خوفاً من المكوث في العراء، وعدم الحصول على خيمة، يفضل كثير من سكان المدن والبلدات التي ضربها الزلزال في شمال غربي سورية البقاء في منازلهم المتصدعة، رغم مخاطر انهيارها في حال حدوث هزات أرضية. وتحاول فرق "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء) تقييم أوضاع هذه المنازل من خلال تنفيذ مهمات لمعاينة حجم الأضرار.
يقول موسى الرحال، وهو نازح من ريف معرة النعمان الشرقي إلى مدينة حارم بريف إدلب الشمالي، لـ"العربي الجديد": "أدى الزلزال إلى تصدّع المنزل الذي أقطن فيه في مدينة حارم، لكنني لا أملك أي خيار آخر في الوقت الحالي، لكن يجب أن أجد مكاناً أكثر أماناً لعائلتي، علماً أن منازل كثيرة تصدّعت وباتت غير صالحة للسكن".
ويؤكد الرحال أن "كارثة الزلزال أثرت في شكل كبير على النازحين والسكان، لكن حجمها كان أكبر بكثير على النازحين الذي كانوا جهّزوا أماكن منازلهم الجديدة في مناطق أخرى بعد الحرب، ثم خسروا كل شيء في الزلزال، ولا مكان آخر للجوء إليه. أنا عاطل عن العمل منذ اليوم الأول للزلزال لأن جميع المصالح تعطلت، ولأنني أخاف شخصياً من أن أترك عائلتي وحيدة في المنزل المتصدع، لا سيما أن الهزات الارتدادية لا تتوقف".
ويلفت إلى أن "حجم المساعدات التي وصلت إلى المنطقة لا يرقى أبداً إلى مستوى الاحتياجات، كون الأضرار كانت كبيرة جداً، لا سيما أن المنطقة تشهد كثافة سكانية، ويجب بالتالي أن ترسل الدول والمنظمات الإنسانية منازل جاهزة إلى المنطقة من أجل إيواء المتضررين من الزلزال، إلى جانب دعمهم بمواد غذائية وتدفئة".
يقيم عبد الغني صائب في خيمة أمام المنزل المتصدع الذي كان يعيش فيه في مدينة جنديرس بمنطقة عفرين التابعة لمحافظة حلب التي ألحق الزلزال أضراراً جسيمة بها. يؤكد لـ"العربي الجديد" أنه يمضي وقته متنقلاً بين الخيمة وبيته الذي ينقل منه أغراضاً يخشى أن يخسرها في حال انهار كلياً".
لا يجد صائب أنه من الحكمة النوم تحت سقف البيت في الوقت الحالي، لا سيما أن الهزات الارتدادية تتكرر بشكل شبه يومي، وبعضها تتجاوز 5 درجات على مقياس ريختر، ويقول: "أصبحنا نتابع التطبيقات على الهاتف الخليوي لمعرفة قوة الهزات التي تضرب المنطقة، والأمر يشبه الهوس في الوقت الحالي. الخيمة باردة ولا تناسب العائلة ولا تقارن أبداً بالبيت، لكن البيت مصدر خطر في الوقت الحالي، والدفاع المدني السوري أخبرني أن الأعمدة والجدران متضررة، وقد يمكن إجراء ترميم لكنه قد لا ينفع أيضاً في حال تعرض المنزل لهزات عنيفة، لذا سأتخلى عنه وأبحث عن منزل آخر يكون مأوى لي ولأفراد عائلتي".
ويشير إلى أن "تصدّع البيت كان أفضل من انهياره علينا بعد حدوث الزلزال، وقد خرجت سالماً مع أفراد عائلتي وأمي. وحالياً سأعيش في الخيمة بانتظار إيجاد بيت آخر في الأيام القادمة".
وحالياً يقدم أصحاب الأبنية المتضررة طلبات إلى المجلس المحلي لمدينة جنديرس الذي يرسل فريق مهندسين للكشف على البناء، وتحديد إذا كان صالحاً للسكن أم لا، بينما تتعامل فرق الدفاع المدني السوري مع المخاطر الواضحة ضمن الإمكانات المتوفرة، وقررت هدم الأبنية التي لا يمكن ترميمها لتفادي المخاطر على حياة السكان والمارة.
وعموماً لا يمكن أن يتحمل أصحاب المنازل المتصدعة تكاليف الترميم وسط الأوضاع الصعبة والكارثة التي ضربت المنطقة، ويترقب بعضهم تلقي مساعدات من جهات محلية أو دولية.
إلى ذلك تقيّم لجان محلية في مدينة حارم ومدينة عزمارين الأضرار في الأبنية والبيوت من أجل تحذير قاطنيها. ويوضح كريم الحلبي الذي يقيم في بلدة عزمارين، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "مهندسين تابعين للمجلس المحلي في البلدة أخبروه أن المنزل الذي يقيم فيه يحتاج إلى ترميم فقط، ولا يتطلب الهدم. وهم أخبروني أن جدران المنزل تصدّعت وتحتاج إلى تدعيم، أما الأعمدة فسليمة وغير متضررة، ما يعني إن إعادة الترميم قد تجعل المنزل صالحاً للسكن مجدداً من دون مخاطر. لكن تطمينات المهندسين لا تزيل هواجسي ومخاوف من البقاء في المنزل".
أما محمد الخالد فيقول لـ"العربي الجديد": "لا أريد أن أغامر بالبقاء في منزلي الذي تعرض لأضرار بالغة لكنه لم ينهر. وعلمت من صديقي المتخصص في الهندسة المدنية أن أعمدته متضررة بشدة، لذا يمكن أن ينهار تحت أي ظرف، خصوصاً في حال حدوث هزات ارتدادية قوية، ورغم ذلك نمضي معظم وقتنا في البيت في النهار، وننام في الخيمة ليلاً. والوضع الصعب لا يسمح لنا بالبحث عن منزل، وقد يكون خيارنا الانتقال إلى مركز إيواء مع أفراد أسرتي.