لقاح شلل الأطفال إلى غزة اليوم.. والتحصين مرهون بمزاج إسرائيل

25 اغسطس 2024
خيم نازحين وسط برك مياه الصرف الصحي بدير البلح، قطاع غزة، 19 أغسطس 2024 (مجدي فتحي/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تفشي شلل الأطفال في غزة واستجابة الأمم المتحدة:** اكتشاف فيروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي في غزة دفع الأمم المتحدة لإطلاق مناشدات لهدنة إنسانية لتحصين الأطفال، حيث أدخلت اليونيسف 1.2 مليون جرعة لقاح بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وأونروا.

- **حملة التحصين والتحديات:** أونروا تخطط لتوزيع اللقاحات في مرافقها الصحية، لكن بدء الحملة مرهون بسلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تتحكم في إدخال اللقاحات، مما يعقد الوضع الصحي.

- **التحديات السياسية والإنسانية:** رغم إعلان شلل الأطفال كحالة طوارئ صحية منذ 2014، لم تُظهر إسرائيل استعجالًا في تسهيل إدخال اللقاحات، مما يعكس التوترات السياسية والإنسانية المستمرة.

بعد أكثر من شهر على رصد فيروس شلل الأطفال في عيّنات من مياه الصرف الصحي في جنوب قطاع غزة ووسطه، وبعد إثبات الإصابة الأولى بالمرض الفيروسي منذ 25 عاماً، وبعد المناشدات التي أطلقتها الأمم المتحدة من أجل هدنة إنسانية تتيح مجال تحصين أطفال غزة ضدّ المرض الذي يفاقم الواقع الصحي المتدهور في القطاع المحاصر والمستهدف، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أنّ جرعات لقاح شلل الأطفال المتوقّعة التي تزيد عن مليون جرعة سوف تدخل اليوم الأحد إلى غزة لتُطلَق بعد ذلك عملية التحصين الضرورية.

ومساء اليوم الأحد، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، بدورها، وصول "مليون و260 ألف جرعة من اللقاح الواقي من شلل الأطفال، بالإضافة إلى 500 حافظة للقاح" إلى القطاع. أضافت الوزارة، في بيان، أنّ التجهيز جارٍ لإطلاق حملة التحصين "بالتنسيق مع الشركاء"، من دون أن تحدّد موعد للبدء بتنفيذ الحملة.

ونشرت منظمة يونيسف تدوينة، على موقع إكس، جاء فيها أنّها سوف تدخل 1.2 مليون جرعة من لقاح شلل الأطفال من النمط 2 إلى قطاع غزة"، مضيفةً أنّه "بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وشركاء آخرين، نخطّط لتحصين أكثر من 640 ألف طفل". وقد أرفقت المنظمة تدوينتها بصور تظهر فيها الصناديق المعدّة لإدخالها إلى قطاع غزة الذي تشدّد إسرائيل حصارها عليه، وختمتها بالتشديد على شعار "الصحة لكلّ طفل".

مكافحة شلل الأطفال في الأيام أو الأسابيع المقبلة

وقد أعادت وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة نشر تدوينة وكالة يونيسف المشار إليها، من بينها وكالة أونروا التي كتبت أنّ "شلل الأطفال سُجّل (أخيراً) في قطاع غزة، وذلك للمرّة الأولى منذ 25 عاماً". أضافت أنّه "استناداً إلى ارتفاع مخاطر تفشّي المرض القاتل، سوف تطلق منظمة الصحة العالمية ومنظمة يونيسف وأونروا وشركاؤها حملة تحصين ضدّ شلل الأطفال في الأيام المقبلة، تشمل أكثر من 600 ألف طفل دون عشرة أعوام.

بدورها، نشرت صفحة "شركاء أونروا" (أونروا بارتنرز) التدوينة نفسها، وبيّنت في ملاحظة أرفقتها بها أنّ وكالة أونروا التي تُعَدّ أكبر مزوّد للرعاية الصحية الأولية في قطاع غزة، سوف تزوّد الأطفال باللقاحات في مرافق الرعاية الصحية التابعة لها، ومن خلال نقاطها الصحية المتنقّلة في مراكز الإيواء والمخيمات. كذلك أشار "شركاء أونروا" إلى أنّ حملة التحصين سوف تُطلَق "في الأيام المقبلة".

وييدو مصطلح "في الأيام المقبلة" فضفاضاً جداً، ولا سيّما أنّ تحديد تاريخ "الأيام المقبلة" في يد سلطات الاحتلال، تماماً كما كان الأمر في ما يخص تاريخ إدخال جرعات اللقاحات اللازمة لتطويق أزمة شلل الأطفال الناشئة في قطاع غزة، في وقت انهارت فيه منظومته الصحية نتيجة الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الاحتلال وما زالت. وكانت التحذيرات قد تتالت منذ اكتشاف الفيروس في قطاع غزة في 18 يوليو/ تموز الماضي، وكذلك المناشدات للإسراع في تطويق الأزمة الصحية المستجدّة، من خلال وقف لإطلاق النار يتيح إيصال جرعات اللقاح الجاهزة إلى مستحقّيها، ومن ثم تفادي "كارثة حقيقية".

تفشّي شلل الأطفال "يخدم" الاحتلال في حرب الإبادة

وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس قد كشف، في مقال نشره في صحيفة "ذا غارديان" البريطانية قبل أكثر من شهر، في 25 يوليو/ تموز الماضي، أنّ أكثر من مليون جرعة خُصّصت لقطاع غزة، وأنّ أطفال غزة سوف يُزوَّدون بها في "الأسابيع المقبلة". وطوال الشهر الماضي، ظلّت الجهات المعنية بملفّ شلل الأطفال تؤكّد تخصيص لقاحات لصغار غزة من دون تحديد تاريخ واضح، كذلك الأمر في ما يتعلق بعملية التحصين المرتقبة، مع الإشارة دوماً إلى "تحديات كبيرة".

في سياق متصل، صرّح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في 20 أغسطس/ آب الجاري، بأنّ إدارته تعمل مع إسرائيل على إعداد خطة للتحصين ضدّ شلل الأطفال في قطاع غزة "في الأسابيع المقبلة"، مع العلم أنّ شلل الأطفال يُعَدّ حالة طوارئ، ومن ثم لا يحتمل الأمر الانتظار أياماً، فكيف بأسابيع. لكنّ ذلك منوط بقرار سلطات الاحتلال، ولا سيّما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي نقل عنه بلينكن أنّه وافق على دعم جهود التحصين ضدّ شلل الأطفال في قطاع غزة، مضيفاً "نعمل مع الحكومة الإسرائيلية (...) وأظنّ أنّنا سوف نتمكّن من المضيّ قدماً في خطة بهذا الشأن (التحصين ضدّ شلل الأطفال) في الأسابيع المقبلة".

تجدر الإشارة إلى أنّ منظمة الصحة العالمية كانت قد أعلنت شلل الأطفال "حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقاً عالمياً" في عام 2014، ولم ترفعها منذ ذلك الحين. لكنّ سلطات الاحتلال لا ترى داعياً للاستعجال، قد يُصنَّف موقفها في إطار "حرب الإبادة الجماعية" التي تمضي بارتكابها في حقّ الفلسطينيين في قطاع غزة.

المساهمون