أثارت تعليمات وزارة التربية والتعليم في مصر إلى مديري المدارس بالمحافظات، بإغلاق أيّ منشأة تعليمية لمدة أربعة أسابيع في حال رصد فيروس كورونا فيها، قلقاً كبيراً للأسر المصرية، خصوصاً مع اقتراب الموسم الدراسي الجديد المقرر يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بعد تأجيل دام لمدة شهر تقريباً، في ظل ظروف وبائية غير مستقرة داخل البلاد.
تلك التعليمات صنعت حالة من الخوف من احتمال عدم جاهزية المدارس لاستقبال العام الدراسي، وعدم قدرة الدولة على حماية التلاميذ من الوباء، في ظل حالة التكدس الكبير داخل الفصول، وبالتالي تزايد أعداد الإصابات المرتقبة، وسط ضبابية تسيطر على العام الدراسي المرتقب.
ويكشف مسؤول بوزارة التربية أنّ هناك حالة من التخبط العام داخل المدارس سواء الحكومية أو الخاصة، بالمحافظات كافة، وهو ما يشير إلى أنّ العام الدراسي المرتقب يعدّ "الأسوأ". يتابع أنّ كلّ ما يقال من تعليمات بشأن العام الدراسي، سواء بتقسيم التلاميذ على مرحلتين صباحية ومسائية، أو حضورهم يومين فقط في الأسبوع، بالإضافة إلى إغلاق أيّ مدرسة حال تفشى كورونا فيها، لم يخرج عن كونه مجرد بيانات تحصل عليها وسائل الإعلام.
يوضح أنّ تقسيم الدوام المدرسي إلى فترتين صباحية ومسائية وربما ثلاث فترات، قائم أساساً في عشرات من المدارس بالمحافظات، خصوصاً في المناطق الشعبية. يضيف المسؤول - الذي فضّل عدم ذكر اسمه- أنّ هذا التقسيم يمثل أزمة للإدارات، مستبعداً تطبيق التباعد الاجتماعي. ويلفت إلى أنّ أمام وزارة التربية والتعليم تحديا خطيرا مع بداية العام الدراسي المرتقب في ظل ارتفاع عدد تلاميذ مراحل التعليم ما قبل الجامعي إلى نحو 23 مليوناً. يضيف أنّ استمرار التعليم عن بعد سواء عبر البث التلفزيوني كما تزعم الحكومة أو بواسطة الإنترنت، كلّها وسائل لها مشاكلها المتعددة، فالنظام التكنولوجي غير متوفر في كلّ منزل، خصوصاً في القرى والأرياف، فضلاً عن صعوبة متابعة الدروس بسبب صغر سنّ الأطفال في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، كما أنّ هذا النظام من التعليم يُفقد التلاميذ العديد من الجوانب التعليمية والاجتماعية والمهارات اللازمة للدراسة.
وكان عدد من أولياء الأمور في مصر، طالبوا وزير التربية والتعليم طارق شوقي، بوقف أو تأجيل الدراسة إلى حين انتهاء أزمة كورونا، للحفاظ على صحة وسلامة التلاميذ وجميع العاملين، وهو ما رفضته الوزارة، مؤكدة عدم وجود أيّ نية لتأجيل العام الدراسي الجديد 2020- 2021. واعتبر أولياء الأمور إصرار الحكومة على بدء الدراسة في ظلّ الأزمة الحالية، كارثة وتجاهلاً لصحة التلاميذ، معلنين أنّهم لن يرسلوا أبناءهم إلى المدارس، وسيكتفون بالدروس الخصوصية فقط.
تقسيم الدوام المدرسي إلى فترات، بسبب الكثافة يمثل أزمة للإدارات
من جانبه، يقول "محروس م." وهو موجه في إحدى المدارس الحكومية، إنّ عودة التلاميذ في ظل جائحة كورونا مهمة محفوفة بالمخاطر، مستبعداً توفير الأطقم الطبية والرعاية الصحية وأدوات التعقيم بالمدارس، في ظل الأعداد الكبيرة من التلاميذ، رافضاً ما يتردد أنّ وزارة التربية والتعليم تتعامل مع قضية استئناف الدراسة بعناية، لافتاً إلى أنّ تحقيق التباعد الاجتماعي بين التلاميذ صعب التطبيق، والتكدس في المدارس الحكومية والخاصة، مستمر مع بداية العام الدراسي، ولا جديد لدى الوزارة.
بدوره، يخشى محمود عفيفي، وهو مدير إحدى المدارس الخاصة، أن تحمّل وزارة التربية والتعليم المدارس الخاصة أي كارثة صحية يتعرض لها التلاميذ، مطالباً الوزارة بتوفير السلامة الصحية للأولاد.
كيف سيكون شكل العام الدراسي الجديد؟ سؤال يشغل الأسر المصرية. ويبدي عمر السيد، وهو موظف وولي أمر تلاميذ، قلقه البالغ من بداية العام الدراسي في ظل عدد الإصابات والوفيات المتصاعد، وإن كانت الأعداد تدنت عما كانت من قبل، وسط تحذيرات بعودة المرض مرة أخرى مع الشتاء.
يقول: "لديّ ثلاثة أولاد بمراحل تعليمية مختلفة. كيف أضحي بهم في ظل عام دراسي يشوبه عدم الوضوح؟ لديّ خوف مثل الملايين من الشعب المصري من عدم تطبيق الإجراءات الوقائية ضد فيروس كورونا، خصوصاً أنّ أعداد التلاميذ في المدارس الحكومية كبيرة جدًا".
ويؤكد عصام توفيق، وهو مقاول عقارات وولي أمر تلميذين في مدرسة خاصة، أنّه سيذهب بنفسه إلى المدرسة مع بداية العام الدراسي للاطمئنان على أجوائها؛ كتوفر أدوات تعقيم وجهاز قياس حرارة وبوابات معقمة، حتى لا يتعرض ولداه لأذى، مشيراً إلى أنّه في حال المخالفة سيمنعهما من الذهاب إلى المدرسة، وسيقدم شكوى لوزارة التربية والتعليم بما يحدث.
أما سلوى شرقاوي، وهي ربة منزل، فتكتفي بإعطاء ولديها دروساً خصوصية بدلاً من الذهاب إلى المدرسة، مشيرة إلى عدم تسجيل الغياب والحضور في المدارس الحكومية، بل إنّ "كلّ شيء يمكن أن يتم بدفع بعض المال". تشير إلى أنّ تقسيم الدوام المدرسي إلى فترتين موجود أساساً في المنطقة الشعبية التي تقيم بها، وبالتالي ليس هناك جديد في ظل أزمة كورونا، وهو ما يدلّ على أنّ الوزارة في وادٍ والشعب في وادٍ آخر.