بدأت السلطات المغربية ترحيل مئات المهاجرين السريين من محافظة الناظور (شمال شرق) والمناطق المحيطة بمدينة مليلية، في خطوة لمنع تكرار ما عاشته المنطقة قبل أسبوع، حين خلفت أحداث دامية مصرع 23 مهاجرا، وإصابات عدة في صفوف المهاجرين وقوات الأمن.
وأثار ترحيل المهاجرين إلى مناطق في داخل البلاد جدلا حقوقيا، واسعا يتزامن مع تجدد النقاش حول محاربة الهجرة السرية في أعقاب الاقتحام الجماعي للسياج الحدودي.
وقال مصدر في محافظة الناظور، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "عملية ترحيل المهاجرين السريين إلى مدن داخل البلاد تندرج في سياق جهود محاربة الهجرة غير الشرعية"، لافتا إلى أن المهاجريم سينقلون إلى مدن تتوافر فيها شروط حياة أفضل.
في المقابل، كشفت مصادر حقوقية مغربية لـ"العربي الجديد"، أن السلطات شرعت خلال الأيام الماضية في ترحيل المهاجرين السريين الذين تم القبض عليهم بعد عملية اقتحام السياج الحدودي الفاصل بين محافظة الناظور ومليلية، وكذا المهاجرين الذين تم اعتقالهم في المناطق المحيطة أثناء عمليات تمشيط الغابات القريبة من المدينة، وأن الترحيل نحو مدن من بينها بني ملال، وخريبكة.
وقدرت المصادر الحقوقية عدد المهاجرين الأفارقة الذين تم ترحيلهم بما يزيد عن ألف مهاجر، لافتة إلى أن العملية "لن تحل المشكلة لأنهم حتما سيعودون، خصوصا وأن النقل إلى مدن الجنوب تم من دون موافقة المهاجرين، ما يعتبر خرقا لحقوقهم".
ويقول الخبير في شؤون الهجرة، شكيب الخياري، إن "الاستناد إلى الحق في حرية التنقل من أجل اعتبار أن نقل المهاجرين يعتبر خرقا لحقوق الإنسان غير صحيح، فهذا الحق تم النص عليه في المادة 12 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ويلزم للتمتع به أن يكون الأجنبي متواجدا داخل البلد بشكل قانوني، كما أنه حق قابل للتقييد لحماية الأمن القومي، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو حقوق الآخرين وحرياتهم".
وأوضح الخياري لـ"العربي الجديد "، أن "القانون المغربي ينص على أنه يمكن للإدارة إخضاع أجنبي غير حاصل على بطاقة الإقامة لمراقبة خاصة بسبب تصرفه أو سوابقه، كما يمكنها أن تقرر منعه من الإقامة بإقليم أو أكثر، أو أن تحدد له المناطق التي يمكنه أن يقيم بها".
وأضاف أن "مداهمة مخيمات المهاجرين في الغابات يمنع تخطيطهم الجماعي لاقتحام مدينة مليلية، أو الهجرة عبر البحر إلى الضفة الأوروبية، مع ما يمكن أن يحدث من أفعال يمكن إدراجها ضمن جريمة الاتجار بالبشر، وشهادات المهاجرين تؤكد ذلك. من غير المنطقي تركهم في هذا الوضع الذي يهدد النظام والأمن، ونفس الوضع قائم في مناطق أخرى غير حدودية، ولا يتم التعامل معها بذات المقاربة لانتفاء التهديد".
في غضون ذلك، قامت السلطات المغربية بتعزيز التواجد الأمني في حدود مليلية وسبتة، وهو نفس الأمر الذي قامت به القوات الإسبانية في الجهة المقابلة، كإجراء استباقي لمواجهة أي محاولة اقتحام جديدة من المهاجرين.
وعرف السياج الحدودي الفاصل بين مدينة مليلية ومحافظة الناظور، صباح الجمعة الماضية، محاولات اقتحام لعشرات المهاجرين الأفارقة، وتعتبر مليلية، وكذلك سبتة، نقطتي عبور معروفتين للمهاجرين السريين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا.