يُعدّ الأجنّة والرضع والأطفال أكثر تأثراً بالتداعيات البيئية الناتجة عن تغير المناخ وتلوث الهواء، وذلك بسبب مجموعة من العوامل البيولوجية والسلوكية، فللمواد السامة تأثير على النمو، كما أن آليات الدفاع البيولوجية للتخلص من السموم، وإصلاح تلف الحمض النووي، وتوفير الحماية المناعية، لا تكون ناضجة لدى الرضع والأطفال، الأمر الذي يزيد من تعرضهم للإجهاد النفسي والاجتماعي والمواد السامة، بحسب "The New England Journal of Medicine".
ويتطلب نمو الأطفال الحصول على غذاء وسوائل أكثر من البالغين، وبالتالي يتأثرون بشكل أكبر من جراء انقطاع إمدادات الغذاء والمياه.
ويتنفس الرضع والأطفال هواءً أكثر مقارنةً بالبالغين، ما يزيد من تعرضهم لملوثات الهواء، كما أن مجاري الهواء الضيقة لديهم أكثر عرضة للانقباض بسبب تلوث الهواء وتنشق المواد المسببة للحساسية.
بالإضافة إلى ما سبق، فإن الرضع والأطفال أكثر تأثراً من البالغين بارتفاع درجات الحرارة بسبب ضعف التنظيم الحراري لديهم، واعتمادهم على رعاية البالغين الذين قد لا يكونون على دراية بالمخاطر، كما هو الحال عندما يموت الأطفال الرضع داخل السيارات بسبب الحرارة المرتفعة. من جهة أخرى، يقضي الأطفال وقتاً أطول في الهواء الطلق ويمارسون أنشطة بدنية أكثر من البالغين.
إلى ذلك، فإن الأطفال أكثر تأثراً بتداعيات النزوح الناتجة عن الكوارث المناخية، بدءاً من الإصابات الجسدية وصولاً إلى الصدمات النفسية نتيجة إجبارهم على مغادرة منازلهم. وفي ما يلي بعض العوامل الرئيسية التي تؤثر على صحة الأطفال:
1 - ارتفاع درجات الحرارة
تتزايد موجات الحرارة في ظل تغّير المناخ، الأمر الذي يزيد من مخاطر الولادة المبكرة، وانخفاض وزن الرضيع لدى الولادة، وفرط الحرارة، وزيادة الموت بين الرضع، والإجهاد الحراري، وأمراض الكلى بالإضافة إلى أمراض أخرى بين الأطفال.
2 - كوارث طبيعية
أدى تغير المناخ إلى ارتفاع نسبة الفيضانات والأعاصير وغير ذلك، الأمر الذي أدى إلى إصابات جسدية وحالات غرق بين الأطفال، بالإضافة إلى اضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية. وساهمت الأحداث الناتجة عن تغير المناخ في إجبار أكثر من 50 مليون طفل في جميع أنحاء العالم على ترك منازلهم. وقد تشمل الآثار تعطيل التعليم واضطرابات الصحة النفسية، على غرار اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب.
3 - نقص في الغذاء والمياه والأمان
أثرت حالات الجفاف المرتبطة جزئياً بتغير المناخ على أميركا الوسطى والجنوبية وأفغانستان وأجزاء أخرى من آسيا وأستراليا وأفريقيا جنوب الصحراء وجنوب شرق الولايات المتحدة. وفي البلدان النامية، أدى انعدام الأمن الغذائي إلى زيادة حادة في سوء التغذية، الأمر الذي أثر على النمو الجسدي والفكري للأطفال، والنتيجة هي مشاكل سلوكية وإدراكية. كما أن زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو تؤدي إلى انخفاض جودة الحبوب الرئيسية الغذائية.
4 - انتشار الأمراض
يؤدي تغير المناخ إلى زيادة الأمراض المنقولة، منها الملاريا وحمى الضنك وفيروس زيكا ومرض لايم، وذلك في مناطق معينة بسبب التغيرات في مدة موسم الانتقال والانتشار الجغرافي لناقلات المرض. ويكون التأثير على صحة الأطفال أكبر في المناطق الاستوائية.