ليبيا: أول حكم بإعدام متورط في جرائم مقابر ترهونة الجماعية

19 يونيو 2024
الأحكام في قضية ترهونة تهدئ الرأي العام المحلي (ندى حارب/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أهالي ضحايا مقابر ترهونة يرحبون بأحكام النيابة العامة الليبية ضد المتهمين بجرائم جماعية، بما في ذلك إعدام عضو مليشيات الكانيات وسجن آخرين لدورهم في الجرائم.
- النيابة العامة الليبية تصدر 400 أمر ضبط خلال ثلاث سنوات في إطار جهودها لملاحقة المتورطين، مع تحسن إجراءات الملاحقة المحلية والدولية.
- الأحكام القضائية تعكس التزام السلطات الليبية بملاحقة المتورطين وتحقيق العدالة، مع تأكيد الناشطين على دعم الضغوط الدولية وزيارات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لدعم القضاء الليبي.

لقيت الأحكام القضائية التي أصدرتها النيابة العامة الليبية في حق متهمين بالتورط في ارتكاب جرائم مقابر ترهونة ترحيباً من أهالي وذوي الضحايا الذين طالبوا بالمضي أكثر في تحقيق العدالة التي انتظروها طويلاً.

أعلنت النيابة العامة في ليبيا أخيراً أن محكمة جنايات طرابلس أصدرت حكماً بإعدام أحد عناصر مليشيات الكانيات، المسؤولة عن ارتكاب جرائم المقابر الجماعية في ترهونة رمياً بالرصاص، وذلك بعد إثبات قتل المدان مواطناً عثر على جثته بين تلك التي انتشلت من المقابر الجماعية.
وأورد بيان الحكم أن "المدان مسؤول عن ارتكاب انتهاكات جسيمة طاولت حقوق سكان في المدينة، من بينها قتل مواطن، وأيضاً عن جرائم أخرى نفّذها مع متهمين آخرين تقرر ملاحقتهم".
تزامن ذلك مع إصدار دائرة الجنايات في محكمة استئناف مدينة الخمس، أحكاماً ضد ثلاثة متهمين بارتكاب جرائم المقابر الجماعية في ترهونة، وشملت سجن اثنين 13 عاماً مع الشغل، وحرمانهما من حقوقهما المدنية خلال تنفيذهما العقوبة وخمس سنوات بعدها، وسجن الثالث خمس سنوات.
جاء ذلك في الذكرى الرابعة لتحرير ترهونة من سيطرة مليشيات الكانيات التي ارتكبت انتهاكات واسعة في حق سكان المدينة، خلال مشاركتها في عدوان مليشيات خليفة حفتر على العاصمة طرابلس عامي 2019 و2020، ودفنت عشرات بعد قتلهم في مقابر جماعية.
ومنتصف يناير/كانون الثاني الماضي، اتهم النائب العام في ليبيا، الصديق الصور، 51 شخصاً، من بينهم أجنبيان، بارتكاب جرائم المقابر الجماعية في ترهونة، وأصدر تسع نشرات لجلب متهمين كانوا في السعودية والإمارات ومصر وتونس.

وأوضح الصور حينها أن النيابة العامة أصدرت خلال السنوات الثلاث الأخيرة 400 أمر ضبط لمتهمين في قضية المقابر الجماعية في ترهونة، وأنه طلب من السلطات المصرية استرداد ستة متهمين أوقفوا في القاهرة وصفهم بأنهم "مطلوبون رئيسيون".
وفي شأن الطلبات التي قدمها أهالي الضحايا للقضاء، كشف الصور أن النيابة العامة تلقت 521 بلاغاً أحالت 194 منها إلى القضاء، في حين يستمر التحقيق في 327 بلاغاً، وجرى رفع 165 دعوى إلى محكمة الجنايات، و12 إلى محاكم جزئية، والتحفظ على 17 دعوى. وأكد أن "التحقيقات الخاصة بجرائم المقابر الجماعية في ترهونة تسير بوتيرة ممتازة، وتحسّنت إجراءات الملاحقة المحلية والدولية، بعدما حثت السلطات الليبية الدول التي يوجد متهمون في القضية على أراضيها على تسريع إنهاء إجراءات تسليمهم".

ملفات جرائم ترهونة على طريق الحسم (محمود تركية/ فرانس برس)
ملفات جرائم ترهونة على طريق الحسم (محمود تركية/ فرانس برس)

وفي أغسطس/آب 2022، أعلنت النيابة العامة أن القضاء فتح 280 قضية تتعلق بالمقابر الجماعية في ترهونة، وأحال عشراً منها إلى المحاكم، ووجّه تهم القتل والتعذيب والخطف والإخفاء القسري والسطو المسلح والسرقة إلى 20 متهماً.
ويعتبر الناشط الحقوقي عبد القادر المارغني، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "إصدار أول حكم بإعدام متورط بجرائم المقابر الجماعية في ترهونة، دليل على عزم السلطات القضائية المضي في هذا الملف. وقد يرتبط الأمر بتهدئة الرأي العام المحلي، لكنه على علاقة أيضاً بالضغوط التي يواجهها القضاء بسبب الاهتمام الدولي بملف المقابر، خاصة من قبل محكمة الجنايات التي خصصت فريقاً لتقصي الحقائق في شأن هذه الجرائم".

ومطلع مايو/أيار الماضي، أعلن المجلس الأعلى لحكماء وأعيان ليبيا تشكيل فريق عمل برئاسته وعضوية أعضاء في رابطة ضحايا ترهونة، للتواصل مع الجهات الحكومية والهيئة العامة للبحث عن المفقودين، وشدد على ضرورة إصدار السلطات القضائية مذكرات لتوقيف متهمين ومتورطين في جرائم المقابر، وضرورة الإسراع في استكمال التحقيقات مع المتهمين المعتقلين وإحالتهم إلى المحاكمة المختصة".
ويعتبر المارغني، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه رغم استياء ذوي الضحايا من بطء وتيرة التحقيقات والأحكام في قضية المقابر، لكنها تسير في تدرج منطقي ومقبول لدى السلطة القضائية، فمكتب النائب العام والمحاكم تعاملت بحكمة مع الإكراهات السياسية التي كانت تمارس ضغوطاً على أعمالها". 
ويشير إلى أن تصريحات النائب العام في يناير الماضي في شأن بدء الاتصال بالخارج لملاحقة المتهمين "يدل على أن انفراجاً فتح الطريق أمام حسم ملفات القضية التي لا يمكن أن تبقى مفتوحة مهما طال الوقت".
ويرى المارغني أن "زيارة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، مقابر ترهونة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ثم تشكيله لجنة تقصٍ خاصة بالمقابر يدلان أيضاً على أن القضية أصبحت قضية رأي عام دولي، ويعطي للمحاكم والقضاء الليبي حماية ودعماً أكبر للتحرك فيها، ويبدو أن القضاء الليبي في طريقه نحو تنفيذ خطوات أخرى قد تطاول معسكر حفتر الذي لا يزال يحتضن العديد من شخصيات الكانيات".

المساهمون