غازي طالب... حكواتي غزة لم يُكمل الحكاية

12 يناير 2024
في أحد عروضه (فيسبوك)
+ الخط -

يتربص الموت والقتل بأهل غزة القاص الفلسطيني وابن غزة غازي جمال طالب الذي يُطلق عليه الغزيون لقب "حكواتي غزة" قتلته يد الغدر ذاتها مع زوجته وطفليه جمال وريماس وبقيت الطفلة رؤى تحاول البقاء بعدما أصيبت في أجزاء من جسمها وروحها بعدما فقدت عائلتها.
غازي طالب أو كما يعرف عن نفسه بين الأصدقاء وأهل المدينة، هو فنان فلسطيني وناشط شاب وكان أحد أعضاء اللجنة الإعلامية الكشفية الوطنية، وعضو مفوضية شمال غزة الكشفية، نعته وزارة الثقافة الفلسطينية قائلة إنها تفقد واحداً من أفضل القاصين في قطاع غزة، وأحد المسرحيين والممثلين الذين ينتمون إلى جيل حديث من الفرق التمثيلية الذين أدوا مسلسلات فلسطينية تمجّد المقاومة وتتغنى بها، وتشرح فصولاً من صمود الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي. كما قالت وزارة الثقافة في نعيها للحكواتي: "استشهد الحكواتي والفنان والمصور غازي طالب، وهو ناشط وفنان مسرحي وحكواتي، وقائد كشفي ومبادر، ويعمل في مركز وطن للثقافة والفنون".

كما نعته لجنة الإنتاج الفني في غزة قائلة إنها تفقد أحد أفضل الممثلين، والذين أدوا أدواراً مهمة في العديد من الأعمال، والتي لاقت صدى جماهيرياً في الشارع المحلي والعربي مثل دوره في فيلم عملية الوهم المتبدد، ومسلسل الروح، والفدائي في جزئه الثاني، والعنقود وفيلم بيارة الموت.
كما جسّد الحكواتي شخصية أحد آسري الجندي الصهيوني جلعاد شاليط في فيلم الوهم المتبدد، وهو فيلم يندرج فنياً تحت اسم الديكودراما. وبعدما أدى حكواتي غزة قصة عن البطولة وأحفاد صلاح الدين لأطفال مدرسة نازحين في مخيم النصيرات، مرتدياً زيه الجميل والملون، عاد لتفقد أطفاله في بيت نزحت إليه في ذات المخيم فكان الاستهداف المباشر له ولعائلته في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول، فاستشهد وزوجته آيات عويضة وطفلته ريماس وطفله جمال. 
قبل استشهاده بأيام، كتب على صفحته على "فيسبوك" متسائلاً: "بتعرف شو يعني قصف؟ يعني صاروخ نازل عليك وإنت في بيتك، ما بيعرف مين في البيت كبير السن، نساء، أطفال، شباب أو رجال. وفي لحظة إما أن تخرج بمعية ربنا سالم أو روحك تعانق السماء. هذا حال 360 كيلومتر مساحة غزة"، مضيفاً "نحن شهداء مع فارق الوقت... للقصة بقية".
ويقول ابن عمه أمجد طالب: "بيته في منطقة الكرامة شمال مدينة غزة. صور المنطقة قبل النزوح منها وودعها قائلاً: "غداً نعود"، ولكنه ارتقى مع قافلة من الشهداء برفقة عائلته وأصيبت طفلته بجروح حرجة".

مع أطفاله (فيسبوك)
مع أطفاله (فيسبوك)

كان متفائلاً ولا يحمل هماً قط كما يقول صديقه علاء. يضيف: "كان يحب المزاح ويضحك. لم أتوقع أن يغتال الاحتلال رجلاً بقيمه وشيمه وروحه الطفولية، مضيفاً أنه كان مولعاً بالطيور ويشتري منها كثيراً ويربيها في منزله. ويشير إليها بفخر: "انظروا إلى هذا الكنار كيف يحافظ على عائلته، وكيف يختال بألوانه الزاهية".
وبسبب ما آلت إليه الأوضاع في غزة، كان قد كتب على "فيسبوك": "لو كنت من الناجين بعد هذه الحرب، أنا كحكواتي: كيف سأروي للأطفال قصصاً ترفيهية/ وأنا أرى بعيني قصصاً دموية/ هل أروي لهم عن طفل رضيع ولد ولم ير النور بعد وأهله كلهم شهداء/ أم أروي لهم أنهم قصفوا مستشفى/ أم أروي لهم من القصص التي بشّع فيها الاحتلال بحق شعبي.. 
أقول لهم ولكم نحن إن شاء الله إن كنا من الأحياء سنروي قصص البطولات والمجد، سنروي قصص التاريخ المجيد والحاضر العريق والمستقبل البهيج".
عبّر الحكواتي عن وطنيته في عدد من المسلسلات التي بثتها قناة الأقصى الفضائية خلال شهر رمضان ومولتها جهات محسوبة على حركة حماس، وقد عبّر عنها أيضاً على جدرانه على وسائل التواصل الاجتماعي بقوله: "غداً سنحرر الأقصى وسيفتح المسجد للصلاة. اعلموا أننا سنغلق المعابر ولن نسمح لكم بالصلاة في الأقصى لأنه لنا فقط".
كان محباً للحياة، وكان دائم القول: "الحياة مثل النهر لا تستطيع أن تلمس نفس الماء مرتين، لأن المياه المتدفقة التي تفوت لن تعود مجددا أبداً، لذا استمتع بكل لحظة في الحياة". 
كان إيجابياً ويحب نشر الإيجابية والطريقة المبتكرة في التفكير ودائماً ما يفكر خارج الصندوق كما يقول عمه أبو أمجد طالب، مضيفاً: "كان يحثني دائماً على تغيير طريقة تفكيري وابتكار آليات صمود تمكنني من الاستمرار في دعم عائلتي ورفع مستوانا المعيشي". 

وعن استشهاد شقيقه محمد جمال طالب الملقب بأبو مجاهد والمشهور بانتمائه للمقاومة الفلسطينية، ويعد عنصراً فاعلاً من عناصر كتائب الشهيد عز الدين القسام، كتب غازي في الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي: "راح السد والسند، راح الأب والأخ، راح من كنا به نحتمي، أخي الكبير والوحيد شهيد".
وقال متحسراً في السابع من نوفمبر: "كل الخلق يا خالقي باعونا بتراب". ومرتدياً زي المقاومة في أحد المشاهد التمثيلية، كتب تعليقاً على صورته: "بنستناكم غزة (ننتظركم في غزة)... عزة العالم".

المساهمون