أعلنت السلطات الجزائرية، عن قرار تعليق العمل بنظام "السوار الإلكتروني" الذي كان يوضع لفئة من المدانين في قضايا غير جنائية، بسبب معوقات تقنية جراء توريد أساور مغشوشة، وإلى غاية انتهاء التحقيقات في الصفقة المشبوهة التي يلاحق فيها وزير العدل السابق الطيب لوح وعدد من معاونيه .
وأكد وزير العدل بلقاسم زغماتي خلال جلسة مساءلة في البرلمان، أنه تم "توقيف العمل بالسوار الإلكتروني إلى غاية إعادة النظر فيه، لأن الملف حاليا هو محل تحقيق قضائي على ومستوى محكمة الجزائر للوقوف على حقيقة ما جرى في القضية التي كلفت عملية الاقتناء للخزينة العمومية أموالا باهظة بالعملة الصعبة دون أن نستفيد منها شيئا"، مضيفاً أن "الأمل كان كبيرا حينما تم الإعلان عن بداية العمل بالسوار الإلكتروني، غير أن هذه الأحلام تبخرت لأن العملية اعترضتها مشاكل تقنية حالت دون مواصلة العمل بهذا الإجراء".
ووصف زغماتي مشروع السوار الإلكتروني بأنه "حلم تبخر" ، وتم اقتناء ألف سوار إلكتروني مغشوش في عهد وزير العدل السابق الطيب لوح، الموقوف حاليا في السجن، إذ تجري متابعته هو وعدد من معاونيه السابقين في الوزارة، من قبل القضاء بتهمة التورط في توريد "أساور إلكترونية مغشوشة"، وكشفت التحقيقات أن الألف سوار التي تم توريدها بقيمة ألف يورو للجهاز الواحد، على أساس أنها من صنع إحدى الدول الأوروبية، اتضح أنها مُصنّعة في الصين، وغير صالحة للمتابعة التقنية، وكبدت خزينة الدولة 100 مليون يورو.
ويتكون السوار الإلكتروني من شريحة نظام تتبع المواقع، وكذا من بطارية ويستعين مكتب المراقبة بلوحة تحكم معلوماتية تسمح بمراقبة مختلف تحركات حامله، إذ يشترط على حامل السوار الإلكتروني، عدم مغادرة الحدود الإقليمية المحددة له، ويتم تسييره بواسطة برنامج إعلام آلي يربط بين المواقيت والمواقع الجغرافية المعينة لحامله، إذ يمكن تحديد مكان تواجد وتحركات الشخص الذي يضع السوار بدقة عالية وفي حالة تجاوز الشخص الذي يضع هذا السوار على الكاحل للإطار الجغرافي المحدد له من قبل السلطة القضائية، تُعطى إشارة تنبيه لقاعة المراقبة المتواجدة على مستوى مركز إعادة التربية وتوجه له إنذاراً أولياً، وتبلغ صلاحية استعمال السوار مدة عشر سنوات.
وتعتبر الجزائر ثاني دولة أفريقية بعد أفريقيا الجنوبية، تعتمد هذه التقنية المتطورة. وكان مقررا أن يشمل هذا النظام كجزء من العقوبات البديلة فقط الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة خفيفة لا تتجاوز الثلاث سنوات لارتكابهم جرائم بسيطة أو المحبوسين ممن لم يتبق من فترة عقوبتهم أكثر من ثلاث سنوات ويمكن إطلاق سراحهم، بعدما أثبتوا حسن السيرة في المؤسسة العقابية، و يشمل الأشخاص المتابعين قضائيا غير المحكوم عليه نهائيا والموضوعين تحت الرقابة القضائية، وهو ما سيجنبهم عبء التنقل إلى المحاكم أو مصالح الضبطية القضائية من أجل التوقيع في إطار الرقابة القضائية الكلاسيكية .
وكانت وزارة العدل الجزائرية قد أطلقت في مارس/آذار 2018، مشروعا للعمل بنظام " السوار الإلكتروني" كعقوبة بديلة تطبق على الأشخاص المدانين في جنح وقضايا غير جنائية، تسمح بمراقبة تحركاتهم ضمن نطاق تحدده العدالة من جهة، وبدأ العمل في تلك الفترة بهذا النظام بخطة تجريبية بوضع السوار الإلكتروني لأربعة أشخاص مدانين كخطوة أولى، عممت في وقت لاحق على مجموعة أكبر من المدانين في قضايا غير خطيرة، وكانت وزارة العدل الجزائرية تأمل في أن تساهم هذه الوسيلة العصرية المعتمدة في النظم القضائية المتطورة في إعادة الإدماج وحماية الحريات وحقوق الإنسان والسماح للمستفيدين منه بمتابعة حياتهم بشكل عادي، والتخفيف من الاكتظاظ بالمؤسسات العقابية، و كذا تخفيف أعبائها المالية بالنسبة لإدارة السجون. وكان يسمح حمل السوار الإلكتروني للشخص المدان بالتمتع بحرية نسبية وممارسة نشاطه المهني أو متابعة الدراسة و التكوين أو العلاج في حدود المنطقة المعينة له من قبل القاضي.