبة في الاقتران ونسبة الخصوبة، خصوصاً في ظل تأخر سن الزواج وارتفاع معدلات العزوف عن الزواج لدى الجنسين".
واعتبرت أن "هذه العوامل مؤثرة في العقد الاجتماعي التونسي ويتعيّن أخذها بعين الاعتبار نظراً لتداعياتها المباشرة على تمويل الصناديق الاجتماعية ورعاية المسنين مستقبلاً" .
وتفيد أحدث الإحصائيات الرسمية الصادرة عن معهد الإحصاء الحكومي بأن نسبة الخصوبة انخفضت في تونس بشكل متكرر خلال السنوات الأخيرة، وصولاً إلى 1.8 طفل في سنة 2021، مقارنة بـ2.4 طفل في عام 2013، وتعد المباعدة بين الولادات وتأخر سن الزواج من بين أبرز المؤشرات في هذا السياق.
ونسبة الخصوبة تعني عدد الولادات الجديدة لكلّ ألف امرأة في سنّ الإنجاب في الفئة العمرية من 15 إلى 49 سنة أياً كانت حالتهن المدنية، سواء كن عازبات أو متزوجات أو أرامل أو مطلقات.
وفي وقت سابق رجحت دراسة للباحث المختص في البحوث الديموغرافية، علي بن إبراهيم، أن يشهد المجتمع التونسي بين عامي 2035 و2040 ما يطلق عليه "تهرماً سكانياً" إذا ما تواصل معدل تراجع الخصوبة، معتبراً أن جميع البلدان التي تعتمد سياسة تحديد النسل تنخفض فيها معدلات الإنجاب.