على أهالي السويداء في جنوب سورية، وغيرها من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، أن يستعدوا إلى احتمال إغلاق المستشفيات العامة، لعدم توفّر الأعداد اللازمة من الكادر الطبي فيها، بعد أن زادت وتيرة هجرة الأطباء والممرضين والمخبريين الفنيين، بحثاً عن فرصة عمل تؤمّن لهم ولعائلاتهم العيش الكريم والاستقرار.
وتنتظر الممرضة إيمان (32 عاماً)، التي طلبت التحفظ على اسم عائلتها، أن تصل أوراقها المطلوبة لتنطلق باتجاه ليبيا، حيث وقعت عقد عمل مع أحد المستشفيات مقابل راتب قدره 600 دولار أميركي. أضافت في حديث مع "العربي الجديد" " أن أترك عائلتي وولدي هو أمر غاية في الصعوبة، خاصة أن ابني الكبير لم يبلغ الثامنة من العمر بعد والصغير في الرابعة من عمره".
وتابعت: "لكن الوضع لم يعد يطاق، ولم أعد أنا وزوجي قادرين على تأمين الاحتياجات الأساسية للأطفال. إذ منذ خمس سنوات ونحن غير قادرين على تركيب نوافذ لمنزلنا. العمر يضيع من بين أيدينا بلا أي فائدة".
ويبدو أنّ الطبيب سامر ب. قد حسم أمره وقرّر التوجّه إلى الصومال. وقال إنّ "الفروقات المالية بما يخصّ الدخل كبيرة جداً، ففي حين أنّ راتب الطبيب السوري هو حوالي 60 ألف ليرة، أيّ نحو 17 دولارا أميركيا، الراتب في الصومال يتراوح بين 3500 و4500 دولار أميركي. عليك أن تحسب الفوارق بين الدخلين وما قد يوفّره الشخص من احتياجات لعائلته".
ويعاني أهالي السويداء من انخفاض عدد الأطباء والممرّضين في المستشفيات، فقد لا تجد طبيباً اختصاصياً واحداً في مستشفيات مثل "صلخد" أو "سالي"، في حين يشكو الكادر الطبي في المستشفى العام الوحيد في مدينة السويداء من تناقص عدد الأطباء والكادر التمريضي بشكل متسارع. ففي قسم الحروق مثلاً، يوجد طبيب اختصاصي واحد، وفي قسم الجراحة العامة نحو 4 أطباء أحدهم يستعد للسفر، وليس حال الأقسام الأخرى أفضل.
مؤخراً، دقّ مدير الصحة نزار مهنا ناقوس الخطر محذراً من توقف الخدمات الطبية في عدد من المستشفيات والمراكز الطبية. وتحدّث في مؤتمر الأطباء عن أنه خلال الأشهر الخمسة الماضية وصل عدد الأطباء المهاجرين من المحافظة إلى 17 طبيباً، إضافة إلى إصدار أكثر من 143 جواز سفر جديد لأطباء المحافظة، مع سفر حوالي 310 ممرضين حالياً. كما وصل عدد الاستقالات خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى 104 استقالات للكادر التمريضي، مع وجود 101 طلب إنهاء خدمة في الكادر ذاته.
ودعا مهنا، بحسب ما نقلته صحيفة محلية، إلى ضرورة اتخاذ إجراءات وقرارات سريعة لدعم كوادر القطاع الصحي، وإلاّ فإنّ الخدمة الطبية ستتوقف جرّاء النقص الكبير في المستشفيات العامة والهيئات في المحافظة، خاصة في مستشفيي "سالي" و"شهبا".
يُشار إلى أنّ نقيب الأطباء كمال عامر، في مناطق سيطرة النظام، تحدث عن ارتفاع معدل هجرة الأطباء في وقت سابق من العام الماضي. إلاّ أنّ هجرة الأطباء في سورية هي أزمة قديمة، ففي عام 2010 كان يقدر عدد الأطباء السوريين خارج بلادهم بنحو 50 ألف طبيب.