الأبنية الخضراء... طموح أردني غائب على الأرض

09 ديسمبر 2022
يضم الأردن 13 مبنى أخضر كلها في العاصمة عمان (أرتور ويداك/Getty)
+ الخط -

تأسس المجلس الأردني للأبنية الخضراء عام 2009، وأنجزت وزارة الأشغال العامة والإسكان أول دليل للمباني الخضراء قبل 7 سنوات، كأول كود عربي لمعالجة مشكلة الهدر الكبير في المياه والطاقة.
يقول مدير مركز المياه والبيئة في الجامعة الهاشمية، ضياء الروسان، لـ"العربي الجديد": "ما زلنا في ترتيب دولي متأخر بالنسبة للمباني الخضراء، وهي غير منتشرة بين منازل المواطنين، وقائمة فقط في مباني المؤسسات الكبرى، كبعض الجامعات والشركات. هناك محاولات لتكون الأبنية خضراء، لكنها ليست استراتيجية، والإشكالية الأكبر ترتبط بالكلفة، فرغم أن تلك الأبنية موفرة على المدى الطويل، لكن كلفة الإنشاء مرتفعة نسبياً، إذ تضم العزل، وتجميع مياه الأمطار، ومعالجة المياه الرمادية، ومراعاة الطاقة النظيفة عبر الخلايا الشمسية وغيرها".

ويدعو الروسان إلى عدم النظر إلى الأبنية الخضراء باعتبارها نوعاً من الترف، والتعامل معها كضرورة، ويوضح أن "التغير المناخي يهدد العالم، والأبنية الخضراء واحدة من الأعمدة الأساسية لمواجهته، وهناك تحديان يواجههما الأردن، وهما الطاقة والمياه، وحالياً نستورد نحو 90 في المائة من احتياجات الطاقة، رغم الظروف المواتية للاستفادة من الطاقة الشمسية، كما يعرف الأردن بأنه من أفقر بلدان العالم مائياً، والعجز يفوق 500 مليون متر مكعب سنوياً، والمباني الخضراء ستزيد حجم مياه الأمطار المجمعة، وتوفر فعالية استخدام المياه".
ويتابع: "إن كان الوصول إلى أبنية خضراء كاملة صعباً، فيجب التوجه لحلول جزئية، مثل تعديل غرف المعيشة لتكون خضراء، من حيث استهلاك الطاقة والتدفئة والعزل الحراري، وهذا سينعكس بدوره على اقتصاد الأسرة".
بدورها، تقول منسقة المشاريع في المجلس الأردني للأبنية الخضراء، غيداء سلامة، إن هناك نحو 13 مبنى مرخصاً كبناء أخضر في المملكة، ونحو 60 مبنى آخر تسعى للحصول على الترخيص لاعتمادها أبنية خضراء، وجميع هذه المباني في العاصمة عمان.
وتضيف سلامة: "ليس شرطاً أن تكون الأبنية خضراء بشكل كامل، والأهم هو التخفيف من الأثر البيئي الذي تحدثه الانبعاثات الكربونية باستخدام مصادر طبيعية، وتقليل الطاقة المستخدمة، وتحقيق استدامة الموارد، وعمل المجلس خلال الفترة الماضية على تأهيل 50 منزلاً، أصحابها من ذوي الدخل المحدود لتكون أبنية خضراء، من خلال تبديل زجاج النوافذ، وتمديدات المياه، واستخدام مصابيح موفرة للطاقة".
وتوضح أن "كل دولة، أو منطقة لها خصوصيتها، فاستخدام الحجر في البناء، وعدم نقل المواد الخام لمسافات بعيدة يصب في أهداف المجلس في الحفاظ على البيئة، وكذلك الاهتمام باستخدام المواد الطبيعية في البناء، وتصميم الأجواء الداخلية والخارجية، والاستخدام الأمثل للطاقة والمياه، وقد وضعنا خطة بمشاركة القطاعين العام والخاص، للعمل على توفير المواد الصديقة للبيئة، والتركيز على استخدام مواد جرى إعادة تدويرها".

غالبية مباني العاصمة الأردنية قديمة (أرتور ويداك/Getty)
غالبية مباني العاصمة الأردنية عمان قديمة (أرتور ويداك/Getty)

وتشير سلامة إلى أن "دليل المباني الخضراء الأردني يعتبر أول كود عربي لمعالجة مشكلة الهدر الكبير في المياه والطاقة، ومواءمة المعايير العالمية لمتطلبات المباني الخضراء للمحافظة على الموارد البيئية والاقتصادية، بما يضمن حياة صحية للمواطنين الذين ينبغي تعريفهم بأهمية الأبنية الخضراء الصديقة للبيئة، ودورها في ترشيد استهلاك الطاقة والمياه، وتحقيق بيئة صحية لشاغليها، إضافة إلى الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية، والمحافظة على استدامة المواقع".
وتوضح المنسقة في المجلس الأردني للأبنية الخضراء، رماح فريجات، لـ"العربي الجديد"، أن "المباني الخضراء لا تتطلب عمليات معقدة، أو آليات مكلفة، وفوائدها ليست بيئية فقط، ولكنها أيضاً اقتصادية واجتماعية؛ إذ يتم خفض تكاليف التشغيل على المدى الطويل عن طريق ترشيد استهلاك الطاقة والمياه، وتقليل الانبعاثات، والحد من النفايات، والحفاظ على درجة الحرارة من خلال الاختيار الدقيق للنوافذ، والعزل الجيد للحفاظ على درجة حرارة الهواء، وعزل مواسير التكييف، واستخدام أنظمة الإضاءة الذكية، واستعمال الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح، أو الطاقة الشمسية، والطاقة الحيوية".
وترى فريجات أنه "بالإمكان تعزيز مفهوم البناء الأخضر عن طريق زيادة الوعي حول أهميته للفرد والمجتمع، وتشريع قوانين تعنى بأمور المباني الخضراء، وتطوير القدرات والإمكانيات لدعم مشاريعها، ومن بينها توفير المواد الخام". 
من جهته، يقول الناطق باسم أمانة عمّان الكبرى، ناصر الرحامنة، لـ "العربي الجديد"، إن "تأثيرات التغير المناخي لا تعرف حدوداً جغرافية، ويجب أن تتكاتف الجهود العالمية لتحسين حياة المواطنين، والحفاظ على المدن من الآثار المتوقعة، والتي بدأت تظهر خلال السنوات القليلة الماضية".
ويوضح أن "قطاع المباني يساهم في ارتفاع نسب انبعاثات الغازات الدفيئة، إذ يعتمد على مصادر الطاقة الأحفورية المستوردة، وبما أن أمانة عمان الكبرى تقوم بإصدار تراخيص الأبنية، فمن السهل عليها معرفة مصادر الطاقة في المنشآت الجديدة، والتأكيد على أهمية توافق المباني المنشأة حديثاً مع التعليمات العامة للمباني الخضراء الصديقة للبيئة، وتحسين كفاءة الطاقة في المباني من خلال إدراجها ضمن خطة (عمان مدينة خضراء 2022)".

ويبين الرحامنة، أن "الأمانة تركز على تحسين كفاءة الطاقة في جميع المباني، فضلاً عن الإضاءة العامة، كما تعمل على تفعيل قوانين البناء، وتحفيز التصميمات الصديقة للبيئة للمباني ذات الطابع التجاري، إضافة إلى تنفيذ برامج بشأن كفاءة الطاقة في المباني السكنية القائمة، كما ساهمت في إعداد أسس تطبيق معايير دليل المباني الخضراء، من خلال قرار صدر في عام 2015، يهدف إلى توضيح آلية تطبيق المعايير، والإجراءات بهذا الخصوص".
وأضاف أنه "جرى إعداد منظومة حوافز تشمل تطبيق خدمة المكان الواحد على مشاريع المباني الخضراء، من خلال تسريع الإجراءات المرتبطة بالترخيص مع نقابة المهندسين والدفاع المدني والأمن العام، وتقسيط تعويضات وعوائد المشاريع الخاصة الخضراء لفترة تصل إلى ست سنوات، ومن دون فوائد، والسماح بتركيب ألواح الخلايا الشمسية على أسطح المباني، وأسقف مواقف السيارات المكشوفة والمغطاة من دون رسوم، وزيادة النسبة الطابقية لمشاريع المباني الخضراء بنحو 25 في المائة من النسبة المسموح بها".

المساهمون