خرجتُ إلى الشارع لأستمع إلى أصوات أغنام عابرة، لعل من يقودها في حينا السكني قد قرر الذهاب بها إلى السوق. وفي الخاطر حكاية بائع اللبن الذي استبدل سيارته بعربة يجرها حمار، لعدم توفر الوقود، وهددنا باحتمال توقف خدماته التي اعتدنا عليها على مدى سنوات في حال لحق بزملاء مهنته الذين شرعوا فعلاً في بيع حيواناتهم بسبب الارتفاع الجنوني في أسعار الأعلاف والسلع الضرورية. ولأن العم محمد، وهو أحد الذين يربون الحيوانات على مقربة من البيوت، فقد ظل يرى في التخلص منها أمراً صعباً، في وقت بدأ يهمس البعض بأن هؤلاء الأشخاص وحيواناتهم عُرضة للإصابة بفيروس كورونا.
فرضت حياة الريف في معظم البلدان الأفريقية مشاركة الحيوانات الأليفة لأصحابها مساكنهم، لتتشكل بذلك منظومة بيئية فريدة، فيها من الأخذ والعطاء بقدر ما فيها من الوفاء، وضمانات ديمومة السكن والشراكة وتيسير سبل كسب العيش. لكن ماذا سيجري وكورونا بات يهدد هذه الشراكة، بل تطاول تهديداته الحياة بأكملها؟
كثر الحديث عن الطفرة الجينية للفيروس، وبات خوف الإصابة وانتقال العدوى يتحكم فينا أكثر فأكثر، خصوصاً وأن النفي الأول لاحتمالات إصابة الحيوانات الأليفة تم دحضه وفقاً للدراسة التي أجراها فريق من علماء الأحياء في المملكة المتحدة وماليزيا. ولاحظ الفريق أن الأسماك والطيور والزواحف ليست معرضة لخطر العدوى، لكن هناك 26 نوعاً من الثديات يمكن أن يصيبها الفيروس، وقد لوحظ بالفعل إصابة القطط والكلاب والأسود والنمور، كما أصيبت القوارض وبعض أنواع القرود.. وربما الأغنام.
وقالت مديرة فريق البحث كريستين أوينغو إن "بعض الحيوانات التي حددناها محمية من الإصابة، ولكنها قد تصاب لاحقاً".
ما هو حال الحمام وبعض الحيوانات الأليفة في الساحات في المناطق السياحية؟ لعلها تفتقد تلك العادة اليومية الممتعة، عندما يقدم لها السياح والزوار الحبوب وغيرها من الأطعمة. خلال الموجة الأولى لتفشي فيروس كورونا، رُصدت القطط والكلاب هائمة على وجوهها في الشوارع بحثاً عن الطعام، والطيور في ذهابها وإيابها ظلت ترقب عودة الحياة الى الساحات والشواطئ.
هل تلتزم المجالس البلدية برعاية حيوانات الشارع كما كان يحدث في بعض البلدان؟ ففي سلامتها سلامة للبشر، وحفظ للمواقع السياحية التي تدر دخلاً على البلديات والدول. هل يتم تفعيل القانون الملزم برعايتها وتخصيص ميزانيات لإطعامها وكادر بشري يعتني بصحتها وتغذيتها وتطعيمها ضد الأمراض؟ وهل يمكن إعطاء لقاحات كورونا للحيوانات الأليفة والطيور يوماً ما؟
(متخصص في شؤون البيئة)