لبنان يعلن بدء العودة "الطوعية" للاجئين السوريين إلى بلادهم

بيروت
ريتا الجمّال (العربي الجديد)
ريتا الجمّال
صحافية لبنانية. مراسلة العربي الجديد في بيروت.
إسطنبول

جلال بكور

avata
جلال بكور
26 أكتوبر 2022
لبنان يبدأ بترحيل اللاجئين السوريين رغم تحذيرات منظمات دولية
+ الخط -

انطلقت، اليوم الأربعاء، المرحلة الأولى من العودة الطوعية للاجئين السوريين من لبنان إلى بلادهم بإشراف الجيش اللبناني والأمن العام، في ظل تنسيق "خجول" مع المنظمات الدولية المعنية التي تشكك في الخطة اللبنانية وتحذّر من الترحيل القسري، في وقتٍ لا تزال تضع سورية في خانة "غير آمنة"، مع تسجيل انتهاكات حقوقية جسيمة واضطهاد على يد الحكومة السورية.
ورفع لبنان سقف هجومه على المنظمات المعنية والدول التي يرى أنها لا تشجع على عودة اللاجئين، مهدداً في أكثر من مناسبة بإعادة اللاجئين بالقوة، متذرعاً بالوسائل القانونية المتاحة، في حال لم يتعاون المجتمع الدولي معه، وسيقوم بتنفيذ الخطة بمعزل عن المواقف الخارجية وما يضعه في دائرة "الضغوط" التي لن يرضخ لها.

الصورة
اللاجئون السوريون في لبنان يستعدون للعودة إلى سورية (فرانس برس)
اللاجئون السوريون في لبنان يستعدون للعودة إلى سورية (فرانس برس)

وتبدي المنظمات الدولية، منها "هيومن رايتس ووتش"، مخاوفها من أسلوب تعاطي الدول المضيفة مع ملف عودة اللاجئين السوريين، آخرها ما يحصل في تركيا، حيث يتم إجبار المرحّلين على توقيع استمارات "العودة الطوعية" في مراكز الترحيل ومكاتب الهجرة.

وأوصت "هيومن رايتس ووتش" لأجل ذلك بالسماح لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالوصول بحرية إلى مراكز الترحيل، ومراقبة عملية الحصول على إذن من السوريين بإعادتهم إلى سورية للتأكد من أنها طوعية، ومراقبة المقابلات وإجراءات الترحيل لضمان عدم استخدام مسؤولي الشرطة أو الهجرة العنف ضد السوريين أو غيرهم من المواطنين الأجانب.

من جانبه، يعتبر وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار أن هذا اليوم "وطني وتاريخي" بعودة اللاجئين السوريين، مؤكداً التنسيق مع الجانب السوري لتنفيذ الخطة، وأن العودة طوعية ولم يجبَر أحد على مغادرة الأراضي اللبنانية، كما أن لا إشكالات سجِّلت، وفي حال تعرّض أي لاجئ سوري لانتهاك معين عند عودته إلى الأراضي السورية، فإن لبنان سيتابع قضيته من خلال المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

الصورة
رفع لبنان سقف هجومه على المنظمات والدول التي يرى أنها لا تشجع على عودة اللاجئين (فرانس برس)
رفع لبنان سقف هجومه على المنظمات والدول التي يرى أنها لا تشجع على عودة اللاجئين (فرانس برس)

ويقول حجار، الموجود في عرسال - البقاع الشمالي لمتابعة عملية العودة، لـ"العربي الجديد"، إن "التسجيل قائم في المراكز المحددة منذ الصباح الباكر، وسنصدر أرقام المسجلين النهائية عند الانتهاء، والباصات والشاحنات كلها موجودة لنقل النازحين، وسيكون هناك لقاء مع الأهالي السوريين من القلمون لاستقبال الخارجين من لبنان"، لافتاً إلى أن اللاجئين سيتوجهون إلى مناطق آمنة في سورية، وتلك التي هي قيد الإعمار، فستؤمن لهم مراكز إيواء لفترة تكون مؤقتة.

ويشير حجار إلى أن "المرحلة الثانية للعودة ستكون الأسبوع المقبل، وسط إصرار على تطبيقها والإسراع بذلك، إذ إن لبنان لم يعد بإمكانه تحمّل أعباء النزوح، على مختلف المستويات، اقتصادياً، صحياً، أمنياً، اجتماعياً".

وكان المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم قد أشار في مؤتمر صحافي، أمس الثلاثاء، إلى أن "العدد الرسمي للاجئين السوريين في لبنان هو مليونان و80 ألف لاجئ، كما تمت إعادة 540 ألف لاجئ ضمن العودة الطوعية التي انطلقت عام 2017"، مشيراً إلى أن "42 في المائة من مجموع السجناء في لبنان هم من الجنسية السورية، ما يشكل ضغطاً إضافياً على لبنان".

وقال اللواء إبراهيم إن "لبنان يرفض طريقة التعاطي التي تتم معه من قبل الكثيرين، وعلى رأسهم منظمات إنسانية، وهناك منظمات تدّعي الإنسانية تحاول أن تملي علينا إرادتها وكيفية التعاطي مع الملف وعودة الإخوة السوريين إلى سورية، ولا أعتقد أن هناك منظمة أحرص منا وأكثر إنسانية منا في التعاطي مع الملف".

العملية لا تخضع لإشراف مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين

في الأثناء، قالت المتحدثة الرسمية لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان نادين مظلوم، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المفوضية تدعم وتحترم الحق الإنساني الأساسي للاجئين في العودة بحرّية وطوعياً إلى وطنهم الأم متى اختاروا ذلك في الوقت الذي يختارونه وبما يتماشى مع المبادئ الدولية للعودة الطوعية الآمنة والكريمة وعدم الإعادة القسرية".

وزير الشؤون الاجتماعية: لبنان لم يعد بإمكانه تحمّل أعباء النزوح، على مختلف المستويات، اقتصادياً، صحياً، أمنياً، اجتماعياً

وأضافت "يختار آلاف اللاجئين ممارسة حقهم في العودة كل عام. وتحترم المفوضية القرارات التي يتّخذها اللّاجئون"، مشيرة إلى أنّ "المفوضية ستواصل المشاركة في الحوار مع الحكومة اللبنانية، وكذلك مع المديرية العامة للأمن العام في سياق عمليات العودة التي تتم بتيسير منها".

وأردفت مظلوم "على الرغم من أنّ العودة الميسّرة من قبل المديرية العامة للأمن العام ليست عملية تابعة للمفوضية، تقدّم المفوضية، من بين جهات أخرى، المشورة للاجئين، عندما يكون ذلك ممكناً، وكانت حاضرة اليوم في نقاط المغادرة قبل عودتهم"، لافتة إلى أنه "أوكلت إلى المفوّضية مسؤولية الحماية والمساعدة، بغض النظر عما إذا كان اللاجئون يعودون بطريقة ميسرة أم لا".

عودة للتجنيد الإجباري وسداد الديون للنظام

في السياق ذاته، يقول اللاجئ السوري في لبنان طالب الحمصي، لـ"العربي الجديد"، إنّ كل من عاد إلى سورية اليوم ليس عليه ملفات أمنية في الوقت الحالي سوى موضوع "التجنيد الإجباري" للذكور البالغين، أو غرامات مالية على سيارات وأملاك وفواتير، موضحاً أن ّالعائدين أخذوا وعودا بأن يمنحوا مهلة بين 3 إلى 6 أشهر قبل الالتحاق بشعبة التجنيد التي تتبع لها منطقتهم ولسداد الديون المترتبة عليهم.

أضاف الحمصي أنّ هناك عائلات غادرت سورية منذ 10 سنوات ويترتب عليها عند عودتها دفع رسوم الكهرباء والماء والاتصالات لهذه المدة كاملة، مشيراً إلى أنّ "الضغوط الاقتصادية والمجتمعية والعنصرية في لبنان تدفع الكثير من السوريين إلى العودة أو التفكير في العودة، غير أنه لا يفكر في العودة بسبب الملف الأمني ومشاركته في مظاهرات ضد النظام إضافة لملف التجنيد الإجباري".

الصورة
اللاجئون السوريون في لبنان يستعدون للعودة إلى سورية (فرانس برس)
أكد لبنان أن اللاجئين سيتوجهون إلى مناطق آمنة في سورية (فرانس برس)

ويرى الحمصي أنّ "الجو العام في لبنان يضغط على اللاجئين ولا داعي لأن تقوم الحكومة بالضغط بشكل مباشر لإعادتهم، إذ يكفي أن تصدر قوانين وتصريحات وتسمح بالممارسات العنصرية كي يفكر اللاجئ في العودة إلى سورية أو إيجاد مفر آخر"، مضيفاً أنّ "معظم السوريين يرون أنّ عائق عودتهم هو النظام القمعي وحلفاؤه المحليون وغيرهم، مثل حزب الله، الذي كانت له يد طولى في تهجير آلاف السوريين، وخاصة منطقة القصير في ريف حمص الجنوبي الغربي".

وأكد على أنّ "هناك سوريين يفرّون كل يوم من مناطق النظام قادمين إلى لبنان إما هرباً من الفقر أو بهدف العبور إلى بلاد أخرى عن طريق المطار أو عن طريق التهريب في البحر".

النظام السوري يعلن وصول أول دفعة من اللاجئين

بدوره، أعلن النظام السوري وصول أول دفعة لاجئين جرت إعادتهم "طوعاً" من لبنان إلى مناطقهم ضمن خطة ترحيل بالتعاون مع الحكومة اللبنانية.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية "سانا"، إن أول دفعة من المهجرين السوريين وصلوا قادمين من مخيمات اللجوء في لبنان عبر معبر الدبوسية الحدودي بريف حمص، ضمن خطة إعادة اللاجئين التي شرع لبنان في تنفيذها بالتعاون مع النظام في سورية.

وزعمت وزارة الصحة في حكومة النظام السوري أن كوادرها الطبية والعيادات المتنقلة وسيارات الإسعاف بدأت باستقبال المهجرين، لإجراء كامل الفحوصات الطبية اللازمة لهم، وتقديم الخدمات الصحية، بما فيها لقاحات الأطفال لحمايتهم من أمراض الطفولة الخطرة، قبل نقلهم إلى مركز التنمية الريفية في بلدة رأس العين بناحية يبرود، ومن هناك سيتم نقلهم إلى مناطق أخرى.

وذكرت مصادر محلية من مناطق النظام لـ"العربي الجديد"، أنّ النظام سيبقي من كان منزله مدمراً في هذا المركز لحين إيجاد سكن له أو إصلاح منزله، وجل العائدين في هذه النقطة من سكان منطقة القلمون وريف دمشق.

وقالت مصادر مطلعة في عرسال لـ"العربي الجديد"، إن معظم العائلات التي عادت في هذه الدفعة كانت تقطن في مخيمات بمنطقة عرسال، وهم متحدرون من قرى وبلدات "فليطة، الجراجير، المشرفة، النبك، دير عطية"، مضيفة أنّ عدد العائدين في هذه الدفعة لا يتجاوز 750 شخصاً، جلهم أطفال ونساء.

ذات صلة

الصورة
دبابة إسرائيلية على حدود لبنان من جهة الناقورة، 13 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

اشتدت حدة المواجهات البرية بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان مع دخول المعارك شهرها الأول من دون أن تتمكن إسرائيل من إحكام السيطرة.
الصورة
قصف إسرائيلي في محيط قلعة بعلبك الأثرية، 21 أكتوبر 2024 (نضال صلح/فرانس برس)

سياسة

انضمّت مدينة بعلبك إلى الأهداف الإسرائيلية الجديدة في العدوان الموسَّع على لبنان تنفيذاً لسياسة الأرض المحروقة ومخطّط التدمير والتهجير الممنهج.
الصورة
أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين إلى طرابلس (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت منظمات وجمعيات أهلية في مدينة طرابلس اللبنانية مبادرات للتعاطي مع تبعات موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.
الصورة
دمار جراء غارات إسرائيلية على بعلبك، 25 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات دموية على مناطق عدّة في محافظة بعلبك الهرمل اللبنانية أدت إلى سقوط عدد كبيرٍ من الشهداء والجرحى وتسجيل دمار كبير
المساهمون