ساد غضب شعبي في مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب، شمالي سورية، بعد انتشار رسوم اعتُبرت مسيئة للنبي محمد تضمّنها كتاب عن السيرة النبوية، وُزّع حديثاً على طلاب الصفَّين الأوّل والثاني الابتدائيَين في عدد من مدارس المنطقة. وبعد تداول الرسوم بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، شهدت مناطق عدّة في الشمال السوري تظاهرات ووقفات احتجاجية، أمس الجمعة، طالبت بمحاسبة المتورّطين في الإساءة لمقام النبي محمد، فيما أطلق ناشطون حملة على وسائل التواصل الاجتماعي احتجاجاً على سوء إدارة ملفّ التربية والتعليم في المنطقة.
ويُظهر رسم توضيحي حفل زفاف الرسول بزوجته خديجة، بالإضافة إلى رسوم أخرى لأمّ الرسول وهي تعتني به. كذلك ضمّ الكتاب رسماً للنبي على هيئة رجل يستقبل ابنته وهي عائدة من المدرسة.
وشهدت مناطق الباب وأعزاز وعفرين واخترين في ريف حلب تظاهرات احتجاجية، فحمل المتظاهرون لافتات تتضمّن عبارات منددة مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن نشر تلك الرسوم. كذلك تفاعلت المؤسسات الأمنية والعسكرية التابعة للمعارضة مع الاستياء الشعبي في جرابلس والباب وقباسين، وجمعت نسخاً من الكتاب وأحرقتها في عدد من الساحات العامة.
من جهتها، استنكرت نقابة المعلمين الأحرار توزيع الكتاب الذي حمل اسم "السيرة النبوية" وطالبت في بيان بتغيير المنهاج الحالي ووضع آخر من قبل لجان تربوية وتعليمية مختصة من أهل العلم، تحت إشراف المجلس الإسلامي السوري.
#جرابلس حرق كتاب السيرة الذي تضمن إساءة للنبي صلى الله عليه وسلم بل فيه
— الشيخ عبد الرازق المهدي (@abdulrezakm11) November 25, 2021
إساءة للإسلام والمسلمين..#والعجيب أنه يشرف على هذا المنهاج ومراقبة الكتب عدد من أصحاب الشهادات العليا.
التعليق على هذه الإساءة بعد قليل.. pic.twitter.com/5nAenLE0MU
وفي الإطار نفسه، أصدر "المجلس الإسلامي السوري" بياناً أمس الجمعة استنكر فيه ما ورد في الكتاب المدرسي. و جاء في البيان الذي ألقاه المتحدث باسم المجلس مطيع البطين، أنّ الرسوم التي تضمّنها الكتاب "خطأ جسيم يتحمّل مسؤوليته كلّ من شارك فيه"، مشيداً بخطوة سحب الكتاب من التداول وإجراء تحقيق سريع وشفاف حول هذا الموضوع، ومحذّراً من "استغلال هذا الحدث لافتعال الفتن".
في المقابل، نفت الحكومة السورية المؤقتة علمها بأمر الكتاب. وأضافت في بيان أنّها شكّلت لجنة تحقيق بهدف "التأكد من صحة الادعاءات المتداولة".
وكانت ولاية غازي عنتاب التركية قد أعلنت فتح تحقيق في القضية، لافتة في بيان إلى أنّ الكتاب طُبع من قِبل إحدى دور النشر، ونُشر في بعض المناطق في سورية. وأضافت أنّه "على الرغم من تقديم دار النشر توضيحاً بذلك على أنّ الخطأ غير مقصود وتقديمها اعتذاراً، إلا أنّه سيتمّ التحقيق في هذا الأمر".
وفي بيان صادر عن دار النشر المسؤولة عن طباعة الكتاب المذكور، أُعلن أنّ فريق المراقبة في المركز هو المسؤول عن الخطأ، وأنّ المصمم أضاف الرسم الخطأ وأرسله إلى الطباعة. من جهته، قال المدير العام لمركز "الاستشراف للدراسات والأبحاث" عماد الدين الرشيد المسؤول عن طباعة الكتاب، إنّ المركز ألّف عدداً من الكتب المدرسية بتكليف من وزارة التربية التركية، من بينها كتب السيرة النبوية للمرحلة الابتدائية. وأوضح أنّ مقدّمات كلّ درس احتوت رسوماً معاصرة مع أسئلة عليها لتهيئة التلميذ للدخول إلى الدرس، نافياً أن تكون هذه الرسوم المسيئة من أحداث السيرة أو تعبّر عنها.
أضاف الرشيد أنّ المركز يُقدّم اعتذاره للشعب السوري في المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام، وذلك بسبب الخطأ غير المقصود الحاصل في أحد كتب مناهج السيرة النبوية، والذي جرى تأليفه بتكليف من وزارة التربية التركية. وأوضح أنّ المركز أرسل إلى وزارة التربية التركية الملف غير المعتمد بصيغته النهائية، وجاءت ملاحظات وتصحيحات من الوزارة على بعض الرسوم، ورُفع الملف بصيغته القديمة خطأ إلى الوزارة من غير تصحيح. وبالتالي فإنّ لا علاقة لوزارة التربية التركية بهذا الخطأ. يُذكر أنّ وزارة التربية والتعليم التركية تشرف على عملية التعليم في الشمال السوري عن طريق المجالس المحلية التي تدير هذه المناطق، وذلك منذ سيطرة فصائل المعارضة السورية على المنطقة بدعم تركي.