أثارت النائبة الأردنية، رئيسة لجنة المرأة وشؤون الأسرة في مجلس النواب، ميادة إبراهيم شريم، ردود فعل متباينة، بعد إعلانها المشاركة في جلسة صلح عشائرية (جاهة) بين ثلاث عشائر، الأسبوع الماضي، وهو أمر غير معتاد في المجتمع الأردني المحافظ.
وقالت النائبة شريم، في تصريحات صحافية، إن ترؤسها لجاهة الصلح، جاء من منطلق الرغبة في إنهاء الخلاف وحل قضية مشاجرة بين عدة أطراف، مضيفة أنَّه لم تكن هذه أول مرة تتوجه لحل قضايا عشائرية، فخلال ترؤسها لمجلس عشائر قلقيلية لمدة 7 سنوات حلّت العديد من القضايا.
وأوضحت أنّ تدخلها في هذه القضية جاء بعد أن طلبت منها والدة ضحية التدخل لأخذ حق ابنها إثر مشاجرة وقعت بين أفراد من أبناء عشائر آل الحجاوي وآل جالودي وآل أبو عرة، وجميعهم قصّر، وبعد أشهر تمكنت من الوصول إلى حل يرضي كل الأطراف.
وتابعت: "في البداية، كانت الاستجابة للقضية صعبة من قبل الأم، بسبب الإصابة البالغة التي تعرض لها ابنها، إذ طالبت بمبلغ 100 ألف دينار (140 ألف دولار)، وذلك لمعالجته"، مشيرة إلى أن الأوضاع المادية لعائلات المعتدين لا تسمح بدفع هذا المبلغ، لكن جرى التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف، وتخفيض المبلغ إلى 50 ألف دينار (70 ألف دولار).
وحول مشاركة المرأة في الجاهات العشائرية، قال أستاذ علم الاجتماع والجريمة في جامعة مؤتة، الدكتور حسين محادين، لـ"العربي الجديد": "من حيث المبدأ، إن بناء شخصية الإنسان غير مرتبط بجنسه، ذكراً كان أو أنثى، وبالتالي إن مثل هذه المهمات الإصلاحية يقوم بها الإنسان انتصاراً لقيم مشتركة إنسانية، لكن في مجتمع ذكوري، يبدو أن ترؤس امرأة، وهي شخصية عامة، مثل هذه الجاهات أمر يدعو للجدل".
وأضاف: "اللافت أيضاً قبول كل الأطراف أن تكون عضو مجلس النواب قائدة اجتماعية وتتوصل إلى حل وتنجح في مهمتها، وهذا يكشف التغير الذي يمر به المجتمع الأردني من ناحية كسر العادة، ويؤكد أن المرأة بوسعها أن تكون قائدة ناجحة، وفي كل المجالات".
وأفاد محادين: "هذه المرأة كسرت نمطية الأدوار المتفق عليها داخل المجتمع الأردني، وهذا يحسب لها، ولا أرى أي مشكل في أن تضطلع النساء بمثل هذه الأدوار الإصلاحية".
وأوضح أن مثل هذه الأدوار كانت سابقاً بعيدة عن الإعلام، فالعديد من النساء المتعلمات والقائدات الاجتماعيات قمن بإصلاح البين بين المتخاصمين، ولم يجر تسليط الضوء عليهن كما يقع الآن، وهذا تحول إيجابي يدعونا إلى الابتعاد عن التصنيفات والنظر في أهمية خلق الأمن المجتمعي.
وحول ردود الفعل المعارضة لهذا الدور، رأى محادين أنّ من الطبيعي أن كل مبادرة فريدة أو فكرة خلاقة تقابل أحياناً بالإساءة وسوء الفهم، لكن نجد أن مثل هذه الجرأة والنجاح سيجعل أخريات وآخرين يقتدون بهذه المبادرة وفقاً لقاعدة التقليد والمحاكاة، وهي قاعدة موجودة في علم النفس الاجتماعي.
بين مؤيد ومعارض
تباينت آراء الأردنيين على مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد لترؤس امرأة وساطة صلح عشائرية، ومعارض لهذا التصرف داخل مجتمع محافظ.
وفي السياق، تساءل الناشط بلال الذنيبات: هل كانت ميادة شريم أول سيدة تترأس جاهة صلح عشائرية في الأردن؟ وهل هذا يعني أنها دخلت التاريخ العشائري الأردني من أحد أوسع أبوابه؟ الجاهة التي حصلت تُمثل تحولاً اجتماعياً يثير البحث والتساؤل وشهية التوثيق للحدث الأبرز من منظور سوسيولوجي.
هل كانت العين ميادة شريم اول سيدة تترأس جاهة صلح عشائرية في الأردن؟
— Belal Althnebat (@belal_th16) April 23, 2023
وهل هذا يعني انها دخلت التاريخ العشائري الأردني من أحد أوسع أبوابه؟
الجاهة التي تمت امس تمثل تحولا اجتماعيا يثير البحث والتساؤل وشهية التوثيق للحدث الأبرز من منظور سوسيولوجي. #خواطر_بلال pic.twitter.com/y4RqBNqjYD
فيما غرّد عماد المدادحة، قائلاً: "سعادة النائبة ميادة شريم ترأست جهوداً أدت إلى إنهاء خلاف بين عائلات متفهمة ومقدرة لحقيقة التوصل إلى مصالحة بين أطراف الخلاف. أين المشكلة في ذلك؟ علينا أن نقدر من يقوم بالجهود الطيبة، سواء أكان رجلاً أم سيدة متفضلة".
سعاده النائب مياده شريم ترأست جهود أدت الى إنهاء خلاف بين عائلات متفهمه ومقدره لحقيقه التوصل الى مصالحه بين اطراف الخلاف.
— عماد مدادحه (@Emad_AlMadadha) April 23, 2023
أين المشكله في ذلك؟
علينا ان نقدر من يقوم بالجهود الطيبه سواء رجل او سيده متفضله.
أما المحامي زياد المجالي، فقال: "ليس انتقاصاً من مكانة المرأة أو النائبة ميادة شريم، التي يتمحور دورها في التشريع والرقابة، هذا من جانب، ومن جانب آخر فما قامت به حسب العرف العشائري غير مقبول...".
ليس انتقاص بمكانة المرأه أو شخص النائب ميادة شريم تحديداً الأصل هي نائب بالوظيفةودورها مناط بالتشريع والرقابه هذا من جانب ومن جانب آخر ما قامت به حسب العرف العشائري هذا ليس مكانها ويسأل جاهل عابر من حدد مكانه المرأةوالجواب بكل وضوح العرف وقبله الدين إلي حدد المكان للرجل و المرأة
— Adv. ZIAD ALMAJALI (@abu_haza312) April 23, 2023
بدوره، قال مدير مركز حماية حرية الصحافيين نضال منصور: "إنّ ترؤس النائبة ميادة شريم جاهة عشائرية لفض خلاف بين عشائر متنازعة يثير الجدل، ودفع إلى الواجهة بتصريحات أنه لا يجوز لامرأة ترؤس جاهة. لا أريد أن أتوقف عند استمرار حالة التمييز بين المرأة والرجل، ولكن أريد أن أطرح سؤالاً عن استمرار تقليد الجاهات لحل النزاعات، هل يضعف سيادة القانون؟".
ترأس النائب ميادة شريم جاهة عشائرية لفض خلاف بين عشائر متنازعة يثير الجدل، ودفع الى الواجهة تصريحات بانه لا يحوز لامرأة ترأس جاهة.
— Nidal Mansour (@CdfjNidal) April 23, 2023
لا اريد ان اتوقف عند استمرار حالة التمييز بين المرأة والرجل، ولكن اريد ان اطرح سؤالا عن استمرار تقليد الجاهات لحل النزاعات، هل تضعف سيادة القانون؟ pic.twitter.com/QmqTb0ieLo
أما ابتسام المناصير فكتبت: "النائبة ميادة شريم تقود جاهة صلح عشائري ضم ثلاث عشائر، وانتهت بالصلح، وذلك ما أثار قريحة البعض. وبمراجعة التعليقات، تجد أن المرأة بالنسبة إليهم مجرد كائن يعيش لخدمة الرجل".
النائبة مياده شريم تقود جاهة صلح عشائري ضم ثلاث عشائر وانتهت بالصلح وذلك ما أثار قريحت البعض ومراجعة التعليقات تجد ان المرأة بالنسبه لهم هي مجرد كائن يعيش لخدمة الرجل وجد النائبة في الجاهه اشوفه من حكم مكانه في البرلمان ⬇️ pic.twitter.com/hPlDDqvtNk
— Ibtisam Al Manaseer🇯🇴l ابتسام المناصير (@IbtisamManaseer) April 23, 2023
يشار إلى أن النائبة ميادة شريم وصلت إلى البرلمان الأردني بعد أن أجمع عدد من وجهاء مدينة قلقيلية على دعم خيارها الترشح للانتخابات النيابية 2020، مؤكدين أنهم سيبذلون كل جهودهم لإنجاح هذا الخيار وإيصال ابنتهم إلى قبة البرلمان.