من الأمور اللافتة في الحياة، أنّ الإنسان يتعلم قواعد التصرف من ملاحظته أساليب الآخرين، فيما يندر تدريس هذه القواعد في شكل مباشر وصريح. وقد يعني ذلك أنّ الحياة تحكمها قواعد غير معلَنة. وهنا يطرح موقع "بيغ ثينك" السؤال الآتي: كيف يعرف الشخص أنّه يطبق قواعد الحياة في شكل صحيح، خصوصاً أنّ التعاملات تحتّم أحياناً أو حتى غالباً تقبل تطبيق قواعد تختلف عن الكلمات التي يعتاد المرء أن يتحدث بها أو المعايير الثقافية التي يتمسك بها؟
يرى المتخصص في السلوك الاجتماعي، سول كريبك، أنّ الناس يعتمدون في حياتهم اليومية سلسلة قواعد آداب، مثل تفادي التجشؤ في الأماكن العامة أو طبخ السمك في الميكروويف في المكتب، إضافة إلى قواعد غير معلنة تنطبق على استخدامهم كلمات ومفاهيم تؤسس حسب الفيلسوف النمساوي البريطاني الأصل، لودفيغ فيتغنشتاين "شكل حياتهم".
ويقول فيتغنشتاين: "ينتمي الناس إلى أشكال مختلفة من الحياة تمنحهم القيم التي يملكونها واللغة التي يستخدمونها. والأخيرة خصوصاً ذات تأثير كبير بطريقة تفكيرهم، فالعائلات على سبيل المثال قد تستخدم كلمات خاصة تجدها عائلات أخرى غريبة، أو قد تطبق دولة معينة معايير ثقافية يتجاهلها آخرون".
وهنا يجب تعلم قواعد معينة وفهمها، وبينها إمكان إساءة شخص فهم كلمة ما، علماً أنّ معظم البالغين لديهم مفردات تضم حوالى 30 ألف كلمة، ومعظمهم أيضاً لم يأخذ الوقت الكافي للبحث حتى عن جزء صغير منها والتمعن بها. وحتى لو فعلوا ذلك، فالكلمات تتحول وتتطور، ويمكن أن تموت لتولد أخرى جديدة يومياً.
ويجادل بعض العلماء بأنّه حين يكون الشخص جزءاً من شكل من أشكال الحياة، أو عندما يقبل نظاماً يتضمن جملة قواعد تصرف، فإنّ جزءاً من تطبيقها يعني أنه لا يشكك فيها. ويشير أحدهم إلى أنه حين يلعب شخص الشطرنج، فهو لا يمضي كلّ وقته في التساؤل عن سبب تحرك الفرسان بطريقة لا معنى لها، بل يقتنع بأنّه يزاول لعبة فقط.
ويرى هؤلاء أيضاً أنه حين يتحادث أشخاص، لا يشعرون بأنهم مقيّدون بسبب الشك في أنّهم قد يختارون كلمات خطأ، بل يفترضون دائماً أنهم على حق، ويواصلون الحديث. ويعني ذلك أنّ فهم قواعد التصرف هو قبولها، لا الشك فيها. أما فكرة كون التصرف نفسه صحيحاً، فتظل أمراً مثيراً للاهتمام تواجهه غالبية الناس بالاعتقاد بأنهم أكفياء وأذكياء حتى حصول شيء ما.