يثير رئيس الاتحاد العمالي العام اللبناني غسان غصن الكثير من التساؤلات، مع عدم تنظيم تحركات مطلبية منذ سنوات، إلا أنه يؤكد على أنه يقوم بكل ما يستطيع فعله وسط التشنج السياسي الحاصل في البلاد.
وهذا نص المقالبة:
وهذا نص المقالبة:
* برأيكم ما هي الأسباب وراء عدم تصحيح الأجور سنوياً منذ العام 2012؟
أسباب عدم تصحيح الأجور منذ العام 2012 تعود إلى تخاذل الحكومات والطبقة السياسية عن الاهتمام بشؤون المواطنين. الحكومات المتعاقبة لم تقم بواجباتها إن لجهة مراقبة الأسعار، أو لجهة دعوة لجنة المؤشر المعنية بدراسة تصحيح الأجور إلى الاجتماع. كما أن الشلل السياسي والانقسام بين الفرقاء، لم يتح أي مجال للمطالبة بتصحيح الأجور، ولذا لم يتحرك الحد الأدنى للأجر منذ العام 2012.
*لماذا لم يتحرك الاتحاد العمالي العام مطالباً بتصحيح الأجور والدعوة إلى الاجتماع مع الحكومة وأرباب العمل، خصوصاً أن نسب الغلاء تخطت 30% منذ العام 2012؟
كيف سيتمكن الاتحاد العمالي العام من التحرك في ظل هذه الفوضى السياسية؟ وفي وجه من سيتحرك؟ النواب غائبون عن التشريع. الحكومات منقسمة على بعضها. الاتحاد العمالي العام يحتاج إلى جهة ليتفاوض معها، وللأسف فإن الأوضاع في لبنان في غاية الصعوبة، وبالتالي لا يمكن للاتحاد أن يتحرك في ظل هذا الانقسام.
اقرأ أيضا: لا أمان وظيفيّاً في لبنان
* بالعودة إلى الحد الأدنى للأجور في لبنان، هل تعتقدون أن الحد الأدنى الذي لا يتجاوز 450 دولاراً كاف لتأمين متطلبات المواطن اللبناني، خاصة أنكم تشيرون إلى ارتفاع الأسعار سنوياً؟
عملياً فإن الحد الأدنى للأجور يصل إلى 583 دولاراً إذا أضفنا بدل مواصلات بقيمة 133 دولاراً. وعندما وضعنا الحد الأدنى للأجور في العام 2012، طالبنا بضرورة إعادة ترتيب الحد الأدنى سنوياً بما يترافق والغلاء المعيشي. لا شك أن الحد الأدنى اليوم لا يكفي حاجات المواطن اللبناني في ظل هذا الغلاء، خاصة إذا راقبنا نسب التضخم سنوياً. وفي المقابل، فإننا مضطرون للقبول بهذا الواقع، ريثما تتغير الأوضاع السياسية في البلاد، ويبدأ العمل التشريعي من جديد، وتتألف حكومة جامعة، إذ يمكننا عندها التحرك للمطالبة بتصحيح الأجور.
*يتبين من كلامكم أنه في حال بقاء الوضع الأمني والسياسي على هذا الحال، فإن الاتحاد العمالي العام لن يتحرك لتحصيل حقوق العمال؟
إن أراد الاتحاد العمالي العام التحرك، فالسؤال المطروح في وجه من سيتحرك؟ الجهة المولجة الاهتمام بمطالب العمال والمتمثلة في الحكومة، غائبة عن القيام بواجباتها. كما أن التحرك والتصعيد نحو الشارع لا يفيد. فحساسية الوضع الأمني في لبنان، والخوف من طابور خامس، يمنع الاتحاد العمالي من التحرك والمجازفة بعماله.
*كيف يقيّم الاتحاد العمالي العام واقع ارتفاع الأسعار في لبنان؟ وهل يتناسب مع الواقع الاقتصادي للمواطن اللبناني؟
لا شك في أن الأوضاع الاقتصادية التي يمرّ بها لبنان انعكست سلباً على المواطن، خصوصاً الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل. وخلال السنوات الماضية أدى الانقسام السياسي والفراغ الدستوري إلى ارتفاع الفوضى في الأسعار، بسبب غياب الاهتمام، حيث استغل التجار الفرصة وفرضوا أسعاراً خيالية على البضائع والسلع، خاصة السلع الغذائية التي ارتفعت بشكل لافت.
وقد حذرنا من انعكاسات ارتفاع الأسعار، وطالبنا وزارة الاقتصاد بالتدخل مراراً، لكننا لم نجد أي تطبيق عملي على أرض الواقع، فالأسعار ارتفعت خلال السنوات الماضية أكثر من 30%، ويعد هذا الارتفاع مؤشراً بالغ الخطورة.
اقرأ أيضا: زهير برو: اقتصاد لبنان لن يتطور مع النهب والفساد
* تقول إن الاتحاد طالب وزارة الاقتصاد مراراً بالتدخل لوضع حد لارتفاع الأسعار، ما هي الإجراءات التي طالب بها؟
نؤكد مجدداً أن السوق غير منضبطة. الأسعار ترتفع تدريجياً وتطاول شرائح كبيرة من المجتمع اللبناني، لذا طالبنا بضرورة وجود رقابة صارمة على الأسعار منعاً للاحتكار والاستغلال، وتفعيل المراقبة الدورية على أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية، وتفعيل مبدأ العقاب على كل تاجر يعمد إلى رفع الأسعار بشكل جنوني. ولكن غياب الكادر البشري في الوزارة، وتقاعسها عن القيام بواجباتها، أديا إلى حصول فوضى عارمة في السوق اللبنانية، ومن المعروف أن الشريحة الأكبر من المجتمع اللبناني تنتمي إلى الطبقة الفقيرة بعد ذوبان الطبقة المتوسطة، ولذا فإن تدخل وزارة الاقتصاد بات أمراً ملحاً وضرورياً.
* أين أصبحت اجتماعات مؤشر غلاء المعيشة، منذ العام 2012 حيث لم نشهد حتى اليوم أي اجتماعات جديدة كما تم الاتفاق عليه، فكيف تفسّر ذلك؟
منذ العام 2012، وبعد رفع الحد الأدنى للأجور، قرّرنا البدء باجتماعات لجنة المؤشر، وطالبنا حتى قبل اجتماعات اللجنة بضرورة تصحيح الأجور، وقد تم الاتفاق على تصحيح الأجور سنوياً وفقاً لمؤشر الغلاء، لكن منذ العام 2012 وحتى اليوم، لم تجتمع اللجنة، ويعود السبب في ذلك إلى تخلي بعض الوزارات عن مهامها، ومنها وزارة العمل التي لم تدعُ إلى الاجتماع.
* ما رأيك بالانتقادات التي توجه إلى الاتحاد العمالي العام في لبنان بأنه مسيّس؟ وهل تعتقد أن الاتحاد العمالي العام، قام بواجباته كما هو مطلوب منه؟ خاصة أن العديد من المعنيين بالشأن العمالي يوجّهون انتقادات لاذعة ويتهمون الاتحاد بالتخاذل؟ كيف تردون على هذه الاتهامات؟
لا شك في أن هناك من يزايد، ويحمّل الاتحاد العمالي العام مسؤولية فشل الحكومة في تأمين حقوق العمال والموظفين، إلا أن الاتحاد قام خلال السنوات الماضية بكل ما هو مطلوب منه. ولا نريد أن نسرد الآن جميع إنجازاتنا، ولكن ما حققناه منذ سنوات يشير إلى مدى التزام الاتحاد العمالي بحقوق العمال. فعلى سبيل المثال، كان الحد الأدنى للراتب في لبنان لا يتجاوز 300 ألف ليرة لبنانية (200 دولار) وبفضل مطالبات الاتحاد العمالي العام ونضالاته، وصل الحد الأدنى إلى 675 ألف (450 دولاراً) أي ضعف ما كان عليه، ولذا فنحن في الاتحاد لا نرد على الكلام بالكلام، بل ردنا يكون دائماً عبر الأفعال.
اقرأ أيضا: سوق العقارات في لبنان: "نار يا حبيبي نار"
*ما هي مطالب العامل اللبناني اليوم، في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية؟
العمّال اللبنانيون يعيشون أوضاعاً صعبة، خاصة في ظل قلة فرص العمل، لذا اعتقد أن المطلب الرئيسي للبنانيين اليوم هو إيجاد فرص عمل تساعدهم على تأمين مستلزمات الحياة، ومنعهم من الهجرة والتوجه إلى الخارج، وهذه مهام الحكومة اللبنانية. فالحكومة مطالبة برسم سياسة اقتصادية إنتاجية، بعيدة عن الاقتصاد الريعي القائم منذ سنوات. وللأسف فإن الاقتصاد اللبناني يعد اقتصاداً طارداً للعمال. سنوياً يتم تخريج 70 ألف طالب، ومعظمهم يتوجهون إلى أسواق العمل الخارجية، ولذا فإنه من الضروري إيجاد فرص عمل تراعي حاجة السوق اللبناني، كما يتطلب من الحكومة اللبنانية أيضاً رسم سياسة واضحة حول تنظيم العمالة الوافدة، إذ أنها تشكل أداة منافسة أمام العامل اللبناني.
* تتحدثون عن العمالة الوافدة، برأيكم كيف يمكن تنظيم دخولها إلى لبنان؟
للأسف الحكومة غائبة عن تنظيم آليات دخول العمالة الوافدة إلى لبنان. ويعاني لبنان منذ زمن من توافد العمالة الأجنبية، سواء كانت العربية أم الآسيوية، وهذه العمالة خلقت جواً ضاغطاً ومنافساً أمام العامل اللبناني. العمال الوافدون يتقاضون أجوراً متدنية نسبة إلى ما يتقاضاه العامل اللبناني، ولذا نرى أن العامل اللبناني بات أسير البطالة، فيما احتلت العمالة الأجنبية مكانه. وهنا يجب تنظيم آليات دخول العمال الأجانب، وإعطاؤهم التراخيص، والإقامات من قبل الجهات المختصة بطريقة عادلة، والأهم من هذا هو عدم السماح لأرباب العمل بتوظيف العمال الأجانب بدلاً من اللبنانيين.
* تقولون إن العامل اللبناني يعيش وضعاً اقتصادياً صعباً، لماذا لا تقومون بأي خطوات لتحسين مكانة العامل اللبناني إذاً؟
كيف يمكننا القيام بأي تحركات تصعيدية في ظل هذه الأوضاع المتشنجة. وما هي الخطوات التي يمكن القيام بها في ظل هذه الأوضاع السياسية والأمنية. النزول إلى الشارع والاحتكام إليه لم يعد يفيدنا اليوم خوفاً من وجود طابور خامس، كما أن التظاهرات وإقفال الطرقات، والبقاء في الشارع لن يجدي نفعاً. الكثير من المطالبين بحقوقهم احتكموا إلى الشارع في السنوات الماضية، ولم يستطيعوا الحصول على مطالبهم. ولذا نعتبر أن خطوة الشارع مؤجلة في الوقت الحالي.
اقرأ أيضا: رقيق في المؤسسات العامة اللبنانية
*يتضح من خلال حديثكم أنكم تقصدون تحرّكات هيئة التنسيق النقابية ولجنة عمال ومياومي شركة كهرباء لبنان، ألا تعتقدون أنهم لجأوا إلى الشارع بعد فشل المفاوضات؟
قامت هيئة التنسيق بخطوات تصعيدية العام الماضي، لكنها لم تحقّق مطالبها، بسبب غياب الإرادة السياسية والفراغ السياسي، وتوقف مجلس النواب عن التشريع. أمّا في ما يتعلق بعمال الكهرباء، فقد تمت تسوية أوضاعهم، من طريق إجراء مباريات لتثبيتهم، ولا شك أنهم لجأوا إلى الشارع بعد فشل المفاوضات، لكن الشارع لم ولن يكون دوماً الأداة الأنجح لتحقيق المطالب، خاصة في هذه الأوضاع الحساسة.
* كيف تقيّمون واقع العمال العرب بعد موجة الثورات التي اجتاحت العالم العربي؟
أثبتت الثورات العربية مدى حاجة المواطنين إلى تأمين لقمة العيش، فالعمال ناضلوا من أجل الحرية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية. لكن اليوم وبعد مرور أعوام على هذه الثورات، ما زلنا نلاحظ ارتفاعاً في أرقام البطالة، ولايزال الفقر مسيطراً على المجتمعات العربية، كما أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية ما زالت غائبة، أعتقد أن العمال العرب يحتاجون إلى تغيير أنظمتهم الاقتصادية، والبحث عن بديل يساعدهم على تحقيق الأمن الاجتماعي والرفاهية التي يطمحون إليها.
اختلال النظام الضريبي
يعتبر الاتحاد العمالي العام أنّ النظام الضريبي في لبنان غير عادل وجائر في حق اللبنانيين، لذا يطالب بضرورة تغيير الأنظمة المالية كونها لا تراعي حقوق المواطنين. في هذا الإطار، يرى رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن أن من الظلم أن يبقى النظام الضريبي بوتيرته الحالية، يعمل فقط لمصلحة خدمة الدين العام وتسديد فوائد سندات الخزينة التي أدّت إلى زيادة ثروات الأغنياء، على حساب ذوي الدخل المحدود. ويطالب بضرورة إعادة النظر بنظام الضرائب، خاصة الضريبة على القيمة المضافة التي باتت تشكل أكثر من 80% من إجمالي واردات الخزينة والتي تصيب الأجراء والعمال وذوي الدخل المحدود في أجورهم المتدنية.
ويؤكد أنّ فرض مثل هذه الضرائب المتحركة على البنزين والمحروقات بوجه عام على الفقراء والميسورين بنفس النسبة يتعارض مع مبدأ العدالة الضريبية وعلى طاقة اللبنانيين وذوي الدخل المحدود في التحمل. من جهة أخرى، يرى غصن أن الحل الأمثل لتصحيح النظام المالي في لبنان، يكمن في فرض الضريبة التصاعدية على مداخيل وأرباح أصحاب الثروات وتحصيلها من ريع المشاريع الاستثمارية المربحة سواء في توظيف الأموال في سندات الخزينة وسوق العقارات والأعمال التجارية وتشديد المراقبة.
اقرأ أيضا: نقابات لبنان الواهية
بطاقة
يتربّع غسان غصن على عرش رئاسة الاتحاد العمالي العام اللبناني منذ 15 عاماً، وهو عضو تنفيذي في الاتحاد العمالي العام منذ 20 عاماً وعضو مجلس إدارة منظمة العمل الدولية، كما أنه مشارك دائم في الاتحاد الدولي للعمال العرب، وشارك في العديد من المؤتمرات الدولية الخاصة بقضايا العمال.
أسباب عدم تصحيح الأجور منذ العام 2012 تعود إلى تخاذل الحكومات والطبقة السياسية عن الاهتمام بشؤون المواطنين. الحكومات المتعاقبة لم تقم بواجباتها إن لجهة مراقبة الأسعار، أو لجهة دعوة لجنة المؤشر المعنية بدراسة تصحيح الأجور إلى الاجتماع. كما أن الشلل السياسي والانقسام بين الفرقاء، لم يتح أي مجال للمطالبة بتصحيح الأجور، ولذا لم يتحرك الحد الأدنى للأجر منذ العام 2012.
*لماذا لم يتحرك الاتحاد العمالي العام مطالباً بتصحيح الأجور والدعوة إلى الاجتماع مع الحكومة وأرباب العمل، خصوصاً أن نسب الغلاء تخطت 30% منذ العام 2012؟
كيف سيتمكن الاتحاد العمالي العام من التحرك في ظل هذه الفوضى السياسية؟ وفي وجه من سيتحرك؟ النواب غائبون عن التشريع. الحكومات منقسمة على بعضها. الاتحاد العمالي العام يحتاج إلى جهة ليتفاوض معها، وللأسف فإن الأوضاع في لبنان في غاية الصعوبة، وبالتالي لا يمكن للاتحاد أن يتحرك في ظل هذا الانقسام.
اقرأ أيضا: لا أمان وظيفيّاً في لبنان
* بالعودة إلى الحد الأدنى للأجور في لبنان، هل تعتقدون أن الحد الأدنى الذي لا يتجاوز 450 دولاراً كاف لتأمين متطلبات المواطن اللبناني، خاصة أنكم تشيرون إلى ارتفاع الأسعار سنوياً؟
عملياً فإن الحد الأدنى للأجور يصل إلى 583 دولاراً إذا أضفنا بدل مواصلات بقيمة 133 دولاراً. وعندما وضعنا الحد الأدنى للأجور في العام 2012، طالبنا بضرورة إعادة ترتيب الحد الأدنى سنوياً بما يترافق والغلاء المعيشي. لا شك أن الحد الأدنى اليوم لا يكفي حاجات المواطن اللبناني في ظل هذا الغلاء، خاصة إذا راقبنا نسب التضخم سنوياً. وفي المقابل، فإننا مضطرون للقبول بهذا الواقع، ريثما تتغير الأوضاع السياسية في البلاد، ويبدأ العمل التشريعي من جديد، وتتألف حكومة جامعة، إذ يمكننا عندها التحرك للمطالبة بتصحيح الأجور.
*يتبين من كلامكم أنه في حال بقاء الوضع الأمني والسياسي على هذا الحال، فإن الاتحاد العمالي العام لن يتحرك لتحصيل حقوق العمال؟
إن أراد الاتحاد العمالي العام التحرك، فالسؤال المطروح في وجه من سيتحرك؟ الجهة المولجة الاهتمام بمطالب العمال والمتمثلة في الحكومة، غائبة عن القيام بواجباتها. كما أن التحرك والتصعيد نحو الشارع لا يفيد. فحساسية الوضع الأمني في لبنان، والخوف من طابور خامس، يمنع الاتحاد العمالي من التحرك والمجازفة بعماله.
*كيف يقيّم الاتحاد العمالي العام واقع ارتفاع الأسعار في لبنان؟ وهل يتناسب مع الواقع الاقتصادي للمواطن اللبناني؟
لا شك في أن الأوضاع الاقتصادية التي يمرّ بها لبنان انعكست سلباً على المواطن، خصوصاً الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل. وخلال السنوات الماضية أدى الانقسام السياسي والفراغ الدستوري إلى ارتفاع الفوضى في الأسعار، بسبب غياب الاهتمام، حيث استغل التجار الفرصة وفرضوا أسعاراً خيالية على البضائع والسلع، خاصة السلع الغذائية التي ارتفعت بشكل لافت.
وقد حذرنا من انعكاسات ارتفاع الأسعار، وطالبنا وزارة الاقتصاد بالتدخل مراراً، لكننا لم نجد أي تطبيق عملي على أرض الواقع، فالأسعار ارتفعت خلال السنوات الماضية أكثر من 30%، ويعد هذا الارتفاع مؤشراً بالغ الخطورة.
اقرأ أيضا: زهير برو: اقتصاد لبنان لن يتطور مع النهب والفساد
* تقول إن الاتحاد طالب وزارة الاقتصاد مراراً بالتدخل لوضع حد لارتفاع الأسعار، ما هي الإجراءات التي طالب بها؟
نؤكد مجدداً أن السوق غير منضبطة. الأسعار ترتفع تدريجياً وتطاول شرائح كبيرة من المجتمع اللبناني، لذا طالبنا بضرورة وجود رقابة صارمة على الأسعار منعاً للاحتكار والاستغلال، وتفعيل المراقبة الدورية على أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية، وتفعيل مبدأ العقاب على كل تاجر يعمد إلى رفع الأسعار بشكل جنوني. ولكن غياب الكادر البشري في الوزارة، وتقاعسها عن القيام بواجباتها، أديا إلى حصول فوضى عارمة في السوق اللبنانية، ومن المعروف أن الشريحة الأكبر من المجتمع اللبناني تنتمي إلى الطبقة الفقيرة بعد ذوبان الطبقة المتوسطة، ولذا فإن تدخل وزارة الاقتصاد بات أمراً ملحاً وضرورياً.
* أين أصبحت اجتماعات مؤشر غلاء المعيشة، منذ العام 2012 حيث لم نشهد حتى اليوم أي اجتماعات جديدة كما تم الاتفاق عليه، فكيف تفسّر ذلك؟
منذ العام 2012، وبعد رفع الحد الأدنى للأجور، قرّرنا البدء باجتماعات لجنة المؤشر، وطالبنا حتى قبل اجتماعات اللجنة بضرورة تصحيح الأجور، وقد تم الاتفاق على تصحيح الأجور سنوياً وفقاً لمؤشر الغلاء، لكن منذ العام 2012 وحتى اليوم، لم تجتمع اللجنة، ويعود السبب في ذلك إلى تخلي بعض الوزارات عن مهامها، ومنها وزارة العمل التي لم تدعُ إلى الاجتماع.
* ما رأيك بالانتقادات التي توجه إلى الاتحاد العمالي العام في لبنان بأنه مسيّس؟ وهل تعتقد أن الاتحاد العمالي العام، قام بواجباته كما هو مطلوب منه؟ خاصة أن العديد من المعنيين بالشأن العمالي يوجّهون انتقادات لاذعة ويتهمون الاتحاد بالتخاذل؟ كيف تردون على هذه الاتهامات؟
لا شك في أن هناك من يزايد، ويحمّل الاتحاد العمالي العام مسؤولية فشل الحكومة في تأمين حقوق العمال والموظفين، إلا أن الاتحاد قام خلال السنوات الماضية بكل ما هو مطلوب منه. ولا نريد أن نسرد الآن جميع إنجازاتنا، ولكن ما حققناه منذ سنوات يشير إلى مدى التزام الاتحاد العمالي بحقوق العمال. فعلى سبيل المثال، كان الحد الأدنى للراتب في لبنان لا يتجاوز 300 ألف ليرة لبنانية (200 دولار) وبفضل مطالبات الاتحاد العمالي العام ونضالاته، وصل الحد الأدنى إلى 675 ألف (450 دولاراً) أي ضعف ما كان عليه، ولذا فنحن في الاتحاد لا نرد على الكلام بالكلام، بل ردنا يكون دائماً عبر الأفعال.
اقرأ أيضا: سوق العقارات في لبنان: "نار يا حبيبي نار"
*ما هي مطالب العامل اللبناني اليوم، في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية؟
العمّال اللبنانيون يعيشون أوضاعاً صعبة، خاصة في ظل قلة فرص العمل، لذا اعتقد أن المطلب الرئيسي للبنانيين اليوم هو إيجاد فرص عمل تساعدهم على تأمين مستلزمات الحياة، ومنعهم من الهجرة والتوجه إلى الخارج، وهذه مهام الحكومة اللبنانية. فالحكومة مطالبة برسم سياسة اقتصادية إنتاجية، بعيدة عن الاقتصاد الريعي القائم منذ سنوات. وللأسف فإن الاقتصاد اللبناني يعد اقتصاداً طارداً للعمال. سنوياً يتم تخريج 70 ألف طالب، ومعظمهم يتوجهون إلى أسواق العمل الخارجية، ولذا فإنه من الضروري إيجاد فرص عمل تراعي حاجة السوق اللبناني، كما يتطلب من الحكومة اللبنانية أيضاً رسم سياسة واضحة حول تنظيم العمالة الوافدة، إذ أنها تشكل أداة منافسة أمام العامل اللبناني.
* تتحدثون عن العمالة الوافدة، برأيكم كيف يمكن تنظيم دخولها إلى لبنان؟
للأسف الحكومة غائبة عن تنظيم آليات دخول العمالة الوافدة إلى لبنان. ويعاني لبنان منذ زمن من توافد العمالة الأجنبية، سواء كانت العربية أم الآسيوية، وهذه العمالة خلقت جواً ضاغطاً ومنافساً أمام العامل اللبناني. العمال الوافدون يتقاضون أجوراً متدنية نسبة إلى ما يتقاضاه العامل اللبناني، ولذا نرى أن العامل اللبناني بات أسير البطالة، فيما احتلت العمالة الأجنبية مكانه. وهنا يجب تنظيم آليات دخول العمال الأجانب، وإعطاؤهم التراخيص، والإقامات من قبل الجهات المختصة بطريقة عادلة، والأهم من هذا هو عدم السماح لأرباب العمل بتوظيف العمال الأجانب بدلاً من اللبنانيين.
* تقولون إن العامل اللبناني يعيش وضعاً اقتصادياً صعباً، لماذا لا تقومون بأي خطوات لتحسين مكانة العامل اللبناني إذاً؟
كيف يمكننا القيام بأي تحركات تصعيدية في ظل هذه الأوضاع المتشنجة. وما هي الخطوات التي يمكن القيام بها في ظل هذه الأوضاع السياسية والأمنية. النزول إلى الشارع والاحتكام إليه لم يعد يفيدنا اليوم خوفاً من وجود طابور خامس، كما أن التظاهرات وإقفال الطرقات، والبقاء في الشارع لن يجدي نفعاً. الكثير من المطالبين بحقوقهم احتكموا إلى الشارع في السنوات الماضية، ولم يستطيعوا الحصول على مطالبهم. ولذا نعتبر أن خطوة الشارع مؤجلة في الوقت الحالي.
اقرأ أيضا: رقيق في المؤسسات العامة اللبنانية
*يتضح من خلال حديثكم أنكم تقصدون تحرّكات هيئة التنسيق النقابية ولجنة عمال ومياومي شركة كهرباء لبنان، ألا تعتقدون أنهم لجأوا إلى الشارع بعد فشل المفاوضات؟
قامت هيئة التنسيق بخطوات تصعيدية العام الماضي، لكنها لم تحقّق مطالبها، بسبب غياب الإرادة السياسية والفراغ السياسي، وتوقف مجلس النواب عن التشريع. أمّا في ما يتعلق بعمال الكهرباء، فقد تمت تسوية أوضاعهم، من طريق إجراء مباريات لتثبيتهم، ولا شك أنهم لجأوا إلى الشارع بعد فشل المفاوضات، لكن الشارع لم ولن يكون دوماً الأداة الأنجح لتحقيق المطالب، خاصة في هذه الأوضاع الحساسة.
* كيف تقيّمون واقع العمال العرب بعد موجة الثورات التي اجتاحت العالم العربي؟
أثبتت الثورات العربية مدى حاجة المواطنين إلى تأمين لقمة العيش، فالعمال ناضلوا من أجل الحرية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية. لكن اليوم وبعد مرور أعوام على هذه الثورات، ما زلنا نلاحظ ارتفاعاً في أرقام البطالة، ولايزال الفقر مسيطراً على المجتمعات العربية، كما أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية ما زالت غائبة، أعتقد أن العمال العرب يحتاجون إلى تغيير أنظمتهم الاقتصادية، والبحث عن بديل يساعدهم على تحقيق الأمن الاجتماعي والرفاهية التي يطمحون إليها.
اختلال النظام الضريبي
يعتبر الاتحاد العمالي العام أنّ النظام الضريبي في لبنان غير عادل وجائر في حق اللبنانيين، لذا يطالب بضرورة تغيير الأنظمة المالية كونها لا تراعي حقوق المواطنين. في هذا الإطار، يرى رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن أن من الظلم أن يبقى النظام الضريبي بوتيرته الحالية، يعمل فقط لمصلحة خدمة الدين العام وتسديد فوائد سندات الخزينة التي أدّت إلى زيادة ثروات الأغنياء، على حساب ذوي الدخل المحدود. ويطالب بضرورة إعادة النظر بنظام الضرائب، خاصة الضريبة على القيمة المضافة التي باتت تشكل أكثر من 80% من إجمالي واردات الخزينة والتي تصيب الأجراء والعمال وذوي الدخل المحدود في أجورهم المتدنية.
ويؤكد أنّ فرض مثل هذه الضرائب المتحركة على البنزين والمحروقات بوجه عام على الفقراء والميسورين بنفس النسبة يتعارض مع مبدأ العدالة الضريبية وعلى طاقة اللبنانيين وذوي الدخل المحدود في التحمل. من جهة أخرى، يرى غصن أن الحل الأمثل لتصحيح النظام المالي في لبنان، يكمن في فرض الضريبة التصاعدية على مداخيل وأرباح أصحاب الثروات وتحصيلها من ريع المشاريع الاستثمارية المربحة سواء في توظيف الأموال في سندات الخزينة وسوق العقارات والأعمال التجارية وتشديد المراقبة.
اقرأ أيضا: نقابات لبنان الواهية
بطاقة
يتربّع غسان غصن على عرش رئاسة الاتحاد العمالي العام اللبناني منذ 15 عاماً، وهو عضو تنفيذي في الاتحاد العمالي العام منذ 20 عاماً وعضو مجلس إدارة منظمة العمل الدولية، كما أنه مشارك دائم في الاتحاد الدولي للعمال العرب، وشارك في العديد من المؤتمرات الدولية الخاصة بقضايا العمال.