يصادف اليوم الثلاثاء الذكرى الثامنة لتأسيس الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، وهو منظمة إنسانية تضم أكثر من 3 آلاف متطوع، وعملت منذ تأسيسها على إنقاذ 125 ألف شخص، وفقدت 297 متطوعاً.
تأسست المنظمة في 25 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2013، ولم يكن عملها الحالي سهلاً، وفق ما أوضح المتطوع أحمد يازجي خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، كون الكثير من المتطوعين قتلوا وأصيبوا، والمدنيين الـ125 ألفاً الذين تم إنقاذهم أصيبوا جميعهم نتيجة الهجمات الجوية والأرضية لقوات النظام وروسيا والمليشيات الأخرى.
وبيّن يازجي أن فرق المنظمة تعمل على أربعة برامج أساسية ينبثق عنها جميع المهام؛ وهي برنامج البحث والإنقاذ والإطفاء، "وخلال السنوات السابقة، استجابت لعشرات الآلاف من الهجمات التي شنتها قوات النظام وروسيا والمليشيات الأخرى الموالية لهم، وعملنا فيها على انتشال الضحايا وإنقاذ المدنيين ونقلهم إلى أماكن آمنة، حيث استجابت الفرق منذ بداية 2019 حتى الآن لأكثر من 1800 ألف هجوم جوي ومدفعي، تم فيها انتشال جثامين أكثر من 2650 شخصاً، كما استجابت لمئات الانفجارات المجهولة والسيارات المفخخة، وتم فيها انتشال جثامين مئات المدنيين الذين قتلوا، فيما تم إسعاف وإنقاذ المئات".
61 ألف عملية اسعاف وإخماد آلاف الحرائق
واستجابت فرق المنظمة أيضاً، وفق يازجي، لآلاف الحرائق خلال السنوات الماضية، إذ في عام 2020 أخمدت فرق الإطفاء في الخوذ البيضاء أكثر من 3000 حريق، بينها نحو 140 حريقاً في المخيمات، ونحو 450 حريقاً في منازل المدنيين. ومنذ بداية العام الحالي أخمدت أكثر من 2354 حريقاً في شمال غربي سورية. وفي عام 2020 قدمت الفرق أكثر من 43 ألف عملية إسعاف ونقل، وفي عام 2021 استفاد أكثر من 75 ألفاً من خدمات الإسعاف والنقل.
والشق الثاني الذي تعمل عليه المنظمة هو الشق الصحي، وهو خدمة الإسعاف عبر منظومة متكاملة تقوم بإسعاف المرضى والحالات الطارئة ومصابي الحوادث والمدنيين الذين يتم إنقاذهم من تحت ركام القصف، وتشمل عملية الإسعاف إضافة للنقل تقديم الإسعافات الأولية للمرضى حتى وصولهم إلى المراكز الطبية، ومنذ بداية العام الحالي حتى الآن استجابت فرق الإسعاف لأكثر من 61 ألف عملية إسعاف ونقل.
ولدى المنظمة مراكز نسائية تسعى بدورها إلى تقديم خدماتها المتنوعة لكافة فئات المجتمع السوري بمختلف انتماءاته، واستفاد من خدمات المراكز النسائية في عام 2021 أكثر من 133 ألفاً، 70% من المستفيدين نساء. ومنذ بداية العام الحالي استفاد أكثر من 122 ألفاً من خدمات المراكز النسائية. ويوجد حالياً 33 مركزاً نسائياً تتوزع على محافظات حلب وإدلب وريف اللاذقية وريف حماة، تعمل ضمنها أكثر من 275 متطوعة.
التعافي المبكر.. إزالة الذخائر غير المنفجرة
وتعمل المنظمة على برنامج التعافي المبكر، الذي يشمل إزالة الذخائر غير المنفجرة، إوقد قال يازجي "مع بداية عام 2016 عمل الدفاع المدني السوري على تدريب عدد من متطوعيه على كيفية التعامل مع هذه الذخائر، إذ جرى التعامل مع أكثر من 24 ألف ذخيرة متنوعة ضمن إمكانات محدودة جداً وظروف عمل صعبة جداً، وفي العديد من الأحيان كلفت عدداً من الشهداء وبعض الإصابات".
والتوعية من بين الجهود التي تعمل عليها المنظمة كما أكد يازجي، فيما يخص الذخائر غير المنفجرة، إضافة للخدمات العامة، حيث قدم متطوعو المنظمة أكثر من 139 ألف عملية خدمية في عام 2020 و95 ألفاً في عام 2021، و30 ألف عملية منذ بداية العام الحالي، وتنوعت هذه العمليات بشكل كبير جداً بين خدمات الإصلاح والبنية التحتية وإزالة الركام وفرش طرقات بالمخيمات والمساعدة بتأهيل شبكات الصرف الصحي والمياه.
أدلة ضد جرائم النظام السوري
تمتلك المنظمة الكثير من الأدلة على الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد وروسيا وفق ما أوضح يازجي، ولا سيما أن متطوعيه هم المستجيبون الأوائل لحالات القصف ويوثقون تلك العمليات عبر كاميرات مثبتة على خوذهم "ولن يتوانى الدفاع المدني السوري عن تقديم الأدلة والشهادات حول جرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد وروسيا حتى تتحقق العدالة ويُحاسب المجرمون".
ومن بين الخدمات التي تقدمها المنظمة، وفق يازجي، خدمة "الراصد" وهو نظام تحذير مبكر أطلقه الدفاع المدني السوري في أغسطس/ آب 2016 يقوم بإرسال تحذيرات متعلقة بحركة الطيران الحربي في سورية قبل وقوع الغارات، وذلك بهدف إنذار المدنيين وتخفيف أعداد ضحايا القصف الجوي.
ويعتبر السوريين في مناطق سيطرة المعارضة منظمة الدفاع المدني ومتطوعيها بمثابة منقذين، خاصة سكان مخيمات شمال غربي سورية، الذين تعرضت مخيماتهم خلال الأعوام الماضية لعواصف اقتلعت خيامهم وأغرقتها وكانت فرق الدفاع المدني حاضرة لإنقاذهم.
محمد العمر المقيم في ريف إدلب قال خلال حديثه لـ"العربي الجديد": "أعيش بمناطق سيطرة المعارضة السورية، والدفاع المدني كان أقرب للناس ويستجيب لأي حادث، كان يقف إلى جانبنا بكل الظروف الصعبة التي عشناها".
وتابع: "سابقاً بيتي في معرة النعمان تعرض للقصف من قبل الطائرات الحربية الروسية، وكان الدفاع المدني أول المنقذين لي ولعائلتي، وخلال فترة نزوحي إلى مخيمات اللجوء تعرضت خيمتي لحريق ضمن تجمع مخيمات أطمة السنة الماضية، وكانت فرق الدفاع المدني أول من وصل للمكان وأخمدت الحريق والحمد الله الأمور تحت السيطرة واقتصرت الأضرار على الماديات".
وأضاف العمر: "أرى الخوذ البيضاء من أنجح المؤسسات التي عملت ضمن مناطق سيطرة المعارضة، ولا سيما المشاريع الأخيرة التي تقدمها المنظمة من خلال فرش طرقات، وتأهيل حدائق، وتنظيف المدارس، وحملات التوعية المهمة جداً بمجتمعنا، بالإضافة للدور الكبير الذي يقوم به متطوعو الدفاع لإنقاذ أرواح المدنيين في كل مكان، وعلى الرغم من كل الضغط الذي تتعرض له المؤسسة من استهداف لمتطوعيها من قبل قوات النظام والروس؛ فإن المنظمة تتطور في أدائها وعملها وإخلاصها للإنسان السوري في كل مكان".
بدوره قال الناشط حسن المختار لـ"العربي الجديد": "نشكر الدفاع المدني، كون له بصمة كبيرة في إنقاذ عشرات الآلاف من الناس، ولا أحد ينكر فضلهم في إنقاذ حياة عشرات آلاف الجرحى، نهنئهم بالعام الجديد لهم".