تنادي متخصصة في علم النبات أحد متسلقي الأشجار، طالبة منه قطع غصن من شجرة تنتمي إلى نوع مهدّد بالانقراض في غابات الأمازون، قائلة له: "اقطع غصناً آخر يا زيلاو". وينفّذ زيلاو، اسمه الحقيقي جوزيه ريموندو فيريرا، التعليمات التي وُجّهت إليه، مستخدماً مقصّ تقليم أشجار ليُسقط أمام العلماء الموجودين في المكان جذعاً من شجرة تُستخدم أخشابها في بناء القوارب.
وزيلاو واحد من قلائل يستطيعون تسلّق أشجار غابات الأمازون حتى رؤوسها، في ثوانٍ. وفي المنطقة نحو عشرين متسلّق أشجار يعملون بمعظمهم في قطاع يُعَدّ غير رسمي ولا يتمتّعون بحماية اجتماعية، بحسب ما تؤكد عالمة النبات مارتا بيريرا التي تعرب عن سرورها لتمكّنها من الاستعانة بخدمات زيلاو القيّمة. وتوضح الباحثة في جامعة ولاية أمازوناس شمالي البرازيل: "نرى كعلماء أنّ عمل هؤلاء المتسلّقين بالغ الأهمية، خصوصاً في هذه المنطقة التي لا ندرك إلا 30 في المائة من تنوّعها الحيوي، إذ لا نستطيع من دونهم أخذ عيّنات من الأنواع".
ويومياً، يتسلّق زيلاو مرتدياً قميصاً أبيض بسيطاً وسروالاً قصيراً ملوّناً، ما بين خمس مرّات وستّ، أشجاراً قد يصل ارتفاع بعضها إلى خمسين متراً، بهدف جمع أوراق أو ثمار منها، أو لقطع بعض أغصانها. ويتولّى المتسلّق كذلك تثبيت كاميرات على رؤوس الأشجار لتصوير الطيور أو القرود. ويستخدم زيلاو حزاماً وحبلاً، فيما يرتدي حذاءً نعلاه من المطاط السميك لينجز عمله الذي يتنقّل فيه أحياناً بين الأشجار، بحماية كاملة.
ويقول زيلاو الذي يجب عليه تثبيت رجلَيه بقوّة حتى يحافظ على توازنه على جذع الشجرة في أثناء أخذه عيّنات منها، إنّ "هذا العمل ينطوي على مخاطر كبيرة ويتطلب تقنيات معيّنة ومجهوداً جسدياً كبيراً، بالإضافة إلى ضرورة خضوع من يمارسه لتدريبات مكثّفة". يضيف: "نتعرّض لإصابات في أحيان كثيرة، وكنت قد خضعت لأربع عمليات في مفاصلي" من جرّاء هذا العمل. مع ذلك، لا يبدو زيلاو عازماً على التوقّف عن مزاولة هذه المهنة، ويشير إلى أنّ "جدول أعمالي محجوز حتى 20 ديسمبر/ كانون الأول 2022، إذ من الصعب العثور على متسلّق أشجار".
وعلى رغم الصعوبات التي يتسّم بها هذا العمل، فإنّ زيلاو يرغب في أن يمارسه ابناه البالغان من العمر 19 و21 عاماً، فهو بحسب ما يقول يعلّمهما حالياً أسرار المهنة ليتمكّنا من إكمال مسيرته عندما يصير عاجزاً جسدياً عن ممارسة عمله هذا.
(فرانس برس)