يزداد الوضع الصحي في تونس خطورة، بعد التحاق مجموعة من المدن والمحافظات بكوكبة المدن ذات مستوى الخطر المرتفع جدا، وسط تحذيرات من كارثة صحية في الأيام المقبلة، نتيجة عدم التقيّد بتدابير الإغلاق وتواصل التجمعات الخاصة والعامة التي تساهم في نشر عدوى كورونا.
ولا تزال المدن مغلقة تحت سيطرة فيروس كورونا، وتصاعد أعداد المصابين مسجلة نسبا فاقت 60 بالمائة من التحاليل الموجبة في كل من القيروان وسليانة وزغوان، مع تسجيل استقرار نسبي في الإصابات في محافظة باجة، بحسب السلطات المحلية.
ويتزايد الطلب على أسرة الأكسجين والإنعاش رغم تدخل الجمعيات المدنية والقطاع الخاص، لتوفير مكثفات أكسجين مخصصة للعلاج المنزلي بهدف خفض الضغط على الوحدات الصحية.
ومساء أمس، أصيب تونسيون بصدمة من مقطع فيديو نشره نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي يُظهر مصابا بكورونا ملقى على الأرض أمام مستشفى ابن الجزار بالقيروان دون أي إسعاف أو تدخل من الإطار الطبي.
وأظهر مقطع الفيديو رجلا على قارعة الطريق يعجز عن استكمال الخطوات نحو المؤسسة الصحية بعد أن فقد القدرة على التنفس، ليعلن لاحقا عن وفاته متأثرا بالفيروس.
ونشرت نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل، خبر وفاة المصاب الذي تبيّن أنه مقدّم يعمل في أحد مراكز الشرطة بمدينة السبيخة بمحافظة القيروان، وأصيب بعدوى الفيروس، غير أنه لفظ أنفاسه ليل الأحد وهو ينشد جرعة الأكسجين، بحسب منشور النقابة.
وقالت مديرة قاعة العمليات المركزية بوزارة الصحة، هندة الشابي، إنّ الوزارة فتحت تحقيقاً في ملابسات وفاة المصاب بكورونا في القيروان وستنشر لاحقا نتيجته بعد تحديد المسؤوليات، وفق تصريحها لـ"العربي الجديد".
في المقابل، أكد المدير الجهوي للصحة بالقيروان محمد رويس، أن الإطار الطبي تعهّد المصاب الذي كان يشكو من ضيق التنفس ومكنه من الأكسجين، غير أنّ هذا الأخير رغب في التدخين وسحب مكثف الأكسجين وغادر المستشفى بهدف التدخين، وذلك قبل تصوير مقطع الفيديو الذي أظهره ملقى على الأرض يصارع الموت.
وأضاف المسؤول الجهوي للصحة في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ المصاب سقط أرضا بعد تدخين السيجارة، حيث جرى تصويره قبل أن يتدخل الإطار الطبي مجددا لإسعافه والقيام بالتدليك اللازم لعضلة القلب، غير أنه توفي لاحقا متأثرا بإصابته بالفيروس.
وطالب وزير الصحة السابق، عبد اللطيف المكي، بجرأة أكبر في القرارات التي تتخذها الحكومة لمكافحة الوباء، محذرا في تدوينة نشرها على صفحته على "فيسبوك" من عدد "جنوني للإصابات والوفيات في المرحلة القادمة".
وقال المكي إنّ "الوضع يقتضي ضرورة السيطرة على العدوى وربح معركة الوقاية من جديد، وإلا فإن الجائحة ستعصف بنا ولا تزال تحتفظ بالكثير من المفاجآت السلبية لا قدر الله".
ودعا وزير الصحة السابق، إلى إعلان الحجر العام لمدة أسبوعين، وذلك للحد من قوة العدوى بصورة ملموسة، تليها فترة حجر موجه يتم خلالها تطبيق إجراءات الوقاية الفردية والجماعية بصورة صارمة بالتبعية والتحسيس وبقوة القانون، مطالباً بفتح مستشفيات ميدانية في كل مدن البلاد لا تقل طاقة استيعابها عن 30 سريراً يتم تجهيزها بالتبرعات العينية للمواطنين، فيما تتولى الدولة توفير تجهيزاتها الطبية، إلى جانب بذل جهد استثنائي لاقتناء اللقاحات وتفعيل كل السبل الكفيلة لذلك.