الغلاء حرم السودانيين فرحة العيد

15 مايو 2021
لم تعرفا فرحة العيد هذا العام (أشرف شاذلي/ فرانس برس)
+ الخط -

شكّل غلاء الأسعار قبيل العيد صدمة لدى معظم السودانيين، وقد باتت تتجاوز مداخيلهم، الأمر الذي حرم بعضهم من شراء حاجات العيد الأساسية أو الاكتفاء بالقليل منها. وعادة ما يحرص السودانيون على قضاء العطلة في الأرياف والمدن الصغيرة بين الأهل والأصدقاء. فالعيد هو فرصة للفرح وشراء الثياب والألعاب الجديدة، بالإضافة إلى تجديد أثاث البيوت. يقول ياسر الخير، وهو أب لثلاثة أطفال، إنّه توجّه إلى سوق سعد قشرة في منطقة الخرطوم بحري، لشراء ملابس لأطفاله ولزوجته وجلابية له، بالإضافة إلى أحذية للجميع، حاملاً معه 40 ألف جنيه (نحو 100 دولار)، وهو مبلغ ادّخره خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة لشراء مستلزمات العيد. لكن أمله خاب بعدما تبين له أنّ هذا المبلغ لن يكفي إلا مستلزمات طفلين، لأن سعر الكساء الواحد لا يقل عن 15 ألف جنيه (نحو 36 دولاراً)، وسعر الحذاء لا يقل عن 5 آلاف جنيه (نحو 12 دولاراً). يُضيف أنه عاد إلى المنزل خالي الوفاض، وتشاور مع زوجته، ووجدا أن الحلّ في ارتداء الملابس التي كانت الأسرة قد اشترتها قبل 4 أشهر لمناسبة زواج داخل الأسرة الكبيرة، على أن يخصص المبلغ الحالي لشراء الخبز والحلويات وألعاب الأطفال، ويستخدم ما تبقى لحجز تذاكر السفر ذهاباً وإياباً إلى ولاية سنار، لقضاء عطلة العيد مع الأسرة الكبيرة.
يأسف الخير لجشع التجار، وعدم مراعاة القيم الاجتماعية والدينية للعيد، مستنكراً عدم تحرك الحكومة واتخاذها أية إجراءات لتخفيف العبء عن الأسر في العيد أو عبء الحياة المعيشية عامة التي باتت لا تطاق، على حدّ قوله. 

لم يكن الخير وحده الذي أصيب بخيبة أمل نتيجة ارتفاع الأسعار، إذ تقول هنادي أبو إدريس، وهي ربة منزل، لـ"العربي الجديد"، إنها اعتادت لسنوات طويلة إعداد أشكال مختلفة من الخبز. إلا أن الظروف المعيشية الصعبة أجبرتها هذا العام على تغيير عاداتها، وخصوصاً أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل جنوني، ومن بينها الزيت والدقيق والبيض، مؤكدة أنها وجدت أن الكلفة الكلية لإعداد الخبز أكبر بكثير من راتب زوجها الشهري، وبالتالي اكتفت بأكياس من الحلوى والتمر لتقديمها إلى ضيوفها في العيد.
وإذا كان ياسر الخير قد تخلّى عن شراء الملابس وهنادي أبو إدريس قد تخلّت عن إعداد الخبز، فإنّ محمد جبريل قرر عدم السفر إلى ضواحي مدينة القضارف، شرق البلاد، لأن أسعار تذاكر السفر بالحافلات ارتفعت من 2500 جنيه (نحو 6 دولارات) إلى 4 آلاف جنيه (نحو عشر دولارات). بالتالي يحتاج وأفراد أسرته إلى نحو 40 ألف جنيه (نحو مائة دولار) في رحلتي الذهاب والعودة إلى الخرطوم بعد انقضاء عطلة العيد.  
يوضح جبريل لـ "العربي الجديد" أن الالتزامات تراكمت على العائلة خلال الأشهر الماضية. في شهر فبراير/ شباط الماضي كان عليهم تأمين مستلزمات الدراسة مع بداية العام الدراسي، ثم جاءت احتياجات شهر رمضان، واليوم حلّ عيد الفطر، علماً أن أسعار السلع الأساسية مرتفعة في الأسواق. وفي جولة على محطات السفر للولايات، لاحظ لأول مرة عدم إقبال المواطنين على السفر منذ سنوات طويلة. كما لاحظ أن بعض المواطنين بدأوا في الاستعانة بالشاحنات من مختلف أنواعها للوصول إلى أسرهم، بينما قرر بعض الطلاب في الجامعات قضاء عطلة العيد في المجمعات السكنية. لكن جبريل يرى في عدم السفر فائدة ومساهمة في الحد من انتشار فيروس كورونا، مشيراً إلى أن ولاية الخرطوم هي أكثر الولايات التي تنتشر فيها الجائحة، وأن سفر القاطنين فيها إلى الولايات الأخرى قد ينقل العدوى إلى هناك.  
تجدر الإشارة إلى أنه منذ أشهر، تشهد البلاد ندرة في مواد مثل الخبز والوقود والدواء، نتيجة الانهيار المستمر في أسعار الجنيه السوداني وارتفاع معدل التضخم الذي تجاوز 300 في المائة.

موقف
التحديثات الحية

في هذا الإطار، نشطت منظمات مجتمع مدني ورجال أعمال وفاعلو خير، في تقديم المساعدة  للأسر الفقيرة من أجل توفير ملابس العيد لأطفالها، مثال على ذلك عدد من المغتربين السودانيين الذين جمعوا نحو مليون جنيه، وأرسلوه إلى جمعية خيرية لتوزيعه على المحتاجين. توضح مسؤولة الجمعية سلوى وراق لـ"العربي الجديد" أنها خلال الأيام التي سبقت العيد وزعت تلك الأموال على عشرات الأسر، مع منح الأولوية للأرامل وكبار السن والمتقاعدين.