يعمل الكادر الطبي في مستوصف الزوف في الريف الغربي لمحافظة إدلب شمال غرب سورية بشكل تطوعي بعد توقف تمويله، للحدّ قدر الإمكان من معاناة أهالي القرى المحيطة به، بالإضافة إلى النازحين في المخيمات، باعتبار أنّ أقرب نقطة طبية عنهم تبعد 12 كيلومتراً، وبالتالي يصعب عليهم التنقل، علماً أن هناك حالات حرجة بين الأهالي، وخصوصاً الأطفال. بالتالي، ينجم عن الإغلاق الكامل كارثة صحية ستطاول نحو 20 ألف شخص يقيمون في المنطقة.
ويقول المدير الإداري للمستوصف محمد عبد الوهاب زلخي، لـ "العربي الجديد"، إن "المستوصف يعمل حالياً بشكل تطوعي لمدة يومين في الأسبوع بحسب استطاعة الفريق الطبي، كي لا يزيد الضغط عليهم بشكل كبير. وفي حال عودة الدعم، سيعود الفريق للعمل بدوام كامل كما في السابق". ويشير إلى أنه يقصد المستوصف شهرياً نحو 4850 مراجعاً".
ويقدّم المستوصف خدماته لـ 16 مخيماً في محيطه بالإضافة إلى أهالي القرى المجاورة، بحسب زخلي، وقد بلغ عدد النازحين في المخيمات نحو 11 ألفاً، فيما يقدر عدد سكان القرى نحو 9 آلاف شخص. يضيف أن إحدى سلبيات توقف عمل المركز هي الكلفة المادية الكبيرة التي سيتحملها النازحون المهجرون من بيوتهم، وبعد المستشفيات، لافتاً إلى أن مستشفى برناص يبعد نحو 12 كيلومتراً عن المكان، ومستشفى الساحل نحو 15 كيلومتراً، ومستشفى الأمين نحو 20 كيلومتراً. ويوضح أن "المختبر في المركز متكامل، ويبذل الأطباء جهداً كبيراً في عملهم، كما نوفر الأدوية للمراجعين. في الوقت الحالي، تسعى مديرية الصحة في الساحل لتوفير التمويل لكن لا أحد يستجيب. مع ذلك، سنواصل العمل قدر المستطاع".
من جهته، يقول الممرض حسن عبدالله، لـ "العربي الجديد": "أعمل في المستوصف منذ افتتاحه في مخيمات الزوف ونقله من القساطل بعد الهجمة الشرسة على جبل الأكراد. وتم افتتاح المستوصف في شهر أبريل/ نيسان عام 2016. ومنذ ذلك الوقت، يقدّم خدمات رعاية أولية، ويقع في موقع استراتيجي وسط تجمع الزوف، الذي يلبي حاجة المخيمات والقرى منها الزوف وبيت صوفان أسطرة".
يضيف عبد الله: "بدءاً من العام الماضي، تم إيقاف دعم المستوصف من الهلال الأحمر القطري، فعملنا بشكل تطوعي لمدة ثلاثة أشهر، ثم قدمت منظمة الصحة العالمية منحة للمستوصف في بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وانتهت في 21 يونيو/ حزيران 2021، ليتوقف الدعم. حالياً، نعمل بشكل تطوعي وبدوام جزئي. نستطيع تحمل هذا الأمر لمدة قصيرة بسبب الأوضاع المادية السيئة لغالبية العاملين في المستوصف".
وعن الحلول، يقول عبد الله: "في حال بقيت الأوضاع على حالها، سنبحث عن منظمة تتولى مساعدة المستوصف الذي بني على سواعد كادرنا، بعد نقله من القساطل. كما سنبحث عن عمل جديد في حال طالت الفترة التطوعية بسبب صعوبة العيش. المصاعب الحقيقية في العمل الطبي شمال غرب سورية تتمثل في انخفاض الدعم من المنظمات"، لافتاً إلى "أننا نعمل وسط مخاوف من توقف التمويل، فضلاً عن نقص الأدوية".
ويوضح عبد الله أن الأعباء ستكون كبيرة على النازحين في حال توقف عمل المستوصف، مشيراً إلى أن النازحين يحتاجون إلى دفع مبالغ مالية كبيرة للوصول إلى أقرب مستشفى. يضيف: "خلال عملي في قسم الإسعاف، نستقبل يومياً 3 أو 4 إصابات بسبب حوادث تنتج غالباً عن اصطدام دراجات نارية بعضها ببعض. والإصابات عبارة عن كسور ورضوض ونزيف يمكن أن يؤدي إلى الوفاة في حال لم يتم التعامل معه بسرعة، وينسحب الأمر على الكسور. وكثيراً ما يقصد المستوصف نازحون بعد لدغهم من العقارب والأفاعي". ويوضح أن العيادات الموجودة في المركز هي "عيادات إسعاف نهاري، وإسعاف ليلي، وآخر يعمل على مدار 24 ساعة، وعيادة أطفال، وعيادة عامة، وعيادة أسنان، وعيادة نسائية، ومختبر، عيادة نفسية وصيدلية".
بدوره، يصف أبو محمد، المقيم في مخيم الزوف، الوصول إلى أقرب نقطة طبية أو مستشفى غير مستوصف الزوف، بالعذاب. ويوضح في حديثه لـ "العربي الجديد" أن الكادر الطبي وكافة العاملين في المستوصف يبذلون أقصى جهد لاستمرار العمل فيه. ويختم حديثه قائلاً: "نرجو ألا يتوقف عمل المستوصف وأن يتوفر ولو نصف التمويل له، كونه النقطة الطبية الأقرب إلى مخيم الزوف وباقي المخيمات في المنطقة".
وتتبع قرية الزوف التي يحمل المستوصف اسمها، لناحية الجانودية في منطقة جسر الشغور في الريف الغربي لمحافظة إدلب، وتضم تجمع مخيمات نزح إليها أهالي مناطق الساحل السوري وريف حماة الغربي، بالإضافة إلى نازحين من باقي المناطق السورية.