أظهرت دراسة أعدّتها جامعة "كينغز كولدج" البريطانية بالتعاون مع شركة ZOE التي تُعنى بتأثير الغذاء على الجسم، أنّ الاستلقاء والنوم خلال عطلة نهاية الأسبوع قد يكون له تأثير سلبي على صحة الإنسان. وبيّنت أن الأشخاص الذين ذهبوا إلى الفراش بهدف الراحة خلال النهار لمدة 90 دقيقة في عطلات نهاية الأسبوع، أكثر عرضة للإصابة ببكتيريا الأمعاء التي قد تؤدي إلى انسداد الشرايين والسكتات الدماغية والسمنة. كما يشير علماء إلى أن تغيّر أنماط النوم يعطّل الساعة البيولوجية، الأمر الذي يؤثر على عملية الهضم وجهاز المناعة.
وتعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تظهر أن الاختلافات الطفيفة في أوقات النوم على مدار الأسبوع ترتبط مباشرة باحتمال ظهور أنواع مختلفة من بكتيريا الأمعاء. كما أن للأمر علاقة بتغير النظام الغذائي. الدراسة التي شملت حوالي 1000 بالغ أشارت إلى أنّ وجود هذه الأنواع من البكتيريا تضر بالصحة. وتختلف مستويات هذه البكتيريا، وعددها 17، اختلافاً كبيراً اعتماداً على ما إذا كانت لدى الناس أنماط نوم متسقة أو غير متسقة.
وبرزت تسعة أنواع من البكتيريا بشكل واضح من جراء الاضطراب المصاحب للسفر (social jetlag). وتبيّن أن الذين يحافظون على النوم الثابت ولمدة 7 ساعات، لا يعانون من هذه الأنواع المختلفة من البكتيريا، مشيرة إلى أن الفحوصات الطبية التي أجريت على المشاركين بعد تحليل عينات الدم والأمعاء، أظهرت أن أولئك الذين تغيرت أنماط نومهم في عطلات نهاية الأسبوع كان لديهم نظام غذائي فقير وغير متوازن.
والاضطراب المصاحب للسفر يعكس الاختلاف بين الوقت البيولوجي الذي تحدّده ساعة الجسم الداخلية لدينا والأوقات الاجتماعية التي تمليها بشكل أساسي الالتزامات الاجتماعية، مثل المدرسة أو العمل. وتشير الدراسات إلى تأثيره على أكثر من 40 في المائة من سكان المملكة المتحدة، وهو أكثر شيوعاً بين المراهقين والشباب، ويتناقص تدريجياً مع التقدم في العمر. وتظهر الدراسة الصادرة عن جامعة كينغز كوليدج أن نحو 16 في المائة من الذين يعانون من الاضطراب المصاحب للسفر كانوا أكثر تناولاً لنظام غذائي يعتمد على البطاطس والمشروبات السكرية.
وكانت أبحاث سابقة قد أظهرت أن الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب يأكلون كمية أقل من الألياف من أولئك الذين لديهم أوقات نوم أكثر ثباتاً. كما وجدت دراسات أخرى أن هذا الاضطراب مرتبط بزيادة الوزن والمرض والإرهاق العقلي.
يعرف أخصائي الصحة العامة الدكتور بدر زيدان اضطرابات النوم التي تؤثر على الصحة العامة بأنها تلك التي تصيب الساعة البيولوجية للإنسان، وتحدث عادة بسبب الانتقال من منطقة زمنية إلى أخرى، وتحديداً خلال السفر، ويقول لـ"العربي الجديد": "قد تحدث نتيجة الاختلاف بين أيام الأسبوع ونهايته"، لافتاً إلى تأثيرها على الصحة العامة، لأن هذه الاضطرابات مرتبطة بالساعة البيولوجية".
ويشرح زيدان أن الساعة البيولوجية عبارة عن برمجة أو إيقاعات يتبعها الجسم خلال الساعات الأربع والعشرين، وتتأثر بتوقيت الأكل والنوم، ويشير إلى أن دراسات عدة أظهرت أن النوم المضطرب يؤدي إلى مشاكل صحية، وتحديداً في الجهاز الهضمي، بالإضافة إلى آلام في الرأس، ويتحدث عن أهمية النوم في ساعات معينة وضمن فترات زمنية محددة، لأن الاضطراب في ساعات النوم قد يؤدي على المدى الطويل إلى الأرق، كما يؤثر على الصحة الجسدية والنفسية.
إلى ذلك، تشير المتخصصة في علم النفس نادية صفي الدين إلى أن لاضطرابات النوم تأثيرات سلبية على الصحة النفسية، وتوضح في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن الأشخاص الذين لا يحصلون على ساعات نوم كافية ليلاً قد يصبحون أكثر غضباً، عدا عن معاناتهم من التقلبات المزاجية الحادة"، وتضيف: "تظهر الدراسات أن الاضطرابات المستمرة في النوم قد تؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب. لذلك، عادة ينصح الأطباء بالحصول على ما لا يقل عن 6 ساعات نوم متواصلة ليلاً".
ويمكن أن يؤدي عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم إلى زيادة خطر الإصابة باضطرابات نفسية وعقلية، بحسب دراسة صادرة عن قسم علم النفس في جامعة كولومبيا الأميركية، وقد يكون الأرق أحد أعراض الاضطرابات النفسية، مثل القلق والاكتئاب، وصولاً إلى الانتحار. وينصح بضرورة النوم بشكل منتظم، وتجنب العوامل التي تؤدي الى حصول اضطرابات في النوم، مع ضرورة اتباع نظام غدائي متوازن للحفاظ على الصحة العامة الجسدية والنفسية.