جدّد تحذير منظمة الصحة العالمية، الأسبوع الماضي، من عودة الحصبة في أوروبا، المخاوف والقلق الشديد بشأن السلامة والصحة العامة، وكيفية التعامل مع الأعراض ووقف انتقال العدوى ومنع انتشارها، خاصة بين الأطفال والحواملن الفئة الأكثر عرضة لخطر الإصابة بمضاعفات المرض الوخيمة.
ووفقاً لأرقام المنظمة الأممية، فقد أصيب 42200 شخص عام 2023 في 41 من 53 دولة عضوا في المنطقة الممتدة إلى آسيا الوسطى، أي نحو 45 مرة أكثر من عام 2022 الذي أفيد عبتسجيل 941 إصابة خلاله.
وأفاد هانز كلوغه، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، خلال حديثه عن الوضع في أوروبا: "لقد شهدنا في المنطقة، ليس فقط زيادة بمقدار 30 ضِعفًا في حالات الحصبة، ولكن أيضًا ما يقرب من 21000 حالة دخول إلى المستشفى، وخمس وفيات مرتبطة بالحصبة"، وهذا أمر مثير للقلق.
فما هي الحصبة؟ وما هي مخاطر انتشارها؟ وما علاقتها بجائحة كورونا؟
في ما يلي نسلّط الضوء على الحصبة، أعراضها، ومضاعفاتها، وسبل الوقاية منها، ونتساءل مع مقال موقع "صحتك" لماذا وُضعت جائحة كورونا موضع اتهام في عودة تفشي المرض.
الحصبة وأعراضها
تُعرّف الحصبة بأنها مرض شديد العدوى يسببه فيروس سريع الانتشار عندما يتنفس الشخص المصاب أو يسعل أو يعطس. ويمكن أن يسبب مرضًا وخيمًا ومضاعفات وحتى الوفاة. ويمكن أن يؤثر المرض على أي شخص، ولكنه أكثر شيوعًا عند الأطفال.
يصيب الفيروس الجهازَ التنفسي ثم ينتشر في جميع أنحاء الجسم، ويمكن أن ينتقل من قِبَل شخص مصاب منذ أربعة أيام قبل ظهور الطفح الجلدي، ويحتمل أن يظل الفيروس نشطًا ومُعديًا في الهواء أو على الأسطح المصابة مدة تصل إلى ساعتين.
ووفقاً لموقع "ًصحتك"، يبدأ المرض بارتفاع درجة الحرارة، من سبعة إلى 21 يومًا بعد التعرض للفيروس - على الرغم من أن 10-12 يومًا هي الأكثر شيوعًا - وتستمر من أربعة إلى سبعة أيام.
وتشمل الأعراض في المرحلة الأولية سيلان الأنف والسعال، وتصبح العيون حمراء ودامعة، وتظهر بقع بيضاء صغيرة في داخل الخدين. بعد عدة أيام، يظهر طفح جلدي، عادة على الوجه وأعلى الرقبة، وعلى مدار ثلاثة أيام تقريبًا، ينتشر الطفح الجلدي، ويصل في النهاية إلى اليدين والقدمين، ويستمر من خمسة إلى ستة أيام، ثم يتلاشى، وفي المتوسط، يحدث الطفح الجلدي بعد 14 يومًا من التعرض للفيروس، في نطاق من سبعة إلى 18 يومًا.
مضاعفات خطيرة
تكمن خطورة المرض في مضاعفاته الخطيرة التي قد تؤدي إلى الموت، وهو أكثر شيوعًا عند الأطفال دون سن 5 سنوات أو البالغين فوق سن 30.
وتشمل المضاعفات: فقدان البصر، التهاب الدماغ (عدوى تسبب تورم الدماغ)، الإسهال الشديد والجفاف المرتبط به، التهابات الأذن، التهابات الجهاز التنفسي الحادة مثل الالتهاب الرئوي.
لا علاج للحصبة
مع كل التقدم الحاصل في مجال الطب، لا يوجد إلى الآن أي علاج محدد مضاد لفيروس الحصبة، ويبقى التطعيم هو أفضل طريقة للوقاية من الإصابة بها أو نقلها إلى أشخاص آخرين. واللقاح آمنٌ ويساعد الجسم على محاربة الفيروس.
وبحسب موقع "صحتك"، يُعطى لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR) على جرعتين، الأولى عندما يبلغ عمر الطفل سنة واحدة تقريبًا، والثانية عندما يبلغ عمر الطفل نحو ثلاث سنوات وأربعة أشهر. اللقاح فعال للغاية في الحماية من الحصبة، لكن 85% فقط من الأطفال الذين بدأوا الدراسة الابتدائية في المملكة المتحدة هذا العام قد حصلوا على كلا الجرعتين، فيما انخفضت معدلات التطعيم للجرعة الأولى من لقاح MMR، الذي يحمي من الحصبة، من 96% في عام 2019 إلى 93% في عام 2022 في جميع أنحاء أوروبا.
كما انخفض تناول الجرعة الثانية من 92% إلى 91% خلال الفترة نفسها، وهذا الانخفاض الطفيف على ما يبدو في معدلات تلقي التطعيم يعني أن أكثر من 1.8 مليون طفل في أوروبا لم يحصلوا على التطعيم ضد الحصبة خلال هذين العامين.
وحذرت منظمة الصحة من أنه حتى البلدان التي استطاعت القضاء على الحصبة معرَّضة لخطر تفشي المرض على نطاق واسع، وتقول إن 95% من الأطفال بحاجة إلى التطعيم بجرعتين ضد الحصبة في جميع المجتمعات لمنع انتشار المرض شديد العدوى.
أي علاقة لجائحة كورونا بتفشي الحصبة؟
تسببت جائحة كوفيد-19 في حدوث انتكاسات في جهود الترصُّد والتمنيع في جميع أنحاء العالم، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، ما أدى إلى تعريض ملايين الأطفال للأمراض التي تمكن الوقاية منها، مثل الحصبة.
وشددت على أنه لا يوجد بلد خالٍ من الحصبة، كما أن المناطق ذات التطعيم المنخفض تسمح للفيروس بالانتشار، ما يزيد من احتمالية حدوث الفاشيات وتعرُّض جميع الأطفال غير المُطعَّمين للخطر.
ووفقاً لتصريحات مسؤولي الصحة في المملكة المتحدة الأسبوع الماضي، فإن مرض الحصبة شديد العدوى يمكن أن ينتشر بسرعة إلى بلدات ومدن أخرى ذات معدلات تطعيم منخفضة، وإن أكثر من 3.4 ملايين طفل تحت سن 16 عامًا غير محميين ومعرَّضين لخطر الإصابة بالمرض، وفقًا لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنكلترا. يجرى الاتصال بالملايين من الآباء ومقدمي الرعاية وحثهم على تحديد موعد لضمان تطعيم أطفالهم بشكل كامل ضد الحصبة.
هل اللقاح آمن؟
أكد موقع "صحتك" أن الأبحاث غير الموثوقة التي تشير إلى وجود صلة بين لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR) والتوحد جعلت العديد من الآباء يتخذون قرارًا بعدم تلقيح أطفالهم، وإلى حد ما؛ لا يزال عدم الثقة هذا مستمراً حتى اليوم، على الرغم من النصائح بضرورة التطعيم.
يتعرض الأطفال الذين لم يُطعّموا لخطر مضاعف، وهذا يشمل الأطفال الذين لم يتلقوا التطعيم الروتيني ضد الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، وأولئك الذين تجنَّب آباؤهم اللقاح عمدًا بسبب مخاوف صحية في غير محلها.
نصائح وتوجيهات
قدّم موقع "صحتك" نصائح وتوجيهات للآباء للانتباه بشكل خاص لأبنائهم من حيث ظهور أعراض المرض أو استمرار درجات الحرارة في الارتفاع، فمن المهم الحصول على المشورة الطبية على الفور، لتقليل مخاطر المضاعفات التي تهدد الحياة.
وركّز أيضا على أهمية الرعاية الداعمة التي تضمن التغذية الجيدة، وتناول السوائل الكافية وعلاج الجفاف، واستعمال المضادات الحيوية لعلاج التهابات العين والأذن والالتهاب الرئوي.
فيما شددت منظمة الصحة ضمن توصياتها على اتباع نظام غذائي صحي، وتلقي جميع الأطفال أو البالغين المصابين بالحصبة جرعتين من مكملات فيتامين أ، بفاصل زمني بينهما مدته 24 ساعة. ما يسمح بتصحيح مستويات فيتامين أ المنخفضة، كما يساعد في الوقاية من تلف العينين والعمى. وقد تقلل مكملات فيتامين أ أيضًا من عدد الوفيات الناجمة عن الحصبة.