لا شك في أنّ الجامعات في العالم العربي تعمل على تحسين نتائجها الأساسية عبر مجموعة مقاييس، أهمها القدرة على جذب الطلاب إلى مناهجها وفروعها، والسمعة الجيدة في ميادين التدريس وحقول العمل معاً، ما يمهّد للتقدم في تصنيفات الجامعات العالمية التي باتت تستخدم معايير أكثر دقة في تحديد مستويات النجاح بالاعتماد على جدول تقييم واسع للقدرة على إكساب الطلاب كلّ متطلبات التفوق المهني والإبداع في الإنتاج المثمر، ومواكبة المنافسة الميدانية.
يشيد تقرير نشره موقع "تايمز هاير إيديوكيشن" في يونيو/ حزيران الماضي بخطوات الجامعات العربية لتلبية تطلعات طلابها، وانفتاحها على التعاون مع جامعات دولية في كلّ ميادين الارتقاء بمستوى التعليم والبحوث، وعلى المناهج الحديثة والتقنيات المتطورة وصولاً إلى قيمة الشهادات الممنوحة. ويؤكد أنّ التوسع في مواكبة جدول التقييم العالمي للجامعات يظهر تقدماً لافتاً للجامعات العربية، لكنّه يستدرك أنّ هذا "التقدم قد يضيع بسبب معايير التقييم غير المناسبة".
ويشدد التقرير على أهمية امتلاك الجامعات العربية القدرة على فهم أدائها ونقاط قوتها بطريقة موضوعية، عبر استخدام مقاييس تعتمد فقط على الجامعات في منطقتها. ويلفت إلى أنّه "على الرغم من أنّ التصنيفات الخاصة بالحضور العالمي والتأثير التي تصدرها مراكز أبحاث ومجلات متخصصة، تشكل ركيزة مهمة لتوفير نظرة ثاقبة عن تقدم الجامعات في أنحاء الشرق الأوسط، يجب التفكير لدى استكشاف البيانات المتوافرة عن هذه الجامعات التي تعمل خصوصاً لتنمية قدراتها في البحوث وتعزيز وجودها على الخريطة العالمية للتعليم العالي، بدور التراث الثقافي الفريد في المنطقة، وبأنّ هذه المؤسسات التعليمية تترجم رغبات حكوماتها ومواطنيها في تطوير دولهم". من هنا يرى التقرير أنّ منهجية تقييم أداء الجامعات العربية "يجب أن تراعي الاختلافات في ميزات المنطقة عبر اعتماد مقاييس جديدة لخلق نوع من التوازن مع جدول التقييم العالمي، وتحديد المجالات الفعلية لتطور القطاع".
وفيما يؤكد التقرير أنّ مقاييس ترتيب الجامعات العربية تختلف في حسابات الجدولين الإقليمي والعالمي، يورد استطلاع للرأي شمل 12 ألف شخص عن السمعة الجيدة لهذه الجامعات في العالم، بأنّها "تناهز 20 في المائة في مجال التدريس، و25 في المائة في مجال البحوث، وتنال قبولاً نسبته 2 في المائة في ميادين العمل المحلي، وبالنسبة ذاتها في ميادين العمل في العالم. أما قدرة الجامعات العربية على استقطاب الطلاب فتبلغ 20 في المائة".
لكنّ التقرير يعتبر أنّه يجب تقييم قدرة الجامعات العربية على استقطاب الطلاب، باستخدام حساب غير تقليدي "كي يعطي مقياساً أكثر ثباتاً بمرور الوقت، ويمنع التأثير المشوّه لأوراق بحوث وضعها أكثر من مائة مؤلف، وتحتوي على عدد كبير جداً من الاستشهادات". ويشير التقرير أيضاً إلى "ضرورة تضمين عملية التقييم ثلاثة مقاييس جديدة في ترتيب الجامعات العربية تركز على أهمية الاستدامة في المنطقة، رغم أنّ تأثيراتها قد تكون منخفضة نسبياً. ويعتمد المقياسان الأولان على المشاركة والأداء، والثالث على التعاون البحثي بين جامعات العالم العربي".
ويتابع التقرير: "تجعل هذه المقاييس معايير المشاركة في الترتيب أقل صرامة من تلك الخاصة بتصنيفات الجامعات العالمية، والتي قد يدعمها أيضاً السماح بنشر الجامعات 500 دراسة خلال خمس سنوات لإدراجها في التصنيف العربي، بدلاً من رقم ألف دراسة المعتمد في تصنيف الجامعات العالمية. ويهدف ذلك إلى إظهار الطبيعة المتنامية للتعليم العالي في المنطقة".
ويرى التقرير أيضاً أنّ الجامعات ذات التخصص الواحد والمؤسسات التي لا تدرّس الجامعيين مؤهلة أيضاً للإدراج، علماً أنّ التصنيف العالمي يستبعد المؤسسات التي لا تدرّس الطلاب الجامعيين، إلا موضوعاً واحداً غالباً، أو إذا كانت 80 في المائة أو أكثر من دراساتها البحثية في موضوع واحد من أصل 11. فهذه الاختلافات تسمح بمشاركة مزيد من الجامعات في الترتيب العربي.