بدأت وزارة الداخلية العراقية خطة لنشر عناصر شرطة من النساء في الأسواق والأماكن العامة بالعاصمة بغداد ومناطق أخرى من البلاد، في تجربة تسعى من خلالها إلى الحد من ظاهرة التحرش التي أخذت بالاتساع في الفترة الأخيرة.
ويقول مختصون إنّ المتحرشين يستغلون تردد الضحايا في إبلاغ رجال الأمن المنتشرين بالطرقات، لكن وجود شرطة من النساء قد يسهم في تشجيعهن على التبليغ عن حالات التحرش.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، اللواء خالد المحنا، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ "وزارة الداخلية تولي محاربة الظواهر السلبية في المجتمع أهمية كبيرة، ومن بينها ظاهرة التحرش الذي تتعرض له النساء في الأماكن العامة والأسواق والأماكن السياحية والتجمعات، وتعرض العوائل لمضايقات وأفعال مرفوضة وتصرفات غير لائقة من قبل بعض الأشخاص".
ويضيف المحنا "للشرطة المجتمعية الدور الأكبر في محاربة الظاهرة بالوقت الحالي، حيث تم التوجيه بنشر عناصر نسائية من الشرطة ضمن دوريات الشرطة، تنتشر في أماكن ومناطق عديدة في العاصمة بغداد وبقية المحافظات، تأخذ على عاتقها متابعة هذه الظاهرة".
ويشير المحنا إلى أنّ "القصد من اختيار شرطيات لمحاربة هذه الظاهرة يأتي لأسباب عديدة؛ أولها أنّ بعض النساء والفتيات اللاتي يتعرضن للتحرش يشعرن بالخجل عند الحديث مع رجال الشرطة، لذلك حين يكون عنصر الأمن الموجود هو من النساء يصبح الحديث أكثر جرأة وصراحة، وحينها نتمكن من الوصول لمرتكبي هذه الجرائم بكل سهولة، كما وأن المجرمين ذاتهم حين يشاهدون وجود شرطيات يشعرون بأنّ هنالك عملاً واضحاً من الأجهزة الأمنية لمنع هذه الظاهرة وملاحقة مرتكبيها".
وكانت الشرطة العراقية قد أعلنت، العام الماضي، اعتقال المئات من المتورطين بعمليات التحرش بشكل مؤقت وإحالة عدد منهم للقضاء، موضحة أنّ التجمعات الجماهيرية والأسواق تشهد أكبر عدد من تلك الحالات التي اعتبرتها دخيلة على المجتمع. ونشرت وزارة الداخلية صوراً لعناصر الشرطة النسائية وهم يتجولون في شوارع وأسواق عامة ببغداد.
وقالت سحر الميالي، عضو إحدى المنظمات المدنية العراقية "نساء قادرات"، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ظاهرة التحرش باتت مشكلة متجذرة في المجتمع وثقافة سيئة لدى طبقات واسعة من الشباب وحتى الكبار".
وأضافت الميالي أنّ "محاربة الظاهرة يجب ألا تقتصر على الجانب الأمني وما تقوم به الشرطة، بل بحاجة لأن يفعل المجتمع أدواته الناعمة (العشائرية والدينية والثقافية) وأن يكون المنع نابعاً من الذات لا بالقانون فقط"، معتبرة أن البلاد بحاجة إلى قانون واضح يحاسب بشدة على جرائم التحرش، "كما نحتاج أيضاً من النساء أن تكن أكثر شجاعة ويكشفن عن المتحرشين ويلاحقنهم قانونياً".
وتروي نساء عراقيات تجربتهن مع ظاهرة التحرش وآثارها عليهن، ويعلقن على الإجراء الذي اتخذته وزارة الداخلية لمحاربة هذه الظاهرة. وتحدثت نبأ البلداوي (34 سنة)، لـ"العربي الجديد"، عما وصفتها "معاناة يومية للنساء خلال ذهابهن للعمل أو الدراسة أو التسوق"، معتبرة أنّ ما تقوم به وزارة الداخلية منذ أيام "أمر يبعث على الاطمئنان، فمنذ أيام ونحن نرى نساء من تشكيلات الشرطة ينتشرن في الأسواق والأماكن العامة، إذا تعرضت امرأة لتحرش ستكون قادرة للذهاب للشرطية والحديث معها".
وشددت البلدواي على "ضرورة أن تعمم هذه الإجراءات على أماكن كثيرة وتكون حاضرة طيلة أيام السنة"، مشيرة في الوقت عينه إلى "الحاجة لدور يتكامل فيه الجميع ولا يقع على مسؤولية القوات الأمنية فقط، حيث إن هناك حالات من التحرش تحصل في دوائر ومؤسسات الدولة يجب أن ترصد وتحارب بطريقة أخرى".