يسعى عدد من الشُبان والشابات الفلسطينيين إلى الحِفاظ على البيئة، عبر سلسلة أنشطة وفعاليات تُحاول المُساهمة الإيجابية والفعالة لتحقيق التنمية المُستدامة، التي تُمكِّن الفلسطينيين من تحسين واقعهم ومستقبلهم إلى الأفضل.
ويستلهم فريق AYSDN فلسطين – قطاع غزة، فكرته من شبكة الشباب العربي للتنمية المستدامة، والتي تأسست عام 2018، وهي شبكة شبابية تضم مجموعة من القيادات الشابة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تسعى إلى تعزيز الدور الريادي للشباب في ضوء ما تقتضيه الظروف الراهنة.
ويرى الفريق أن الأوضاع التي يمُر بها الشعب الفلسطيني تتطلب إيجاد منظومة شبابية أكثر فاعلية تساهم في تعزيز جهود إشراك الشباب العربي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخلق علاقة تبادل تجارب وخبرات وشراكات نوعية في هذا المجال واستنباط أفكار وحلول ناجعة تعزز مشاركة الشباب.
ويقول الفلسطيني معمر صيام، والذي اشتغل إلى جانب عدد من زميلاته وزملائه في تحديات مُتعلقة بالبيئة البحرية، ضمن نشاط تم تنفيذه، اليوم الخميس، على شاطئ بحر مدينة غزة، إنه انضم للفريق منذ بداية تأسيسه، إذ تنبع أهمية الأنشطة البيئية من علاقتها المُباشرة بالطبيعة، والتي تؤثر على البشر.
ويبيّن صيام في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه شارك في العديد من المسارات المتعلقة بالبيئة والمناخ، ومن أبرزها مسير بحري مختص بالبيئة البحرية، وفي نشاط لقطف الزيتون، إلى جانب المُشاركة في مسير لوادي غزة، والتعرف إلى أهميته الطبيعية والمظاهر الدائمة وغير الدائمة فيه.
الفريق يضم بمجمله نحو 100 شاب وشابة، فيما يُشارك قرابة 20 منهم في الأنشطة، بالفقرات المتنوعة، والتي نُظمت داخل تعاونية "البحر إلنا"، غربي مدينة غزة، وتهدف إلى خلق حالة من العصف الذهني حول مكونات البيئة البحرية، وأهمية الحفاظ عليها.
فيما انضمت زميلته ولاء جنينة للفريق قبل ثلاثة أشهر، وتقول إنها شاركت إلى جانب عدد من الزملاء في مجموعة من الأنشطة البيئية، والتي تهدف إلى تحقيق أهداف التنمية، وذلك لأهميتها البالغة بالنسبة إلى المجتمع ومستقبل الشعوب.
وتوضح جنينة لـ"العربي الجديد" أنها تأثرت للغاية خلال مشاركتها ضمن الفعاليات، في نشاط متعلق بتعلم آلية صنع وتركيب الأطراف الصناعية، وتقول "لم تكن لدينا أي معلومات عن هذه الفئة الهامة والتي تعاني ظروفاً استثنائية، وتتطلب رعاية خاصة ودعماً مستمراً".
أما عضو الفريق فادي الهواي، ويختص في التصوير والمونتاج وصناعة المحتوى الرقمي باستخدام الموبايل، فقد حصل ضمن مُشاركته في أنشطة فريق AYSDN فلسطين على جائزة أفضل صورة لوادي غزة، تم التقاطها خلال مسير بيئي في إطار مُسابقة نظمتها الأمم المُتحدة، وشارك فيها نحو 270 مصوراً على مستوى قطاع غزة، ويرى أنه من الأهمية المُشاركة في الأنشطة البيئية، لا سيما في ظل توجه العالم نحو المواضيع المُختصة بالبيئة والمناخ.
ويسعى الفريق إلى إيجاد منظومة شبابية دولية متكاملة تدعم القادة الشباب في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتبرز طاقاتهم وقدراتهم بأسلوب احترافي يساهم في تعزيز دورهم الريادي في تنمية المجتمعات، من خلال الأنشطة والفعاليات والمسارات البيئية تزامنًا مع الأحداث العالمية التي تركز عليها الأمم المتحدة، وترتبط بأهداف التنمية المستدامة.
ونظم الفريق العديد من الفعاليات المختلفة، ومن أبرزها فعالية قمة رقمية حول ممارسات الابتكار في الوطن العربي والتي نفذت بالتعاون مع حركة المناخ – قطر، والتي ركزت على ممارسة التفكير التصميمي للابتكار البيئي في الوطن العربي، إلى جانب المشاركة في عدد من المؤتمرات والندوات الدولية، منها قمة قادة الاتفاق العالمي للأمم المتحدة، وجمعت الآلاف من قادة الأعمال من ذوي التفكير المستقبلي وأصحاب المصلحة في أهداف التنمية المستدامة، ونشطاء التنمية المستدامة ورسم المستقبل.
وعلى الرغم من توقف أنشطة الفريق مع دخول عام 2020 بفعل جائحة كورونا، إلا أنه سرعان ما عاود تنظيم الأنشطة بعد انحسار الأزمة، وقد بدأ فعاليات متنوعة حول الاستثمار والابتكار في تحقيق أهداف التنمية المستدامة تحت شعار "انطلاقة النخب لمستقبل أفضل"، إلى جانب فعاليات في يوم البيئة العالمي "لا نملك سوى أرض واحدة"، وجرى إطلاق الأنشطة بعد سلسلة من اللقاءات والتدريبات والتأهيل والإرشاد.
وتميز الفريق بتنظيم العديد من المسارات، ومنها المسار الكشفي "أمل نحو مستقبل أفضل لشباب قادر على مواجهة تحديات التغير المناخي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة"، ومسار يهدف لتسليط الضوء على أهمية المحافظة على البيئة البحرية، ومسار الأرض بحاجة لنا، الذي حمل رسالة مهمة لتسليط الضوء على المخاطر التي تتعرض لها الأرض والنباتات والأشجار والمزروعات من جفاف وحرائق لارتفاع درجات الحرارة، ومخاطر التغيرات المناخية.
ويوضح مسؤول العضويات في شبكة الشباب العربي للتنمية المستدامة نسيم الزيناتي، من مدينة غزة، أن الفريق بدأ بوضع الخطط وتوزيع المهام منذ اللحظة الأولى لانطلاقه، وتنفيذ أولى الأنشطة في شهر مارس/ آذار 2018، بالشراكة مع مؤسسات تم طرح الفكرة عليها واحتضانها، ومُباشرة تنفيذ الفعاليات.
ويبين الزيناتي لـ"العربي الجديد"، أن تنفيذ الأنشطة يتطلب عدة خطوات، تبدأ بإعداد الفكرة حول الفعالية التي سيتم تنفيذها ومن ثم تجهيز السيناريوهات المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة، وتوفير اللوجستيات والاحتياجات الخاصة بالعمل، فيما يتم توزيع الأدوار على الفريق وفق التخصصات وطبيعة العمل، "هناك من يتولى أمورا متعلقة بالتجهيزات اللوجستية، وهناك من يتكلف بالتنسيق للمكان الذي سينفذ فيه النشاط، وآخر ينسق لطبيعة المشاركين والمدربين".
وتستمد أنشطة الفريق أهميتها من ارتباطها بالتنمية المستدامة، وأحد أبعادها الأساسية "البيئة" وما تشهده من تغيرات مناخية، وفق تعبير الزيناتي، فيما يُحاول الفريق التأكيد على أنّ "شباب غزة من فلسطين المُحتلة قادرون على ابتكار الأفكار والإبداع، وقادرون على تحقيق أهداف التنمية المستدامة ورفع اسم فلسطين عالياً، رغم أساليب الاحتلال الإسرائيلي التي تعتبر عائقاً في تحقيق هذه الأهداف".