أفاد تحقيق صحافي عراقي، أمس الأحد، بأنّ شحنة ضخمة من فاكهة الرمّان وصلت إلى العراق انطلاقاً من لبنان، كجزء من سداد قيمة مستحقّات النفط العراقي المخصّص لبيروت، لكنّ الشحنة كانت تحوي كميات كبيرة من أقراص الكبتاغون المخدّرة. وقد تحفّظت السلطات، بحسب الصحيفة، على الشحنة التي وصلت براً عبر الأراضي السورية، من خلال التنسيق مع قوات النظام هناك.
وبحسب الاتفاقية الموقّعة بين بغداد وبيروت في يوليو/ تموز من عام 2021، يُصدّر العراق زيت الوقود الثقيل (الفيول) إلى لبنان بواقع مليون ونصف مليون طنّ، فيما يحصل في المقابل على خدمات صحية ومنتجات زراعية وغيرها.
وأشارت صحيفة "العالم الجديد" العراقية في تحقيقها عن "فضيحة" تتعلّق بملفّ تصدير النفط العراقي إلى لبنان، ناقلة عن مسؤول لم تكشف هويته أنّ الأمر "وضع لبنان وسورية في محلّ الشكوك، لكون الشحنة مرت عبر أراضي الأخيرة". وقد أشار المسؤول إلى أنّ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قدّم شكوى في هذا الخصوص إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، في خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق في يوليو الماضي، لكنّه "لم يحصل على نتائج شافية".
يُذكر أنّ السوداني أعلن في خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الأسد، في خلال زيارته تلك، عن بحث لإيجاد آليات للتنسيق والتعقّب والمتابعة لمواجهة أزمة المخدّرات.
وأفاد المسؤول الذي ارتكزت الصحيفة على كلامه بأنّ "شحنة الرمّان التي وصلت إلى العراق قبل أشهر، كجزء من تسديد لبنان للديون المتراكمة عليه وفقاً لعقد الفيول، محشّوة بأقراص الكبتاغون المخدّرة وبكميات كبيرة جداً"، وقد "جرى كشفها سريعاً من قبل الأجهزة الأمنية العراقية، وأحدثت ضجة كبيرة في داخل مراكز صنع القرار. لكنّ السلطات العراقية أبقت الأمر سراً لحساسية الموقف".
وفي التحقيق نفسه، نقلت الصحيفة عن مسؤول عراقي آخر، لم تكشف هويته كذلك، أنّ "السوداني تحدّث مع الأسد بصراحة تامّة، وكشف له أنّ هذه الشحنة التي من المفترض أن تكون مقابل الفيول قد وصلت مليئة بخمسة ملايين حبّة مخدّرة من نوع الكبتاغون، لكنّ الأسد نفى صلة دولته بهذه العملية ورمى بالمسؤولية على لبنان".
وتابع هذا المسؤول أنّ "وفداً لبنانياً التقى السوداني في دمشق، وهو الآخر أبعد التهمة عن بلده، وأكّد له أنّ لبنان لا صلة له بشحنة الرمّان من الأصل، وأنّها وردت إلى العراق من سورية، ما ترك السوداني في حيرة ولم يفضِ النقاش لنتيجة محدّدة".
من جهته، قال الخبير الأمني العراقي مؤيد الجحيشي، في التحقيق الصحافي ذاته، إنّ "العراق أصبح ممراً رئيساً لتجّار المخدّرات من إيران وسورية ولبنان، كما أنّ العراق أصبح ساحة لبيع المواد المخدّرة بأنواعها كافة، وهذا الأمر خطر ويهدّد المجتمع بشكل حقيقي، وهو أحد أسباب ارتفاع جرائم القتل".
أضاف الجحيشي أنّ "عمليات التهريب البرية ما زالت مستمرة، خصوصاً مع سيطرة بعض الجماعات المسلحة، وكذلك الأطراف السياسية المتنفّذة على المنافذ الحدودية، ولذا نجد استمرار عمليات نقل المخدّرات من وإلى العراق، بالإضافة إلى استخدام بعض تجّار المخدّرات الطائرات المسيّرة في نقل تلك البضائع إلى الحدود العراقية، بسبب وجود ثغرات في مسك الحدود".
ولم يصدر عن الحكومة العراقية أيّ تعليق حيال المعلومات التي نشرتها "العالم الجديد". لكن بالعودة إلى إعلانات السلطات العراقية، يظهر أنّها كشفت، الفترة الممتدّة ما بين شهرَي مارس/ آذار ويوليو/ تموز الماضيَين، عن ضبط شحنات مخدّرات عديدة على الحدود مع سورية بواقع ثلاثة ملايين قرص كبتاغون ثمّ مليون ونصف مليون قرص وبعدها مليون قرص، بيّنت أنّها صادرتها من دون أن توضح أيّ تفاصيل حول طريق إدخالها إلى العراق.
وفي يوليو الماضي، كشف مسؤول بارز في هيئة الرأي بوزارة النفط العراقية لـ"العربي الجديد" أنّ بلاده "تُسجّل النفط المصدّر إلى لبنان كمبالغ بالدولار الأميركي، ويفترض أن يُحسم المبلغ منها لقاء حصول العراق على خدمات طبية وعلاجية ومنتجات زراعية وجوانب تجارية أخرى. لكن حتى الآن لم يتم تقييد أيّ من تلك الأصول بأنّها دخلت العراق".