تبرز على شواطئ الإسكندرية (شمال مصر) لافتة كتب عليها "شاطئ ذوي الهمم" (الأشخاص ذوي الإعاقة)، حيث يمكن لهؤلاء السباحة في مكان مخصص مجاناً باستثناء ذوي الإعاقة البصرية. إلّا أن جمعية الإسكندرية للمكفوفين نجحت في انتزاع مساحة لهؤلاء من المساحة المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة. واستقبل الشاطئ خلال أول يومين من عيد الأضحى نحو 95 طفلاً من ذوي الإعاقة البصرية، وقد نظمت العديد من الفعاليات والاحتفالات لإدخال البهجة إلى قلوبهم.
ويقول الناشط المتابع للأشخاص ذوي الإعاقة، والذي رفض الكشف عن اسمه، إنّ الجمعية تسعى منذ سنوات إلى إتاحة هذا الحق من خلال التواصل مع إدارات المصايف والمحافظة. وفي كلّ مرة، كانت التجهيزات تبرز كعائق. ويوضح في حديثه لـ "العربي الجديد" أنّ الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية أرجأت تنفيذ الاتفاق مع الجمعية حتى الثلاثين من يونيو/ حزيران الماضي لافتتاح الشاطئ.
تجهيزات خاصة
وقال بيان إدارة السياحة والمصايف الذي نشرته على صفحتها الرسمية على "فيسبوك" إن تخصيص جزء من شاطئ منطقة المندرة المجاني هو "باب جديد من بوابات الخير". واعترف رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف اللواء جمال رشاد بأن الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية لم تتح لهم فرصة الاصطياف على الرغم من قيام الإدارة بتخصيص مساحات للأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عام.
وارتبط استبعاد الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية بحاجتهم إلى ترتيبات وتجهيزات خاصة بالمقارنة مع آخرين من ذوي الإعاقة. وتقدمت موظفة في الإدارة بحل خلال اجتماع ينص على استخدام الخطوط العائمة و"الشمندورات" (أجسام تطفو على سطح المياه وتُستخدم في ملاحة السفن) لإنشاء ممرات ومكان مخصص للدخول والخروج لتسهيل حركة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية الذين يعتمدون على حاسة اللمس، وبالتالي التحرك في ممرات آمنة تحت مراقبة دقيقة من قبل مجموعة من المنقذين. وفي وقت لاحق، استعانت الإدارة بمسؤولين في الجمعية لإضافة بعض التفاصيل الفنية وشروط السلامة التي يجب اتباعها.
وبعد الافتتاح، تداول ناشطون صوراً على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر مدى سعادة الأطفال الذين اختبروا شعور السباحة ومياه البحر للمرة الأولى في حياتهم. وأشاد هؤلاء بأهمية الدمج الاجتماعي لكافة الفئات، وخصوصاً أنه من حق الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية الاستمتاع بالبحر حالهم حال الجميع.
في المقابل، اعتبر البعض أن عزل الأشخاص ذوي الإعاقة في محميات على الشاطئ لن يشعرهم بالسعادة، بل سيزيد من شعورهم بالتمييز. ويرى هؤلاء أنه ما من مبرر لتباهي الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بافتتاح أول شاطئ للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية في العالم، إذ إن العالم لا يعزل هؤلاء بل يسمح لهم بالاستمتاع والسباحة مع الجميع مع الحرص على ضمان سلامتهم من خلال مجموعة من الإجراءات.
مسارات آمنة
ويوضح بيان الإدارة المركزية للسياحة والمصايف أن الجزء المخصص للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية عبارة عن مسارات داخل مياه البحر لها فتحة دخول تسمح للفرد بالتحرك والسباحة داخل المياه مستخدماً يديه للتعرف على علامات من الفلّين (شمندورات) يحدد من خلالها مسارات التحرك على عمق آمن من المياه وتحت رقابة دقيقة من فرق متابعة. وتتيح تلك المسارات للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية التحرك الآمن داخل المياه من دون مرافق.
من جهته، يقول عضو مجلس النواب وأمين سر لجنة التضامن الاجتماعى والأسرة بالبرلمان حسن المير إنّ افتتاح أول شاطئ للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية هو "انتصار وتطبيق حقيقي لحقوق الإنسان"، مطالباً جميع مسؤولي المحافظات الساحلية بتخصيص شواطئ مماثلة للمكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة".
وتبلغ أعداد ذوي الإعاقة البصرية في مصر نحو ثلاثة ملايين ونصف مليون، بحسب بيانات رسمية، معظمهم من الأطفال والشباب، بينهم أكثر من 37 ألفاً في مراحل تعليمية مختلفة.
إلى ذلك، فإنّ الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية في صعيد مصر لا يحظون بالامتيازات نفسها. ويقول حسان، وهو والد الطفل المكفوف محمد، والذي يقيم في محافظة أسيوط (جنوب البلاد) إنه "لم ير بحر الإسكندرية" مشيراً في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أن الأمر بالنسبة إليه مكلف جداً، علماً أنه يتمنى أن يلمس هو وابنه "البحر المالح" (كما يطلق على البحر المتوسط في الصعيد)، لكن هناك مسؤوليات كثيرة تتحملها العائلة منها مرافقة ابنه في تحركاته. كما يلفت إلى أنه مهدد بفقدان بصره، ويرى أنه بدلاً من افتتاح شاطئ للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، يفضل توفير العلاج للمهددين بفقدان البصر، بالإضافة إلى الإمكانات التقنية لمساعدة هؤلاء في تحركاتهم وتأمين متطلباتهم المعيشية والتعليمية، كما فعل عدد من شركات الهواتف الخلوية.