تحمل الطفلة الفلسطينية، ملك الزوارعة (12 عاماً)، علم فلسطين خلال نشاط ترفيهي، نظمته رابطة "فلسطين تنتصر" الفرنسية بالتعاون مع شبكة صامدون، اليوم السبت، فوق رُكام منزل عائلتها المدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وقد رسمت على وجهها خريطة فلسطين باللون الأحمر، وابتسامة.
وشارك إلى جانب الطفلة الزوارعة، عدد من أطفال المنطقة التي دمر الطيران الحربي الإسرائيلي عدداً من المنازل فيها بشكل كامل على رؤوس ساكنيها، خلال العدوان الأخير على قطاع غزة. وقصفت الطائرات الحربية، في اليوم الأخير من شهر رمضان المنصرم، نحو 10 مبانٍ على رؤوس ساكنيها، دون أي تحذير مسبق، مخلفة 9 شهداء، من بينهم جنين ونساء وأطفال.
وتحوّلت الخيمة التي تسكنها الطفلة ملك وأهلها، خلال فترة النهار، بسبب قصف بيتهم، وعدم وجود مأوى لهم، إلى مركز للرسم على وجوه أطفال المنطقة المنكوبة، ضمن النشاط الترفيهي الذي نظمته رابطة "فلسطين تنتصر"، تضامناً مع الأطفال المُهدّمة بيوتهم.
وتقول الطفلة الزوارعة إنها شاركت في الأنشطة الترفيهية برفقة أشقائها وجيرانها، الذين يعيشون أياماً صعبة بسبب فقدان بيتهم، وبقائهم على الرُكام خلال النهار، حيث يتجهون ليلاً للمبيت في بيت جدهم، فيما يقول شقيقها الأصغر، محمد الزوارعة، "شعرنا بالفرحة المؤقتة، لأنّ هناك من لا يزال يتذكرنا".
وافتتحت الفعالية التضامنية مع الأطفال، بمؤتمر تضامني مع الأسرى الفلسطينيين، خاصة الأطفال منهم، إذ يضم رُكام المنطقة المنكوبة، بيت الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي، إبراهيم الزوارعة، وقد رفع المُشاركون صور الأسرى، ولافتات تطالب بالإفراج الفوري عنهم، ومن بينها "لا لزنازين الموت"، "لا للاعتقال"، فيما قالت الطفلة صمود السلطان، خلال كلمة لها، إنّ الأطفال الفلسطينيين يعانون داخل سجون الاحتلال، وحَمّلت حكومة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن حياتهم.
وانتقل الأطفال للرسم على وجوههم داخل الخيمة التي توسّطت رُكام المنطقة، في لوحة ألم ممزوجة بالأمل، حيث تحوّل عبوس الأطفال إلى ابتسامات، أثناء محاولة كل منهم طلب الرسمة التي يُحِب أن يراها على وجهه، فيما تفاعلوا مع أغاني الأطفال، ولعبوا مع المُنشطين، خلال الفقرات الترفيهية المتنوعة.
وتكفّلت الناشطة، فرانس السالمي، بالرسم على وجوه الأطفال المُشاركين في النشاط، والذين تسابقوا للوصول إلى ريشتها، وتوضح لـ "العربي الجديد" أنها شاهدت في عيون الأطفال رغبة لتجاوز الأيام الصعبة التي تمرّ فيها أسرهم وعائلاتهم التي تعرّضت لأبشع الممارسات الإسرائيلية خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، وقد باتوا بدون مأوى.
وتعتقد السالمي أنّ الفعاليات الترفيهية هامة للأطفال، بهدف تحسين حالتهم النفسية، خاصة بعد أن عاشوا أياماً صعبة، تعرّضت فيها حياتهم للخطر الحقيقي، وسمعوا حكايات مُرعبة عن تعرّض عائلات بأكملها للإبادة، بمن فيها من أطفال ونساء وكبار في السن. وأضافت: "من واجبنا الوقوف إلى جانب الأطفال كي يجتاوزوا هذه المرحلة الصعبة".
وتهدف الأنشطة إلى التفريغ النفسي عن الأطفال، خاصة أطفال المناطق المُدمرة، التي تعرّضت لمجازر إسرائيلية بشعة، خلال فترة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وذلك وفق هديل الغرباوي، منسقة النشاط.
وأوضحت الغرباوي خلال حديث مع "العربي الجديد"، أنّ الفعالية تدمج أشكال الألم الذي يعانيه الشعب الفلسطيني، في محاولة للتخفيف منه، إذ تم تنفيذ أنشطة ترفيهية مع الأطفال على أنقاض بيوتهم، فيما شملت وقفة إسنادية للأسرى على رُكام منزل الأسير الزوارعة.
ويسعى القائمون على النشاط إلى التفريغ النفسي عن الأطفال، عبر أنشطة مع أخصائية نفسية، إلى جانب تقديم الهدايا، وقد تمّ تنفيذها على الرُكام بغرض فضح الادعاءات الإسرائيلية التي تقول إنّ قوات الاحتلال تقوم بتحذير أهالي المنطقة قبل القصف، إذ أظهرت الصور، وعدد الضحايا، كذب الرواية الإسرائيلية، وفق تأكيد الفلسطيني زكريا الزوارعة، وهو من أهالي المنطقة، في حديثه مع "العربي الجديد". وقال الزوارعة إنّ الطائرات الحربية قصفت المنطقة دون سابق إنذار.