لم يمض سوى يومين على اعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي للشاب عرفات ياسر حمدان (25 عاماً) من قرية بيت سيرا غرب رام الله وسط الضفة الغربية، حتى أعلنت قوات الاحتلال استشهاده مساء أمس الثلاثاء، ليلتحق بالشهيد عمر دراغمة (58 عامًا) من مدينة طوباس شمال شرق الضفة الغربية، والذي أعلن عن استشهاده أيضًا بعد أيام قليلة من اعتقاله، فيما تؤكد عائلتا الشهيدين ومؤسسات حقوقية أن الاحتلال قتلهما بالضرب الوحشي.
عائلة الشهيد حمدان تؤكد أن قوات الاحتلال تسببت في استشهاد ابنها عرفات؛ نتيجة للتنكيل والتعذيب والإهمال الطبي، إذ عانى حمدان من حالة صحية أدت إلى مشكلة في الأنزيمات والسكري.
يقول ياسر حمدان، والد الشهيد عرفات، لـ"العربي الجديد": "إن ما يمكن أن يؤدي إلى استشهاد نجله خلال يومين فقط من اعتقاله هو التعذيب والضرب المبرح، أنا متأكد من أن ابني أعدم بين أيديهم؛ بسبب هذا الأسلوب الذي يتعاملون به مع الأسرى، وأنا تعرضت له خلال اعتقاله".
يروي ياسر حمدان أن جنود الاحتلال اعتدوا عليه رغم أنه لم يكن المستهدف من الاعتقال، بل كان ابنه عرفات، ويقول: "مع بداية اقتحام المنزل ضربوني وعذبوني وربطوا يدي، بمجرد أن فتحت لهم الباب ضربوني على ظهري، ثم قيدوني، ووضعوا كيساً على رأسي، وبدأوا بالتحقيق معي بأسلوب همجي، وكنت أجيبهم وهم يركلونني بأقدامهم، ليتبين بعد نصف ساعة أنهم لا يريدونني، بل يريدون اعتقال ابني، وفعلاً ربطوه واعتقلوه".
يؤكد حمدان أنه أبلغ جنود الاحتلال وأحد ضباطه بوضع ابنه الصحي، الذي أجاب بدوره بإمكانية أخذه للدواء معه، لكن حمدان أكد أن المرض ليس خطيراً وليس نادراً، وهو ملازم لابنه منذ عشرين عاماً، والتعامل معه بسيط حين تحصل المشكلة بحبة دواء للسكري، ولا يمكن أن يستشهد من المرض خلال يومين فقط.
يُحمّل ياسر حمدان سلطات الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية استشهاد ابنه بسبب التعذيب، والأسلوب الذي يتعاملون به مع الأسرى.
استشهد عرفات حمدان تاركًا ابنته "أيلول" التي تبلغ من العمر ستة أشهر فقط، وزوجته الحامل بالشهور الأولى، وعرفات الابن البكر لعائلته، وله ثلاث شقيقات، وثلاثة أشقاء، أحدهم كان أسيرًا سابقًا وجريحًا.
ونقلت قوات الاحتلال اليوم الأربعاء جثمان الشهيد الأسير عرفات حمدان إلى ما يسمى (المعهد الطبي العدلي في أبو كبير)، بحسب بيان لنادي الأسير الفلسطيني وهيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية.
أما بخصوص الشهيد الأسير عمر دراغمة، وقبل ساعات من استشهاده أول أمس الاثنين، عقدت قوات الاحتلال جلسة محاكمته عبر تقنية "الفيديو كونفرنس"، حيث يعتقل في سجن "مجدو"، وبحضور محاميه أشرف أبو سنينة في محكمة (عوفر) العسكرية، ولم يكن دراغمة يعاني من أية مشكلات صحية، بحسب ما أكّده محاميه للهيئة والنادي، الذي قال إنه كان بصحة جيدة، إذ سأله المحامي عن صحته وأكّد له أنه بوضع صحي جيد.
هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، أفادا في بيان صحافي اليوم الأربعاء، أنه واستنادًا لتقرير صدر عن إدارة سجون الاحتلال، فإنّ الشهيد عمر دراغمة كان يعاني من نزيف داخلي لحظة استشهاده، وهذا ما يؤكّد مجددًا أنّه تعرض لعملية اغتيال عن سبق إصرار.
يشير النادي والهيئة إلى أن التقرير الصادر عن إدارة السجون "ليس من باب الحاجة إلى ما يثبت جريمة الاغتيال، وإنما للتأكيد على أنّ رواية الاحتلال هي مجرد أكاذيب للتنصل من الجريمة، كما كانت تفعل وستفعل دائماً".
واعتقلت قوات الاحتلال عمر دراغمة، إلى جانب نجله حمزة، في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وجرى تحويله إلى الاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر، وكذلك نجله حمزة، وهو أسير سابق، ومتزوج وأب لأربعة من الأبناء (ثلاثة أبناء وابنة).
وباستشهاد الأسيرين حمدان ودراغمة، ارتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 إلى 239، منهم 12 شهيدًا يواصل الاحتلال احتجاز جثامينهم، من بينهم حمدان ودراغمة.
تؤكد هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير بدء الاحتلال تنفيذ عمليات اغتيال ممنهجة بحق الأسرى عن سبق إصرار، وما يثبت ذلك الاستناد إلى الشهادات والروايات لمعتقلين أفرج عنهم مؤخرًا، والمعطيات التي تعكس مستوى الجريمة من اعتداءات وتهديدات بالقتل، وعمليات تنكيل على مستويات عدة، ووقف إدارة السّجون علاج الأسرى، والتوقف عن نقلهم إلى عيادات السجون، كجزء من سلسلة إجراءات خطيرة فرضت على الأسرى بعد السابع من الشهر الجاري.
ومنذ السابع من الشهر الجاري، تنفذ قوات الاحتلال حملات اعتقال يومية بالضفة الغربية، وصل عدد المعتقلين بها حتى الآن أكثر من 1350 حالة اعتقال، لا تشمل معتقلي قطاع غزة، ولا عمال غزة، علمًا أنه يتوقع وصول عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال مع معتقلي غزة إلى نحو 11 ألف معتقل.