لبنان: استنفار طبي مفتوح بعد موجة التفجيرات

19 سبتمبر 2024
خارج مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت (محمد سلمان)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **حالة الاستنفار في المستشفيات اللبنانية:** تعيش المستشفيات في لبنان حالة استنفار بعد موجة التفجيرات الثانية التي استهدفت أجهزة الاتصال اللاسلكية، مما أدى إلى ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 37 قتيلاً و3539 جريحاً.

- **تدخلات الدفاع المدني:** قام الدفاع المدني اللبناني بجهود كبيرة لإخماد الحرائق الناتجة عن انفجار بطاريات الليثيوم وأجهزة اللاسلكي، وتم نقل العديد من الجرحى إلى المستشفيات.

- **مبادرات إنسانية لمساعدة المصابين:** أطلقت وزارة الصحة اللبنانية بالتعاون مع وزارة الإعلام والاتحاد العربي للبصريات مبادرة إنسانية لتوفير كوادر طبية وأدوية لمصابي العيون، مع استقبال تبرعات المواطنين بأعضاء العيون.

تعيش المستشفيات في لبنان حالة من الاستنفار، وخصوصاً بعد موجة التفجيرات الثانية وتدفق المزيد من الإصابات إليها، وخشية الأسوأ.

لم تلتقط مستشفيات لبنان بعد أنفاسها من جراء استقبالها الأعداد المهولة للجرحى في تفجيرات أجهزة بيجر يوم الثلاثاء الماضي، حتى توالى تدفق مصابين جدد بسبب تفجيرات متنقلة جديدة طاولت بعد ظهر أول من أمس الأربعاء عدداً من الأجهزة اللاسلكية، التي كانت في حوزة عناصر تابعة لحزب الله اللبناني، أو كانت متروكة في السيارات والمنازل والدراجات النارية، ما أدى إلى احتراقها. 
مسلسل القهر والوجع أثار حالة من الغضب في الشارع اللبناني، الذي تابع بترقب وحذر ما يتعرض له المواطنون في الضاحية الجنوبية للعاصمة وفي محافظات الجنوب والبقاع وبعلبك ـ الهرمل (البقاع الشمالي). ونجت مواكب تشييع ضحايا التفجير الأول من كارثة إنسانية في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي جنوب البلاد، حين انفجرت بطاريات أجهزة لاسلكية بين الجموع أوقعت عدداً من الجرحى.
وفي تحديثات مركز عمليات الطوارئ التابع لوزارة الصحة العامة في لبنان، أعلن وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض، ارتفاع حصيلة ضحايا تفجير أجهزة الاتصال التي يستخدمها حزب الله خلال اليومين الماضيين إلى 37 قتيلاً و3539 جريحاً. وأوضح أن "عدد الشهداء بالنسبة لليوم الأول (الثلاثاء) من التفجيرات لا يزال 12، أمّا عدد الجرحى فهو 2323 بعد التدقيق بالأرقام، بينهم 226 حالة في العناية الفائقة، وتم إجراء 955 عملية جراحية". كما أفاد بأنّ "آخر حصيلة في وزارة الصحة لتفجيرات يوم أول من أمس، هي 25 شهيداً و608 جرحى، 61 منهم في العناية المشددة، وقد تم إجراء 141 عملية جراحية لغاية الساعة، وشارك 64 مستشفى في استقبال المصابين أول من أمس".
ويقول نقيب أطباء لبنان في بيروت وجرّاح ترميم وجراحة اليد في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، البروفسور يوسف بخاش، لـ "العربي الجديد"، إن "المستشفيات بأكملها استنفرت فور ورود أنباء عن موجة ثانية من التفجيرات المتنقلة، وقد عمّمنا كنقابة على جميع الأطباء الاستعداد والجهوزية لأيّ تدخل سريع. وعلى الرغم من أن عدد الإصابات كان أقل نسبيّاً، لكنها كانت بليغة أكثر كون أجهزة اللاسلكي أكبر من أجهزة بيجر". وأعلن أن "مستشفى الجامعة الأميركية يُعتبر من مستشفيات بيروت التي استقبلت أكبر عدد من المصابين، وتوافدت إليه قرابة 200 إصابة خلال موجة التفجيرات الأولى. وفور علمنا بتفجيرات الأجهزة اللاسلكية، جهّزنا أنفسنا كنقابة ومستشفى ومركز طوارئ لاستقبال الجرحى، لكن الأعداد لم تتطلب اتخاذ الاحتياطات التي اعتمدناها مع التفجيرات الأولى".
من جهته، يرى الرئيس الإقليمي لمركز الدفاع المدني اللبناني في الضاحية الجنوبية لبيروت، سعد الأحمر، أن "الأهالي صاروا معتادين على الظروف الأمنية المتوترة، لكن من الطبيعي أن يحصل بداية نوع من الارتباك والخوف". ويقول لـ "العربي الجديد": "عندما انفجر أول جهاز لاسلكي، كنا نواكب بصفتنا دفاعاً مدنياً مراسم تشييع بعض شهداء التفجيرات الأولى في بلدة الغبيري (الضاحية الجنوبية للعاصمة). فكان أن تدخلنا على الفور لحفظ السلامة العامة ونقلنا نحو ثلاث حالات، غير أن الإصابات كانت محصورة باليدين، وتحديداً الكف. ثمّ بدأت تتوالى المعلومات عن حرائق في شقق ومنازل، حيث انفجرت فيها بطاريات ليثيوم وأجهزة لاسلكية، فعززنا التدخل بسيارات إطفاء ووزّعنا عناصرنا وآلياتنا بين مختلف المناطق المستهدفة وسيطرنا بأسرع وقت على الحرائق، بالتنسيق مع بعض الجمعيات والهيئات الصحية والإغاثية".

وفي بيانه، أعلن الدفاع المدني أن عناصره عملت على إخماد حرائق اندلعت داخل منازل ومقر حسينية وسيارات ودراجات نارية ومحلات ومستودعات ومتاجر لبيع بطاريات الليثيوم والأجهزة الخليوية، وذلك في ضاحية بيروت الجنوبية ومحافظات البقاع والجنوب وجبل لبنان. كما نقلت سيارات الإسعاف التابعة له عدداً من الجرحى إلى المستشفيات.
وكشف مصدر طبي في مستشفى النبطية الحكومي (جنوب البلاد)، فضّل عدم الكشف عن هويته، أن "المستشفى استقبل يوم الأربعاء 24 حالة بإصابات طفيفة من جراء تفجيرات أجهزة اللاسلكي، حيث استدعت ست حالات فقط، عمليات جراحية وملازمة المستشفى كون الإصابة في اليدين أو الفخذين حيث كان جهاز اللاسلكي بجانب الخاصرة، فيما عولجت الحالات الباقية وغادرت المستشفى. وكانت الإصابات بمعظمها في اليدين إلى جانب بعض الرضوض وضيق في التنفس من جراء الحرائق". يتابع في حديثه لـ "العربي الجديد": "خلال موجة التفجيرات الأولى، استقبلنا تقريباً عدداً مماثلاً، لكن الإصابات كانت في الوجه بمعظمها".

سيارات الإسعاف خلال نقلها الجرحى إلى المستشفيات (محمد سلمان)
سيارات الإسعاف خلال نقلها الجرحى إلى المستشفيات (محمد سلمان)

واستقبل مستشفى السان جورج ـ الحدت (المحاذي للضاحية الجنوبية)، نحو 11 حالة بحسب مصدر طبي في المستشفى فضّل عدم الكشف عن هويته. ويقول لـ "العربي الجديد": "كانت الطواقم الطبية والتمريضية على أهبة الاستعداد للتدخل العاجل فور ورود أخبار بشأن تفجيرات الأجهزة اللاسلكية، غير أن الإصابات التي وردتنا كانت طفيفة نوعاً ما، وأغلبها في اليد، بالإضافة إلى بعض الإصابات في البطن، نظراً لوضع الجهاز بجانب الخصر. وتمّت معالجة جميع الحالات وغادرت المستشفى بأغلبها".
وكانت وزارة الاتصالات اللبنانية دانت "العمل الإجرامي الذي اقترفته إسرائيل بحق اللبنانيين"، وأعلنت أن "أجهزة اللاسلكي (Icom V82) التي تم تفجيرها، لم يتم شراؤها عن طريق الوكيل، ولم يتم ترخيصها من قبل وزارة الاتصالات، علماً أنّ الترخيص يتمّ بعد أخذ موافقة الأجهزة الأمنية".

وفي السياق، وجّهت المديرية العامة للطيران المدني في لبنان، تعميماً إلى "كل شركات الطيران العاملة في مطار رفيق الحريري ـ بيروت، بشأن منع الركاب المغادرين من نقل أيّ جهاز بيجر أو ووكي توكي على متن الطائرة حتى إشعار آخر، سواء داخل حقيبة السفر أو حقيبة اليد أو بواسطة الشحن الجوي، وإلا سوف تتم مصادرة تلك الأجهزة".
وتحت شعار "كرمال عيون اللبنانيين"، أطلق وزير الصحة العامة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال الدكتور فراس الأبيض، ووزير الإعلام زياد المكاري، ورئيسة "الاتحاد العربي للبصريات في دول آسيا وشمال أفريقيا" الدكتورة نسرين الأشقر، مبادرة عربية إنسانية لمساعدة مصابي العيون في لبنان.
وستعمل مبادرة "الاتحاد العربي للمهن البصرية" على توفير كوادر من كبار الاختصاصيين البصريين للعيون الاصطناعية، والنقابات والجمعيات والمنظمات العاملة في مجال العيون والبصريات. كما ستؤمن الأدوية وقطرات العيون والنظارات الطبية ومستلزمات الإبصار المتدني وخدمات ما بعد العلاج. وإذ رحبت الأشقر باندفاع عدد من المواطنين للتبرع بإحدى عينيهم، لفتت إلى أن "التبرع يتم من شخص أعلن قبل وفاته رغبته بالتبرع، لكن الأهم الحصول على المحلول الخاص بحفظ قرنية العين، وتأمين النواقص والحاجات الميدانية التي ستفيدنا بها وزارة الصحة". 

المساهمون